تلزيم السعودية وقطر وتركيا عزل النصرة من التفاهم الروسي الأميركي حزب الله يبدأ مساعيه بعد التبنّي العلني لترشيح عون… والحريري يعلنه اليوم
كتب المحرّر السياسي
بالتزامن ينطلق مسار التسوية من بوابة الهدنة في كلّ من اليمن وسورية، فاليوم يبدأ تطبيق أحكام هدنة اليمن التي تتميّز عن غيرها بترافقها مع ضغوط أميركية على السعودية تلاقي مأزقاً سعودياً مالياً وسياسياً وعسكرياً، للخروج من الحرب وفقاً لمضامين المبادرة التي أعلنها وزير الخارجية الأميركي جون كيري وتلقى ترحيباً دولياً وإقليمياً لقيامها على معادلة تشكيل حكومة موحّدة تتولى تطبيق البنود المنصوص عليها في القرار الأممي 2216 الذي كانت تنظر السعودية وجماعتها في اليمن لتطبيقها كشرط مسبق للبدء بالبحث في الشأن السياسي، بينما يربط تحالف المؤتمر الشعبي وأنصار الله أيّ عودة للمفاوضات لوقف العدوان السعودي وليس بوقف نار بين اليمنيين مع استمرار الغارات السعودية، ويربط في المقابل أيّ مسار سياسي بحكومة الوحدة، وبانطلاق الهدنة على قاعدة وقف الغارات الجوية السعودية على اليمن والتحضير لمسار سياسي يقوم على مشروع حكومة الوحدة يصير استحقاق اليوم مختلفاً.
في سورية مسار مختلف، لكنه يصبّ في اتجاه إحياء التفاهم الروسي الأميركي، فبينما اكتملت ليلاً الاستعدادات على مداخل شرق حلب من جهة الكاستيلو لخروج المسلحين، الذي تقول مصادر عسكرية إنّ عدداً غير قليل منهم يستعدّ لإخلاء الأحياء الشرقية من المدينة بضغوط من الأهالي، سيخرجون اليوم مع الجرحى والمرضى والمسنين، انطلقت في جنيف المحادثات العسكرية بين الخبراء الروس والأميركيين بمشاركة ضباط سعوديين وأتراك وقطريين، جرى تلزيمهم من واشنطن تطبيق البند الأصعب من التفاهم الروسي الأميركي الذي تسبّب بتعطيله وهو فصل الجماعات المسلّحة عن جبهة النصرة، بينما تحدث حلف شمال الأطلسي عن حشود روسية غير مسبوقة في البحر المتوسط يربطها بأحد خياري التعاون المرتقب مع الأميركيين في استهداف النصرة وداعش، في إدلب وريفها والرقة ملاقاة لما بدأ في حرب الموصل على داعش، بعد النجاح في الفصل بين الجماعات المسلّحة المدعومة من واشنطن وحلفائها وجبهة النصرة، أو الذهاب الروسي إلى خيار الحسم العسكري الذي يستعدّ له الجيش السوري وحلفاؤه إذا فشلت المساعي السياسية، فيما تحقق قواته المزيد من الانتصارات في ريف حماة، والمزيد من الإنجازات بإخراج المسلحين من المزيد من المناطق كانت حصة الأمس منها لمدينة معضمية الشام التي غادرها مئات المسلحين إلى إدلب شمالاً.
الانفراجات التي تبدو متزامنة مع التوقيت الأميركي لمعارك الموصل واقتراب الاستحقاق الانتخابي الأميركي، يلاقيها في لبنان احتباس سياسي هو الأشدّ قسوة بعد اصطدام تبني ترشيح العماد ميشال عون من قبل الرئيس سعد الحريري بالفيتو العلني لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وفيما تخفف مصادر التيار الوطني الحر من وطأة هذا الفيتو وتراهن على تذليله بتفاهم مع الرئيس بري، لا يمكن الذهاب إليه إلا بعد أن يعلن الحريري تبنيه لترشيح عون رسمياً، في وقت ينتظر حزب الله هذا الإعلان كي يبدأ مساعيه للتقريب بين موقعَي حليفيه الأساسيين من الاستحقاق الرئاسي، ما سرّع بحسم الحريري لقرار الإعلان بعدما تردّد بذلك مع تبلور موقف بري المعارض، متحدثاً عن تذليل ما وصفه بعقدة بري قبل الإعلان وتلقيه جواباً مشتركاً من التيار الوطني الحر وحزب الله مضمونه، الإعلان أولاً وبعده مساعي التفاهمات، ليحسم الإعلان عن تبني الترشيح لموعد دعا إليه وزراء ونواب وشخصيات سيشرح خلاله موقفه من الاستحقاق الرئاسي، والمراحل التي مرّ بها وصولاً لتبنيه ترشيح العماد عون، ليتمّ ترحيل البحث الجدي بالخطوات اللاحقة بعد عودة الرئيس بري من السفر قبيل موعد جلسة الانتخاب المقرّرة نهاية الشهر، بيومين، ما يطرح بقوة احتمال تأجيل الجلسة، تفادياً لفشل تحقيق النصاب كما تقترح أوساط التيار الوطني الحر وحزب الله، وفقاً لمصادر نيابية متابعة، بينما لا يزال الرئيس بري عند موقفه بعقد الجلسة وتعيين سواها، إذا لم يتحقق النصاب، والذهاب إلى الانتخاب في حال تحقيقه.
