قذائف الغدر لم تمنع السوريّين من الوقوف في طوابير طويلة لحضور الأفلام العالميّة

دمشق ــ سلوى صالح

رغم قذائف الغدر والشر التي يحاول من خلالها الإرهابيون النيل من صمود السوريين، والتي تستهدف أنحاء متفرقة من دمشق، فإن إرادة الحياة لم تمنع السوريين من الغوص في تفاصيل حياتهم اليومية، بما فيها النشاطات الفنية المختلفة وارتياد الأماكن الثقافية، مع تعطش الناس إلى كل ما هو جميل حجبته سنوات الأزمة التي مرت بها البلاد. ولعلّ منظر الطوابير الطويلة على شبابيك التذاكر في دار الأسد للثقافة والفنون قبل ساعات من عروض أفلام مهرجان الأفلام العالمية الحديثة التي تعرض في سورية بالتزامن مع عرضها في عواصم السينما العالمية يبرر قرار مؤسسة السينما باعادة أهم الأفلام التي عرضت في المهرجان طوال آذار المنصرم من ناحية، ويبشر بعودة الحراك الثقافي إلى ما كان عليه قبل الأزمة من ناحية أخرى.


لأن دمشق تستحق بجدارة تظاهرة ثقافية كهذه، بحسب تعبير محمد الأحمد، مدير مؤسسة السينما، فإن عدد الأفلام كان مفاجئاً رغم من مقاطعة بعض الشركات السينمائية للمؤسسة، إذ عرض خمسة وسبعون فيلماً مجاناً في المرة الأولى، ويعرض سبعة عشر فيلما حاليا بمعدل ثلاثة أفلام يومياً بسعر رمزي، في أوقات تناسب الجميع الذين يتحدون بحضورهم قذائف الهاون التي تسقط في محيط الدار.

وعرض الأفلام التي قاربت المئة في صالة الدراما التي تتسع لسبعمئة وخمسين مشاهداً، وكانت تغص بالحضور في معظم الأفلام، خاصة فيلم الافتتاح «الكلمات» من بطولة برادلي كوبر ودنيس كوايد وجيريمي آيرونز. كذلك فيلم الخيال العلمي «الجاذبية» للكاتب والمخرج المكسيكي ألفونسو كوارون وتمثيل النجمين جورج كلوني وساندرا بولوك، والفيلم الدرامي الرومانسي غاتسبي العظيم للمخرج الأسترالي باز لورمان، بطولة النجم ليوناردو دي كابريو.

من خلال لقاءات أجرتها وكالة «سانا» مع بعض الذين يقفون في هذه الطوابير كان اللافت أن 99 في المئة ممن يحضرون الأفلام هم من طلاب الجامعات والمعاهد الذين أتاحت لهم عملية اعادة أهم الأفلام فرصة ذهبية لتدارك حضور ما فاتهم من أحدث الأفلام العالمية، في مكان حضاري هو دار الأوبرا.

وأجمع الشبّان والشابات على أنهم حضروا إلى هذا المكان مدفوعين بحبهم للسينما ورغبتهم في الحضور مع زملاء الدراسة للاستمتاع بمشاهدة الأفلام المهمة في سوق الفيلم الدولي، خاصة في هذا المكان الجميل القريب من أماكن دراستهم، بعدما أغلقت معظم صالات السينما في دمشق أبوابها بسبب الأزمة.

يامن شياح، طالب تربية رياضية، يقول إنه حضر فيلم سقوط «اولومبيوس» وفيلم «المشعوذ»، معتبراً أن الافلام المعروضة مميزة، وهو نشاط ثقافي ممتع أدى إلى نشوء حراك طالبي بين زملاء الجامعة، علماً أن سعر البطاقة رمزي لا يتجاوز خمسين ليرة للبطاقة لكون الطالب يحظى بحسم خمسين في المئة. فيما رأى جمال مصطفى طالب معهد تقنيات الكمبيوتر أن فكرة الإعادة جيدة لمن فاته حضور الأفلام في العروض السابقة، والمفيد أن برنامج العروض ادرج على مواقع التواصل الاجتماعي، ما أتاح لأكبر عدد من الطلاب حضور الأفلام المتنوعة التي تناسب جميع الأذواق.

ويقول عمر حمامي: «الأفلام عالمية حديثة ومستواها جيد، لكننا نريد الإكثار من أفلام الرعب والأكشن. الإقبال ممتاز ومجرد دخولنا دار الأسد يشجعنا على حضور الفعاليات الثقافية الأخرى في هذا المكان مثل حفلات الموسيقى والغناء. لم أكن أتوقع دخول هذا المكان الفخم بهذه البساطة».

رامي شياح طالب ترجمة: «شاهدت عدة أفلام في عروض آذار، خاصة أفلام الأكشن التي أحبها. وأجمل ما في الأفلام أنها حديثة ومتنوعة، وكنا نتمنى لو أعيدت الأفلام كلها التي عرضت الشهر الفائت، وسبب الإعادة كثرة الإقبال على مشاهدة الأفلام ففي عروض بعض الأفلام كانت تنفد البطاقات قبل ثلاث ساعات من العرض، وكانت العروض مجانية، علماً أن معظم دور السينما أغلقت أو توقفت».

ريما، طالبة هندسة: «أحب أفلام الأكشن وأفلام الدراما عامة لما فيها من لحظات مؤثرة، وأحاول معرفة كل شيء عن الفيلم قبل أن أقرر حضوره، عن طريق الأنترنت أو من الأصدقاء، وأحيانا أختار الفيلم بحسب الممثلين المشاركين فيه. شاهدت ستة أفلام حتى الآن. المكان مميز لكونه في وسط المدينة وقريب من الجامعة. فكرة الإعادة جيدة إذ اختيرت الأفلام التي كان هناك إقبال عليها، ولا أفضل عرضها على مدار السنة لأن ثمة فترة امتحانات وفترات محاضرات».

حسن سلطان يحب الأفلام الكوميدية عامة: «فكرة الإعادة لأكثر الأفلام مشاهدة ممتازة وأحب الحضور إلى هذا المكان مع الأصدقاء. في الوقت الراهن، لا عروض في دور السينما الأخرى، و«سينما سيتي» أغلقت. حتى لو كان هناك عروض لا نستطيع ارتياد السينما في هذه الظروف بسبب توقيتها المتأخر ومعاناة الرجوع الى المنزل. هنا التوقيت والمكان مناسبان وحبذا لو تكون العروض على مدار السنة.

دارين، طالبة اقتصاد، شاهدت فيلما رومانسياً إذ تحب هذه النوعية من الأفلام وحضرت عدة أفلام، وتعتبر فكرة الاعادة جيدة، وتفضل الحضور إلى هذا المكان الراقي لان الأجواء طالبية وقرب الجامعة فضلاً عن أسعار البطاقات الرمزي، وتطالب بعرض أفلام على مدار السنة، خاصة في فترة الأزمة بعدما أصبحت المشاوير محدودة.

ربما كانت فكرة عرض الأفلام على مدار العام جيدة، رغم معارضة البعض هذه الفكرة. لعل متابعة عروض الفن السابع تصبح طقساً يومياً ليس لدى شبابنا وشاباتنا فحسب، بل لدى فئات المجتمع كلها ولدى الفئات العمرية المختلفة. هذا ما يثير استغرابنا وتساؤلنا. لماذا لم تستفد هذه الفئات بفرصة ذهبية كهذه؟!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى