تحسن نسبي وتوقعات ترفع نسبة النموّ من 1 الى 2 في المئة
أشار التقرير الاقتصادي الفصلي الذي صدر عن «بنك عودة» للفصل الثاني من العام 2014 الحالي إلى تحسّن نسبي في الاقتصاد اللبناني خلال النصف الأول من العام الحالي، لكن النموّ بقي دون القدرة الفعلية للاقتصاد على تسجيل المستوى المرجو منه، وذلك في خضم استمرار التلبّد الاقليمي وتداعياته المباشرة على الساحة المحلية.
ورفع «صندوق النقد الدولي» توقّعاته لنموّ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في العام 2014 في هذا المناخ، من نسبة 1 في المئة بحسب تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» إلى نسبة 2 في المئة، وفق تقرير مشاورات المادة الرابعة الصادر حديثاً.
ويشير التقرير في تقييمه للوضع الحالي وآفاق الاقتصاد اللبناني الذي شهد مناعة ملحوظة خلال السنوات الأخيرة، إلى نقاط الضعف والفرص والتحديات وفق الآتي:
على صعيد نقاط القوة: الدخل الفردي المرتفع والأعلى بين البلدان المجاورة، الدعم القوي من قبل المغتربين اللبنانيين للاقتصاد الوطني، التدفقات المستمرة للأموال الوافدة والمدعومة بقاعدة كبيرة من المدخّرات الخارجية، الإطار الرقابي الصارم للقطاع المصرفي اللبناني، السجل الطويل من الاستقرار النقدي، المستويات القياسية للموجودات الخارجية لدى «مصرف لبنان» بالقيم المطلقة والقيم النسبية، الديمومة المحققة على صعيد استقرار الأسعار مع نسبة تضخم منخفضة نسبياً، ناهيك عن قدرة لبنان تاريخياً على تسديد ديونه العامة المستحقة على رغم الأزمات الاقتصادية والسياسية الحادة التي ألمّت بالبلاد.
وفي ما خصّ نقاط الضعف: الأوضاع السياسية الداخلية الشائكة في ظلّ المنسوب المرتفع في حدة التجاذبات السياسية المستمرّة محلياً، المديونية العامة الكبيرة والعجز المالي المرتفع مقارنةً مع حجم الاقتصاد المحلي، العجز التجاري الكبير وما يولّده من عجوزات مستدامة في ميزان الحساب الجاري، التراجع في حركة الاستثمار الإجمالي في ظلّ حالة من الترقب والتريث في أوساط المستثمرين المحليين والإقليميين، ما أجّل القرارات الاستثمارية الكبرى في البلاد، إضافةً إلى النموّ الاقتصادي الواهن للعام الرابع على التوالي.
أما على مستوى الفرص: النموّ الممكن للطلب الإجمالي في ظلّ فجوة كبيرة بين الناتج الفعلي والناتج الممكن تحقيقه، القطاع الخدماتي القوي والمتنوع والدور الذي يمكن أن يستحوذه على المستوى الإقليمي، الفرص الجمّة التي تحملها إعادة إعمار سورية للمؤسسات اللبنانية عموماً، وأخيراً الاحتياطات الكبيرة من النفط والغاز التي من شأنها توفير مخرج لمعضلة المالية العامة على المدى الطويل.
وعلى صعيد المخاطر: التداعيات المباشرة والمستمرة للاضطرابات الإقليمية على الاقتصاد الوطني، تردي الأوضاع الأمنية الداخلية على رغم الخطط الأمنية المشدّدة في جميع أنحاء البلاد، الضغوط الداخلية جرّاء الأعداد الكبيرة والمتزايدة من اللاجئين السوريين في لبنان، التردي النسبي في الأساسيات الماكرو اقتصادية في ظل تزايد الاختلالات المالية والخارجية، إضافةً إلى التداعيات السلبية المحتملة لمسألة سلسلة الرتب والرواتب على الاقتصاد اللبناني في شكل عام.
ومع ما سبق، فإنّ الفرص الحقيقية لا تزال قائمة في سياق معادلة مجزية بين المخاطر والعوائد، خصوصاً على المدى الطويل، في حين أن المخاطر السياسية والاقتصادية تتجلّى بشكل ملموس.
وفي هذا السياق، تجدر الاشارة إلى أنّ الرهانات في المدى الطويل على الأسواق اللبنانية أثبتت صوابيتها، بتوفيرها عوائد مجزية نسبياً مقارنة مع الأسواق المماثلة. وفي حين أن لبنان مرّ بحلقات عدة من الصدمات الداخلية والخارجية، فقد نجح دوماً في الخروج من أتون الأزمات على المدى البعيد. من هنا، فإنّ مسار الاقتصاد الوطني والأسواق اللبنانية على المدى الطويل يعزز فكرة أن الاقتصاد محكوم بتقلبات دورية ينتفي معها كل من التشاؤم عند تأزم المناخ الداخلي أو التفاؤل عند انتعاش الظروف المحلية. فليس للتشاؤم الدائم أو للتفاؤل المفرط أي أسس عقلانية في بيئة اقتصادية تشوبها تقلبات دورية متكررة بشكل عام.