الحريري يعلن اليوم ترشيح عون
يعلن الرئيس سعد الحريري من بيت الوسط اليوم دعم ترشّح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وبحسب المعلومات بأنه يُعدّ الخطاب الذي سيلقيه الساعة الخامسة مساءً في حضور أعضاء كتلة «المستقبل».
وقالت مصادر مستقبلية لـ «لبناء» إن «الأجواء والمعطيات تشي بأن الحريري يتجه الى إعلان خيار كبير وخطوة مصيرية بإعلان ترشيح العماد ميشال عون، رغم أننا لا نعلّق آمالاً كبيرة على مرحلة ما بعد الإعلان»، وأوضحت أن «الهدف الاساسي للحريري الذي دفعه لتبني خيار عون هو انتخاب رئيس بعد أن عطل حزب الله الانتخاب لمدة عامين ونصف ومن خلفه إيران التي راهنت على اهتراء الوضع في لبنان بانتظار أن تفرض شروطها على اللبنانيين، حينما تنضج التسويات في المنطقة، فهدف الحريري الإبقاء على رئاسة الجهورية وعلى الجمهورية نفسها، وهذا ما سيقوله الحريري لجمهوره ولحلفائه وللبنانيين في خطابه اليوم خلال إعلانه الترشيح».
وأشارت المصادر الى أن «رئيس المستقبل لم يذهب في هذا الخيار بهدف الوصول الى رئاسة الحكومة، وليس بالضرورة أن يكون هو رئيس الحكومة المقبلة، لكن في حال قرر ترؤسها فليس بالضرورة أن يكون الآن بل في الحكومة الأولى بعد الانتخابات النيابية المقبلة». وأضافت: «سيقول الحريري اليوم إنني قمت بواجبي تجاه عون وتجاه البلد وتجاه حلفائي الذين تمنوا عليّ ترشيح عون إنقاذاً للبلد، لكن سيقول أيضاً إن الأهم من ذلك هو إقناع الحلف المعطل للانتخابات الرئاسية وهو حزب الله». الأمر الذي سيدفع الحريري بحسب المصادر للذهاب أيضاً الى تفاهمات مع الحزب قبل مرحلة تشكيل الحكومة وخلالها».
وتنفي المصادر أن يكون الحريري قد «أسرّ لكتلته النيابية أو لقيادة تياره عن مضمون الاتفاقات مع عون إن حصلت». وتقول المصادر إن «الثنائيات التي يتحدث عنها الرئيس نبيه بري كانت قائمة منذ استقلال عام 1943 حتى الآن، مروراً بالطائف وخصوصاً في السلطة التنفيذية، لكن الوضع لا يمكن أن يستمر وإذا كان استمراره ضرورياً لاستمرار البلد فمن خلال تفاهمات جديدة تجمع كل الأطراف وخصوصاً بري الذي يحاول أن يحافظ على لبنان بشكله الحالي كدولة توازنات بين الطوائف للحفاظ على الاستقرار الداخلي، بدلاً أن يذهب البلد الى المجهول في ضوء الوضع المتفجر في المنطقة».
وترى المصادر أن كلام بري عن أنه «لن يصوّت لعون ولن يسهل على الحريري تشكيل الحكومة معطى جديد قد يدفع الحريري الى مراجعة حساباته وإعادة التفكير في الخطوة التي سيقوم بها اليوم أو سيبلغ عون بأن عليه القيام بواجباته تجاه رئيس المجلس ويعقد معه تفاهمات بموازاة تفاهمه مع الحريري». كما «لا تخفي المصادر خشيتها من أن تكون معارضة بري لانتخاب عون لعبة مزدوجة مع حزب الله لمنع وصول رئيس إن كان عون أم غيره». وتفضّل المصادر «انتظار الخطوة الأولى المتمثلة بإعلان دعم الترشيح وبعدها نرى شكل الاعلان وكيفية تسويقه والتفاهمات والضمانات التي ستليه»، وأكدت المصادر أن «الحريري أطلع الوزير سليمان فرنجية على كل خطوة قام بها تجاه عون، فالقضية ليست مسألة تأييد ولو كان حزب الله يريد انتخاب رئيس لكان انتخب فرنجية منذ 11 عشر شهراً أو نصحه بالانسحاب لمصلحة عون».
ليونة في عين التينة
وعشية عزم وحسم الحريري إعلان خياره الصعب يبدو أن «بوادر الليونة قد لاحت من عين التينة وفتح الرئيس نبيه بري ثغرة في جدار موقفه الصلب المعارض لترشيح عون من باب العودة الى طاولة الحوار الوطني كشرط أساس للتفاهم معه»، بحسب ما نقلت مصادر عين التينة، والتي جزمت بأن الرئيس بري لن يُقدم على تأجيل موعد جلسة انتخاب الرئيس في 31 من الشهر الحالي، مؤكدة العلاقة الجيدة والمتينة بين حركة أمل وحزب الله وأن لكل كتلة نيابية موقفها من الرئاسة ولا تحكمها لا تبعية ولا إمرة ولا رضا ولا رفض بل تفهّم وحوار ومراعاة للخصوصيات. وهذا ما يتجلى في تعامل الرئيس بري مع ترشيح حزب الله للعماد عون وما تجلى في تعامل حزب الله مع دعم الرئيس بري لترشيح فرنجية. وشددت المصادر أن المبادرة الوحيدة المقبولة هي عودة الجميع إلى طاولة الحوار لمناقشة التفاهمات ومن بينها التوافق على اسم رئيس للجمهورية. ولفتت المصادر إلى أن كتلة الرئيس بري هي من أول دعا الحوار، مذكرةً أنه وفي الوقت الذي اقتربت فيه الرئاسة بشكل حاسم من النائب فرنجية، لم تنزل إلى الانتخاب مباشرة بل ذهبت إلى طاولة الحوار ليأتي التفاهم وطنياً وشاملاً.
وعن رئاسة الحكومة، رجحت المصادر ألا تذهب كتلة التنمية والتحرير إلى تسمية الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة.
.. والرابية أعدّت خطط المرحلة المقبلة
رغم أن موجة التفاؤل باقتراب اليوم الموعود بتحقيق حلم الجنرال الرئاسي تجتاج الرابية التي أعدت خططها لمرحلة ما بعد الترشيح، غير أن مصادر قيادية في التيار الوطني الحر لا تخفي حذرها وترقبها لمسار الأمور وخطوة اليوم وتبدي مخاوفها من أن تتعثر التسوية في ربع الساعة الاخير. ولم تؤكد المصادر لـ «البناء» «زيارة عون الى بيت الوسط اليوم للقاء الحريري بعد إعلانه الترشيح إلا انها جزمت بأن اللقاء بين الطرفين سيحصل لكن لم يحدد حتى الآن».
وأوضحت المصادر أن «عون يفضل أن لا يصل الى بعبدا بالأكثرية النيابية التي يمتلكها الآن، لكنه يدرك أن التوافق على الرئيس هو الحل الوحيد للنهوض في البلد وبناء مؤسساته ونجاح أي عهد». وتشدد المصادر على أن «العماد عون يدرك أن حزب الله لا يمكن أن يضرب الوحدة الشيعية بالانفكاك عن حركة أمل لما لهذا التحالف الثابت والمتجذر من دور في الحفاظ على وحدة الطائفة الشيعية وحماية المقاومة وسلاحها. وبالتالي لن يفرط الحزب بتحالفه حتى في سبيل وصول حليفه عون الى الرئاسة، لذلك الجنرال لن يُحرج حزب الله ويتفهم موقعه وموقفه الأمر الذي يدفع عون الى توسيع دائرة التفاهمات مع الجميع وفي طليعتهم الرئيس بري ولن يختزل رئيس المجلس بالتفاهم مع الحريري».
