أردوغان ولوزان.. غباءٌ فاحش!؟

نظام مارديني

ليس صدفة أن تتزامن معركتا تحرير الموصل وشرق حلب، مع تصعيد تركي غير مسبوق ضد كل من العراق وسورية وفلسطين، ولعل إعادة التذكير باتفاقية لوزان 1923 ونقدها من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والغمز من قناتها من خلال قوله «البعض يريد أن يقنعنا بأن معاهدة لوزان انتصار.. أين الانتصار فيها؟». وهي الاتفاقية التي أبطلت معاهدة سيفر 1920 وثبتت الاعتراف الدولي بالجمهورية التركية وريثة الإمبراطورية العثمانية وصاغت حدودها مع مختلف الدول، فأكسبتها مناطق جديدة في الجنوب احتلال أكثر من 180 ألف كم2 من أراضي سورية الطبيعية كما وأَدَت فكرة الدولة الكردية.

وإذا كانت «غمزة» أردوغان هذه موجّهة للداخل التركي في سياق «صراع الهوية» الدائر حول مرجعية الجمهورية التركية والقيم المؤسسة لها، إلا أنها يجب أن تحدث استنفاراً في كل من سورية والعراق لما يستنبطه استذكار «لوزان» من استعدادات تركية لتغيير خرائط المنطقة والاستيلاء على أراضٍ جديدة من سورية والعراق، كما جاء في الخريطة التي نشرتها صحيفة «ديليليش» التركية المناصرة لأردوغان، وتضمّ الخريطة المزعومة تحت عنوان «هل هذه الأراضي مقتطعة من تركيا؟»، كركوك والموصل وأربيل وحلب وإدلب والحسكة وأجزاء من بلغاريا وأرمينيا، مذكّرةً بالقَسَم الوطني ملي ميساك . وهو اتفاق مختوم من قبل البرلمان العثماني يرجع للعام 1920، ويدّعي أن هذه الأراضي أجزاء من تركيا. غير أن ما يستدعي الانتباه هو خطورة إسقاط اسم فلسطين من هذه الخريطة المزعومة واستبداله بـ «إسرائيل».

إذاً، فالبعد الخارجي للحديث عن لوزان، ونشر الخريطة تزامن مع حدثين:

تمديد البرلمان التركي لمذكرة تفويض الجيش للقيام بعمليات عسكرية خارج الحدود سورية والعراق لسنة إضافية.

تهديد أردوغان بأنه لن يسمح بأن تُخاض معركة تحرير الموصل بغياب القوات التركية المحتلة لبعشيقة، وزعمه بأنه لن يسمح بصياغة خرائط المنطقة المستقبلية في غياب تركيا.

ولعل من الأهمية الإشارة إلى أهداف أنقرة من دعوتها الدائمة للمشاركة في معركة تحرير الموصل:

الأول، صياغة مستقبل العراق وملء الفراغ الذي سيخلفه تنظيم داعش في الموصل، بحيث لا تحلّ أطراف مناوئة لأنقرة مكان التنظيم الإرهابي.

الثاني، مراقبة مشاركة حزب العمال الكردستاني في معركة الموصل إلى جانب الجيش العراقي، في إطار سعيه لكسب مشروعية دولية، تحت عنوان مكافحة الإرهاب، لما لذلك من انعكاسات سلبية على ملف مواجهته داخل تركيا وفي معسكرات جبال قنديل شمال العراق.

الذين يتابعون ما يُكتب في الصحافة التركية او ما تأتي به الشبكة العنكبوتية، يسألون هل يمكن لأردوغان أن يكون، في استعادته لوزان، غبياً إلى هذا الحد؟ وهل يمكن أن يكون، بافتتانه بالمنحى الكيسنجري لوزير الخارجية، ظلاً لذلك الغباء، وهو الذي كان يراهن على أن يستتبع سقوط حلب أمام الخيول العثمانية، مثلما أمام الخيال العثماني، سقوط الموصل.

طالما كتب في تركيا عن السلطان الذي اختلط عليه الأمر بين عمامة سليمان القانوني وقبعة مكيافيلي!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى