«المستقبل» تُرجئ ترشيح عون و«التحرير والتنمية» لن تنتخبه وتتّجه إلى المعارضة «الوطني الحرّ» يرفض الحديث عن الثنائيّة: نهجنا الانفتاح على كلّ المكوِّنات

لم تُعلن كتلة «المستقبل» أمس ترشيح رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون لرئاسة الجمهوريّة، إذ بدا أنّ الأجواء السياسيّة التي سبقت وواكبت وأعقبت اجتماع الكتلة برئاسة سعد الحريري لم تكن ملائمة لهذا الإعلان، ولا سيّما موقف عين التينة الذي عبّر عنه صراحةً وزير المال علي حسن خليل، وأكّد فيه أنّ كتلة التحرير والتنمية التي يرأسها رئيس المجلس النيابيّ نبيه برّي ستصوِّت ضدّ «وننتقل إلى المعارضة»، فيما تسارعت الاتصالات واللقاءات بين عين التينة وبيت الوسط من جهة، وبين الأولى والمختارة من جهةٍ ثانية، ليظهر بنتيجتها أنّ الأمور لم تُحسَم نهائيّاً بعد بانتظار المزيد من الاتصالات، علماً أنّ كتلة «المستقبل» اعتبرت أنّ «الأولويّة في هذه الفترة الحرجة والطويلة والخطيرة من الشغور الرئاسيّ، هي لانتخاب رئيس للجمهوريّة وفقاً للدستور والتزاماً به وتنفيذاً لموادّه».

في المقابل، اعتبر «التيّار الوطني الحرّ» أنّ «أيّ كلام عن الثنائيّة المسيحيّة – السنيّة هو كلام غير مسؤول وغير مقبول»، و قال بعد اجتماعه أمس: «نحن أبناء التفاهمات الواسعة الوطنيّة، ونهج العماد عون هو الانفتاح والاستيعاب والميثاق، وهو نهج يشمل كلّ المكوّنات».

لقاء عين التينة

فعلى صعيد الاتصالات، شهدت عين التينة مساء أمس اجتماعاً بين رئيس المجلس النيابي نبيه برّي ووفد من الحزب التقدميّ الاشتراكي ضمّ تيمور وليد جنبلاط والوزيرين وائل أبو فاعور وأكرم شهيّب والنائب غازي العريضي بحضور الوزير خليل، ودار الحديث حول التطوّرات الراهنة والاستحقاق الرئاسيّ.

وقال العريضي بعد اللقاء: «التقينا برفقة الرفيق تيمور جنبلاط والرفاق الوزراء في الحزب دولة الرئيس برّي لاستمرار واستكمال النقاش معه حول ما يجري في البلد والاستحقاقات المرتقبة».

أضاف: «بطبيعة الحال لبنان يعيش مرحلة صعبة وحسّاسة ودقيقة، ربما ساعات وأياماً دقيقة في ما يتعلّق بالاستحقاق الرئاسيّ. حرصنا دائماً أن يكون التشاور والتنسيق مع دولة الرئيس برّي ثابتَين وراسخَين، نظراً لما يجمع بيننا على مدى سنوات من الزمن، ولموقع هذا الرجل في التركيبة السياسيّة اللبنانيّة ولمساهمته الدائمة في حماية هذه التركيبة. وبطبيعة الحال، نحن على تواصل مع كلّ القوى السياسيّة، لأنّ رأينا في الأساس وفي أصعب الظروف كان الحوار والحوار والحوار بين جميع اللبنانيّين. طبعاً من الأفضل للبلد وللجميع أن تكون تسوية وأن يكون تفاهم وتنسيق وتعاون، فالبلد لم يعد يحتمل المزيد من الأزمات والانقسامات ومزيد من التشنّجات».

وأملَ «أن نصل من خلال هذا التوجّه إلى تهدئة وتبريد الأجواء والوصول إلى تفاهم ما. ليس ثمة شيء نهائيّ حتى الآن، وعندما يحصل أيّ تطوّر لكلّ حادث حديث».

سُئل: موقف الرئيس برّي كان صريحاً بأنّه لن ينتخب العماد عون؟ فما هو موقفكم، هل أنتم مع العماد عون أو لن تنتخبوه؟

أجاب: «نحن نتفهّم موقف الرئيس برّي وهو يتفهّم موقفنا. لا مشكلة بيننا وبين الرئيس برّي، صحيح أنّه أعلن هذا الموقف، نحن بانتظار ما يستجدّ من أمور وسيكون لنا موقفنا. نحن لقاء ديمقراطيّ، ولدينا مرشّح منذ شهور هو النائب الأستاذ هنري حلو. كان الاتفاق بيننا منذ اللحظة الأولى لإعلان الترشيح الاحترام والتقدير الكاملين لزميلنا هنري».

وكان الحريري استقبل في بيت الوسط الوزير خليل، وعرض معه المستجدّات السياسيّة في البلاد.

وسبق اللقاء تصريح لخليل من مجلس النوّاب، قال فيه بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام»: «لن نقاطع جلسة انتخاب الرئيس، ولكن لن نمشي مع العماد عون وسنصوِّت ضدّه وننتقل إلى المعارضة».

وأوضح خليل، «أنّ المشكلة مع العماد عون لا تُحلّ بمجرد زيارة»، لافتاً إلى أنّ « وزير الخارجيّة و المغتربين جبران باسيل يتحدّث دائماً عن الميثاقيّة وليس عن الوفاق الوطني، يعني العودة إلى ميثاق 1943 والثنائيّة المارونيّة السنيّة وهذه لن نرضى بها وسنواجهها»، لكن خليل نفى أن يكون استعمل مصطلح «الثنائية السنية – المارونية».

«المستقبل»: الأولويّة لانتخاب رئيس

أمّا كتلة «المستقبل» التي عقدت اجتماعها الدوريّ برئاسة الحريري، فاعتبرت في بيان أنّ «الأولويّة في هذه الفترة الحرجة والطويلة والخطيرة من الشغور الرئاسيّ، هي لانتخاب رئيس للجمهوريّة وفقاً للدستور والتزاماً به وتنفيذاً لموادّه، باعتبار أنّ الدستور هو الوثيقة الدستوريّة الوحيدة التي توافَق عليها اللبنانيّون، ولم يعد بالتالي وجود لأيّ قواعد أخرى تُعتمد من خارجه».

ورأت أنّ «المهمّة المركزيّة والأساسيّة للنوّاب والقوى السياسيّة الآن، هي العمل لانتخاب رئيس للجمهورية وفقاً لأحكام الدستور. وبالتوازي مع ذلك، ينبغي الحرص على تفعيل عمل المؤسّسات الدستوريّة، وتحديداً مجلس النوّاب ومجلس الوزراء، لكي يُصار إلى معالجة القضايا والمسائل المُلحّة والضروريّة بفعاليّة من أجل تلبية حاجات الناس والبلاد والاقتصاد الوطنيّ الذي يعاني من أزمة اقتصاديّة كبيرة وتراجع كبير وخطير في كلّ المؤشّرات. لذلك، فإنّ كلّ تأخير في انتخاب رئيس الجمهوريّة، وكلّ عرقلة لعمل المؤسّسات الدستوريّة، وتحديداً لعمل مجلس النوّاب ومجلس الوزراء، يعرِّض البلاد إلى مفاقمة الأخطار الراهنة والمحتملة على كلّ المستويات الوطنيّة والسياسيّة والأمنيّة والماليّة والاقتصاديّة».

«التغيير والإصلاح»: رفض التهديد

وبالتوازي، أكّد تكتّل «التغيير والإصلاح» في بيان بعد اجتماعه الأسبوعيّ في الرابية برئاسة عون، تلاه الوزير السابق سليم جريصاتي، أنّه «بعدما أصبح المرشّح الطبيعيّ الميثاقيّ محصّناً بمروحة واسعة من التأييد الوطنيّ، ما يدلّ على أنّ الميثاق يسمو أيّ اعتبار، وعلى ما قاله العماد ميشال عون في ندائه للاحتفاء بذكرى 13 تشرين، إنّ الميثاق إمّا منتصر أو هو قضيّة في حدّ ذاتها يرخص في سبيلها كلّ نضال كي تنتصر، فإنّ مشهدية 16 تشرين برمزيّة 13 تشرين تختصر كلّ هذه الرؤية والنهج الانفتاحيّ والاستيعابيّ والصامد على الثوابت الميثاقيّة والوطنيّة».

أضاف: «خطاب العماد عون، كما خطاب رئيس التيّار الوطني الحرّ الوزير جبران باسيل، فيهما كلّ الدلالات، وفي كلّ كلمة منهما استعادة لماضٍ جامع، وعهد والتزام بأن يضمّ مشروع إنهاض الدولة كلّ مكوِّنات الوطن ولا يستثني أحداً، طالما أنّ العنوان هو احترام الميثاقيّة والشراكة الوطنيّة من دون كيديّة أو عزل أو قهر على ما قال حرفيّاً الجنرال».

وتابع جريصاتي: «من هذه المنطلقات، من غير المقبول إطلاقاً كلّ كلام يخرج عن هذا النهج الانفتاحيّ الاستيعابيّ الميثاقيّ بمعرض معركة رئاسيّة، فهل نحن من يعود إلى الثنائيّات؟ هذا الكلام غير مقبول، لا في الشكل ولا في المضمون، ونحن لا نفهمه ابتزازاً لنا من منطلق أنّ مرشحنا هو مرشّح طبيعيّ وميثاقيّ، بل هو ابتزاز لمن يؤيّدنا ولا نقبله، وما لا نقبله لأنفسنا لا نقبله لمن يؤيّدنا».

واعتبر «أنّ أيّ كلام عن الثنائيّة المسيحيّة – السنيّة هو كلام غير مسؤول وغير مقبول، وهو يصبّ في فتنة نأمل ألّا تكون مقصودة وسوف نتصدّى لها في مطلق الأحوال، فنحن نرفض أن يهدّدنا أحد أو يهدّد اللبنانيّين بحرب أهليّة وما شابه بكلام يخرج عن الأجواء السائدة، ونحن لا يُقال لنا مثل هذا الكلام، والكلّ يعرف عصَبنا وليس تعصّبنا، ونحن أبناء التفاهمات الواسعة الوطنيّة، ونهج العماد عون هو الانفتاح والاستيعاب والميثاق، كما قلنا، وهو نهج يشمل كلّ المكوّنات».

وتابع جريصاتي: «اتُّهمنا أنّنا ضدّ السنّة في تحالف مع الشيعة، لأنّنا تفاهمنا مع مكوِّن شيعيّ وازن ومقاوم. واليوم، نُتَّهم أنّنا مع السنّة ضدّ الشيعة لأنّنا تفاهمنا مع «المستقبل». وهناك دعوة متكرّرة لنا لمن لا يزال يتذكّر، اتّفقوا أيّها المسيحيّون فاتّفقنا، ثمّ اتفقوا مع السنّة فاتفقنا، فماذا يريدون منّا؟ نحن لسنا موضع اختبار، ولا نعتذر ولا نبرِّر، بل نسير بخُطى ثابتة نحو الوطن الميثاقيّ».

وعن الجلسة التشريعيّة، قال: «إنّ تشريع الضرورة مفهوم خرج من دار العماد عون، من التكتّل، كي يسهل التشريع حال خلوّ سدّة الرئاسة عند توافر الضرورة. ولذلك، فالمشاركة ومقاربة المشاريع والاقتراحات ستتمّ من منطلق تشريع الضرورة لا أكثر ولا أقل».

أرسلان: لا رئيس في 31

من جهته، استبعد رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان أن يكون هناك رئيس للبنان في الجلسة التي حدّدها الرئيس برّي في 31 من الشهر الحالي لانتخاب رئيس للجمهوريّة، معتبراً أنّ الوقت باتَ «مضغوطاً»، والأمور ما تزال تتطلّب إتمام تفاهمات وطنيّة تشمل الجميع بعيداً عن التفاهمات الثنائيّة أو الثلاثيّة أو حتى الرباعيّة.

وأكّد ارسلان تمسّكه بموقفه الذي أعلنه في وقت سابق لجهة أنّه سينتظر ما سيعلنه رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري بموضوع ترشيح عون، ليُبنى على الشيء مقتضاه، «خاصة وأنّ ما سيصدر عنه غير كاف وحده، وسيتطلّب أن تُجرى من بعده مروحة من المشاورات تشمل كلّ القيادات والمرجعيّات باعتبار أنّ موقع رئيس الجمهوريّة يجمع ولا يُفرق، وهو الضامن للجميع».

الراعي مجدّداً: لا للسلّة

إلى ذلك، قال البطريرك الماروني الكاردينال بشارة متوجّها قُبيل سفره أمس إلى روما في زيارة تستمرّ حوالى الأسبوع، ردّاً على سؤال حول عمّا إذا كانت الطبخة الرئاسيّة قد نضجت، خصوصاً بعد عودة الرئيس الحريري إلى بيروت؟ «نحن نأمل، وكنّا دائماً نعبِّر عن تمنّياتنا بأن تصل كلّ المحاولات الجارية اليوم إلى خواتيمها لما فيه خير لبنان واللبنانيّين. والحقيقة أنّني لم ألتقي بعد بالرئيس الحريري، وإنّما نحن نعبِّر دائماً عن التمنّيات بالنجاح، لأنّه آن الأوان بعد أكثر من سنتين ونصف السنة أن يكون هناك رئيس للجمهوريّة، وأعتقد أنّه بعد هذه الفترة الطويلة من المفروض على اللبنانيّين أن يكونوا قد توصّلوا إلى تفاهم حول الرئاسة، وآمل أن تكون الأمور قد وصلت إلى خواتيمها».

وأضاف: «أنا عندما انتقدتُ السلّة انتقدتُ توزيع الحصص، واليوم نسمع أنّ الجميع يرفض توزيع الحصص والمغانم، فأنا ضدّ أن تكون هناك سلّة حصص وشروط من أجل انتخاب رئيس للجمهوريّة، وأنّ الذي بقي 11 سنة من دون إيجاد قانون للانتخاب كيف بإمكانه أن يفعل ذلك الآن، فليتفضّلوا وينتخبوا رئيس للجمهوريّة ويضعوا قانوناً للانتخاب».

وتابع: «نحن انتقدنا توزيع الحصص التي هي أمر غير مقبول، وانتقدنا وضع شروط وقيود على رئيس الجمهوريّة أو شروط وقيود لانتخاب رئيس، وهذا كلّه ضدّ الدستور، فالدستور واضح، ولو أنّهم ساروا على الدستور من اليوم الأول لكان لدينا رئيس للجمهوريّة منذ 25 أيار 2014».

واتّصل رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن بالراعي مودّعاً قُبيل مغادرته إلى حاضرة الفاتيكان، وأثنى على «الجهود المُضنية التي يقوم بها البطريرك الراعي لإخراج الاستحقاق الرئاسيّ من المأزق الخطير الذي نتخبّط به اليوم».

واعتبر الخازن «أنّ من المُعيب بعد نداءات البطريرك الحاسمة، ألّا نعي خطورة الفراغ وسط تزاحم المخاطر المُحدقة من حولنا، ولنكن أصحاب ضمير وطنيّ وإنسانيّ لئلّا نفقد زمام أمورنا ويلعننا التاريخ».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى