هل تتورّط تركيا في حرب مع العراق؟

إبراهيم ياسين

مع اقتراب معركة تحرير الموصل من تنظيم داعش الإرهابي تصاعد التوتر في العلاقات العراقية – التركية على نحو غير مسبوق، على خلفية إصرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الإشتراك في المعركة تحت عنوان الحفاظ على التوازن في المدينة ومنع قوات الحشد الشعبي العراقية من المشاركة في العملية، وبلغ الأمر بأردوغان حدّ إعطاء نفسه حق التدخل في الشأن العراقي باعتباره جزأً من التحالف الدولي للحرب ضدّ داعش على الرغم من معارضة الحكومة العراقية الشرعية لهذا التدخل التركي السافر في العراق ومطالبتها بانسحاب هذه القوات من الأراضي العراقية دون قيد أو شرط.

هذا السجال العراقي – التركي دفع بالولايات المتحدة الأميركية إلى انتقاد الموقف التركي واعتبار وجود الجيش التركي في الأراضي العراقية غير شرعي. كما أنّ الجامعة العربية اتخذت موقفاً داعماً لموقف الحكومة العراقية ضدّ التدخل التركي باعتباره انتهاكاً للسيادة العراقية.

هذا التطور في الأحداث المترافق مع التحضير لمعركة الموصل، صاحبه أيضاً تطورٌ خطيرٌ تمثل في الكشف عن وجود خطة أميركية لتأمين خروج آمن لآلاف الإرهابيين من تنظيم داعش من مدينة الموصل إلى محافظة الرقة السورية، وذلك لتحقيق هدفين.

الهدف الأول: الحيلولة دون القضاء على هذه القوة الإرهابية التي تستخدمها الولايات المتحدة الأميركية ورقة في سياق تنفيذ استراتيجيتها في كلّ من سورية والعراق.

الهدف الثاني: وهو ما أشار إليه قائد المقاومة السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير في ذكرى عاشوراء، ويتمثل في العمل على تجميع عناصر داعش في شرق سورية من أجل إدامة الحرب وإطالتها لاستنزاف سورية والقوات الحليفة والداعمة لسورية، وتمكين داعش والإرهابيين من السيطرة على مدينة دير الزُّور ومطارها العسكري ومدينة تدمر، ومن ثم العودة إلى قيام داعش بعمليات التفجير في العراق لمنعه من الاستقرار واستعادة عافيته. هذه الاستراتيجية الأميركية اتجاه معركة الموصل يحاول الرئيس التركي الاستفادة منها بطرح مشاركة الجيش التركي في عملية تحرير الموصل باعتباره جزءاً من التحالف الدولي من أجل تحقيق أهداف أطماع تركيا التاريخية العثمانية في مدينة الموصل الغنية بالنفط، وذات التركيب السكاني المتنوع، وهذه الأهداف التركية تعود أيضاً إلى مرحلة تقسيم المنطقة في اتفاقية سايكس بيكو، حيث كانت تركيا تريد الإبقاء على سيطرتها على الموصل وضمّها إلى تركيا في إطار هذه الإتفاقية، غير أنّ كلاً من بريطانيا وفرنسا عارضتا ذلك وأعطتا تركيا بدلاً عن الموصل لواء الإسكندرون السوري. هذه الأهداف – الأطماع ، التركية القديمة الجديدة لا يبدو أنها سهلة التحقيق، فدونها الكثير من العقبات التي تعترضها والتي تحول دونها، وأبرز هذه العقبات إصرار تركيا على هذا المخطط الذي سوف يجعل منها قوة احتلال، وبالتالي في مواجهة مع الجيش العراقي والقوات الشعبية الرديفة له وعموم الشعب العراقي، وهذا يعني أنّ تركيا سوف تتورّط في حرب تستنزف قدراتها فيما هي تعاني أصلاً من حرب داخلية قديمة – متجدّدة منذ أكثر من سنة مع حزب العمال الكردستاني.

في المقابل فإنّ قواتها التي دخلت مؤخراً إلى سورية أيضاً تواجه القوات الكردية المناصرة لحزب العمال الكردستاني، وهذا يعني أنّ تركيا ستكون في حال حرب وستقاتل على ثلاث جبهات تضطر فيها إلى توظيف قدرات عسكرية ومالية كبيرة تزيد من حجم قدراتها الاقتصادية والمالية التي تعاني في الأصل من أزمات كبيرة، فيما أنّ تورّطها في سورية والعراق يفتقد إلى أيّ غطاء شرعي، إنْ كان على المستوى الدولي والإقليمي أو من قبل حكومتي سورية والعراق. وهذا أيضاً يجعل الحكومة التركية في وضع مكشوف وعار من أيّ تأييد سياسي وعرضة لانتقادات شديدة في الداخل والخارج، علماً بأنّ أردوغان يواجه معارضة داخلية لمثل هذا الخيار. وهو ما زال يعيش هاجس الانقلاب العسكري الأخير وتداعياته على كافة المستويات داخل الجيش وخارجه وعلى المستوى الحكومي والشعبي.

لذلك، هل أنّ المعارضة القوية للحكومة المركزية العراقية وإلى جانبها كلّ الأحزاب والقوى السياسية العراقية، وعلى الرغم من عدم توافر أيّ تأييد إقليمي أو دولي لمثل هذا التدخل التركي في الشؤون الداخلية العراقية والخوف من تداعياته السلبية هل سيدفع بالرئيس أردوغان وحكومته إلى إعادة النظر في مثل هذه السياسة العدوانية وبالتالي الإنسحاب من الأراضي العراقية؟

سؤال تجيب عليه الأيام القليلة المقبلة…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى