الصراخ والدلع العجيب والتصنّع في «Tele Stars»
جهاد أيوب
لا خلاف على أنّ برامج المنوّعات مطلوبة، وتحديداً في الفضائيات التي تعتمد على المادة السياسية الجاهزة، وإبراز الخلافات الطائفية التي تمسّ الأمن الوطني والقومي، وهمّها «النقّ» والشكوى وادّعاء المظلومية والمسكنة. لذلك، تعمد إلى تقديم برامج فنّية استفزازية وفضائحية انتقادية لاذعة، ضرورية من أجل التخفيف من الضغط على مُشاهديها ومتابعي أخبارها.
وبرنامج «TeLe StaRs» على فضائية «المستقبل» يندرج ضمن المجلة الفنية الانتقادية المطلوبة في مثل ظروف الواقع السياسي والاجتماعي العام والخاص.
البرنامج من تقديم كارين سلامة، ومن إخراج هادي أبو وردة، وكان قد قُدّم شراكةً بين كارين والممثل وسام حنّا ولم يحقّق النجاح المطلوب، واستمرّ رغم إنتاجه المتواضع، واعتماده على ما تيسّر من الضيوف والصحافيين، ورغم انسحاب حنّا منه، وانتقاله إلى تقديم برنامج خاص على قناة منافِسة. والغريب، أنّ الاستمرار حصل من دون تطوير فقرات البرنامج، ومن دون دراسة وافية لطبيعة كارين وأسلوبها وإمكانياتها.
تعتبر كارين سلامة الأكثر صموداً في قناة «المستقبل»، ولا تزال تنتظر فرصة أكبر منذ أن وُظّفت فيها، مع أنّها حصلت على أكثر من فرصة، ولم تستطع من خلالها أن تطوّر أدواتها، وأن تقطف النجاح اللافت والمطلوب. ورغم متابعتنا لها منذ انطلاقتها الأولى، لا تزال كارين تقف مكانها، ثابتة من دون تطوّر في أدواتها سوى أنّ العمر يمرّ كسرعة البرق. لم تتقدّم، ولم تختلف عن السابق، فقط زاد ارتفاع صوتها حدّة، وصراخها قوّة، وغنجها حضوراً وانكشافا متعمّداً.
ولا ننسى اعتمادها حالياً على «الدلع» غير المبرّر الذي لم يكن سابقاً، والأخطر تعمّدها إعطاء رأيها الشخصي. ولا يهم إذا كان هذا الرأي منطقياً أو مهنياً ومسؤولاً، أو معتمداً على النقد والمعرفة. المهم رمي الكلام، وتعبئة الفقرات والسلام.
وبسرعة، ومن دون أيّ مقدّمات توجب، ولمجرّد تقديمها «خبرية» لا تروق لها، تسارع كارين إلى شخصنة أيّ خبر أو موضوع تقدّمهما. ثمّ ترفع صوتها من دون أيّ مبرّر. وإذا كان الخبر ينسجم مع تطلّعاتها وذوقها، تجد طريقها إلى الدلع ولا نعرف سببه، وهات يا مديح. وبعد برهة، تعود لتؤكّد «دلعها» مع غنج مفرط ومقحم إقحاماً. وإذا شعرت أنها لم توفِ المادة حقّها، تزاوِج «دلعها» بضحكة قاسية لا تفارقها في كلّ مناسبات برنامجها. يعني أنّ كارين تحبّ خلط أوراقها كما لو أنها تغرّد خارج سرب التقديم، أو هي في منزلها تهتمّ بأمور الترتيب والأولاد والجيران والزوّار، وليست على قناة منتشرة ومشاهَدة فضائياً.
وهذه ميزة تصاحِب كارين منذ مدة في هذا البرنامج، ما يُفقدها المصداقية والموضوعية. والأغرب اعتمادها العصبية الواضحة والمزعجة إذا لم يعجبها الخبر أو النقد أو تصرّف أحد الفنانين. أما كثرة رفع يدها اليمنى واستخدام يدها اليسار لإشارات استنكارية، فإن ذلك يُشعرنا بأننا في مأتم، والمنكوبة بفقدان عزيزها تشبّر وتكبّر وتعبّر للدلالة على استنكارها المصيبة التي وقعت عليها. وهنا نكون قد وصلنا كمشاهدين إلى مشاركتها المصيبة لنقع في معضلة النقد والصراخ مع من يجالسنا، والأفضل في حال كهذه تغيير المحطة، واتّخاذ القرار الحاسم بعدم إعادة فعل المشاهدة حتى لا نعاود المعاقبة، واستفزاز ذواتنا وبإرادتنا.
وقد نكون من الظالمين لكارين من خلال هذه الملاحظات المباشرة من دون أن نحترم أن هذه الأمور التي ولدت معها من جرّاء مسيرتها الطويلة بعيداً عن تقليد الآخرين، فتوصّلت إلى ابتكار هذا الأسلوب المغاير كلّياً عن تقاليد التقديم وعاداته وأصوله.
وقد تكون كارين قد تعمّدت هذه التجربة كي يقال إنّ لا مثيل لها، فأدخلتنا في مرحلة جديدة في تقديم البرامج بطريقة مختلفة عن المألوف، وفنّ الإعلام المعاصر الذي يشبه نكبتنا العامة.
ما ذكرته يشكّل نقطة ضعف أساسية في برنامج كهذا، يعتمد على الخبر، ثمّ استضافة شخصية صحافية تعطي رأيها في بعض الأعمال الفنية المطروحة للنقد وإعطاء الرأي. والأهم أن نتحدّث عن أعمال سمعناها وشاهدناها، ولدينا الكثير من المعلومات حولها، وبذلك نضمن الإصابة السليمة والمباشرة بعيداً عن الارتجال في الرأي الذي يسبّب التعصيب والصراخ والغنج المدلّل وارتفاع الصوت. للأسف فاقد المعلومة يهرب إلى ما ذكرناه من ردود الفعل حتى يغطّي عجزه.
لو تشاهد كارين حلقات ما تقدّمه، وتراقب ما تفعله، وتقف عند ما تقوله، وكيف تقع في ردود فعلها، لخفّفت علينا تعب المشاهدة، نحن المتطفّلين الهاربين إلى معرفة المزيد من أخبار النجوم.