وأوضحت المصادر أن «عون لم يتجاوز بري ولم يذهب الى التفاهم معه، لأنه لم ينظر اليه يوماً على أنه العقدة أمام التسوية الرئاسية بل هما في الخندق نفسه بالخيارات الاستراتيجية، لذلك كان هدفه أن يجاهر الحريري بإعلان الترشيح ليبنى على الشيء مقتضاه ولاحقاً يسعى الى توسيع دائرة التفاهم».
لا صفقات بين عون والحريري
وتضيف المصادر العونية: «وقفنا بالمرصاد ضد ضرب الميثاقية في الحكومة، وعلى طاولة الحوار الوطني طالبنا بتفسير مفهوم الميثاقية التي يؤمن بها عون وسيقوم بتطمين الجميع ولن يتجه الى تعويم ميثاق العام 1943 بل لتكريس ميثاق إسلامي – مسيحي في إطار الشراكة الوطنية». ونفت المصادر «ما ينقل عن اتفاقات وصفقات بين الحريري وعون بل إطار التفاهم الذي حصل هو عون لرئاسة الجمهورية والحريري للحكومة وبري للمجلس النيابي للنهوض بالبلد أما الأمور الأخرى فيجري الاتفاق عليها بعد انتخاب الرئيس»، ونفت ايضاً أن يكون الحريري قد تلقى ضمانة من عون بأن يكون رئيساً للحكومة طوال حكومات العهد، موضحة أن «هذا الامر منوط بالتفاهمات الداخلية والتوازنات والتحالفات، فلا يستطيع عون أن يضمن للحريري، خصوصاً إذا تغيرت خريطة وتركيبة المجلس النيابي بعد الانتخابات المقبلة».
وأشارت الى أن «خطة عون للمرحلة المقبلة توسيع إطار التفاهمات ليشمل الأطراف كافة من دون استثناء بمن فيهم فرنجية الذي لديه الحق في أن يصرّ على موقفه»، وعن قبول ذهاب عون الى معركة انتخابية في حال لم يسحب فرنجية ترشيحه، رفضت المصادر الحديث في هذا المنطق، جازمة بـ «أننا لن نصل الى هذا السيناريو ولن يستمر فرنجية في ترشحه، فلدينا متّسع من الوقت».
وغرّد فرنجية على حسابه على تويتر قائلاً: «بين قلّة الأخلاق وكترة الأخلاق رح يروح البلد!. اقسموها بالنص يا شباب».
حركة دبلوماسية نشطة في بيت الوسط
وفي موازاة الجهود المحلية شهد بيت الوسط أمس حركة دبلوماسية نشطة لمواكبة المستجدات الرئاسية. فزارها كل من سفراء الولايات المتحدة الأميركية اليزابيث ريتشارد ومصر نزيه النجاري وروسيا ألكسندر زاسيبكين، الذي قال بعد اللقاء «نتمنى الوصول سريعاً للتوافق بين الاحزاب اللبنانية الأساسية وفقاً للمصالح الوطنية الكبرى للدولة».
واصل رئيس دائرة إفريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية جيروم بونافون، حركة مشاوراته مع كبار المسؤولين اللبنانيين، فزار على التوالي برفقة السفير الفرنسي ايمانويل بون، السراي حيث التقى رئيس الحكومة تمام سلام، ثم رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط في حضور وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور والنائب غازي العريضي. واجتمع في مجلس النواب مع الدكتور محمود بري والمستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب علي حمدان، وتم عرض الأوضاع لاسيما الاستحقاق الرئاسي إضافة الى التحضيرات الجارية حول المؤتمر الدولي لدعم لبنان المقرر عقده في باريس وما يتعلق بقضية النازحين السوريين. ونوّه بونافون «بالدور الوطني الجامع للرئيس بري ورعايته للحوار».
.. وجلسة نيابية لتشريع الضرورة
على صعيد آخر، عقدت في المجلس النيابي أمس، جلسة تشريعية صباحية وأخرى مسائية في إطار جلسات تشريع الضرورة التي دعا اليها الرئيس بري بحضور كافة الكتل النيابية، وأقر المجلس 20 مشروعاً واقتراح قانون، وتم سحب اقتراح القانون المعجل المكرر والمتعلق بقانون الإجراءات الضريبية. ولم يتطرق المجلس إلى قوانين الانتخابات، بسبب تطيير النصاب القانوني.
التفاصيل ص 2