«تفاصيل صغيرة»
«تفاصيل صغيرة»
يقول سقراط: «إعرف نفسك».
عبارة قد تبدو بديهية، لكن إلى أيّ مدى نحن حقاً نعرف ذواتنا؟
في واقع الأمر، تلك العبارة هي دعوة ليست فقط إلى التأمل، ولا إلى معرفة الإنسان نفسَه، إنما هي دعوة إلى معرفة الآخر من خلال معرفتنا ذاتَنا. فالطبيعة البشرية بخطوطها العريضة واحدة. قد تتغيّر التفاصيل، الأمزجة، الميول، الرغبات، الأهواء، نتيجة تغيّر البيئات واختلاف ظروف حياة ونشأة الأشخاص، لكن كلّما ارتفعنا في رؤيتنا وألقينا نظرة علوية سيكون بإمكاننا أن نرى نقاط التشابه ونقاط الاختلاف.
لكن، هل يولد الإنسان مجبولاً على الخطأ؟ هل يولد مجرماً؟ من المعروف أن دراسات كثيرة أجريت في هذا المجال، وغالبية دارسي النظريات الجنائية يعرفون نظرية «لامبروزو» الذي افترض أن هناك صفات بنياوية تميّز شكل المجرم. بمعنى أنّ مجرد توفّر صفات شكلية معيّنة في الشخص فهي دليل على أنه مجرم بالفطرة. ضيق الجبين صغر العينين، شكل الجمجمة. إلّا أنّ ذلك مجرّد دراسات وسعي إلى محاولة فهم حالة الإجرام ودوافعها. وهو ما نجده أيضاً في رواية «الجريمة والعقاب» لدوستويفسكي.
برأيي الشخصي، لا مجرم بالفطرة، إنما أحياناً، نجد لدى الشخص ميولاً إن لم توجّه توجيهاً سليماً قد تؤدّي به إلى طريق الإجرام. كما أنّ الظروف تلعب دوراً إيجابياً أو سلبياً في تشجيع الفرد على سلوك طريق الخير أو الشر. طريق الفضيلة أو الرذيلة.
لنتذكّر، ونحن نحاكم الآخرين ونصدر أحكاماً أخلاقية بحقهم. لنتذكر قول المسيح: «من كان منكم بلا خطيئة فليرمني بحجر» والمعصوم من عصمه الله وللحديث تتمة.
منى عبد الكريم