الغرور الأميركي السعودي صحراوي أم بوكر؟

يتصرف الأميركي مع معادلة الحرب على «داعش» تصرف المرتاح إلى وضعه فهو ليس مستعجلاً قبل تفاقم الحالة أولاً، وهو يظنّ قدرة التحكم بشروط النمو وشروط المواجهة ثانياً، وواثق من قدرة الاستغناء عن حلفاء أعداء لا يمكن اعتبار جبهة الحرب على «داعش» ذات قيمة بدونهم ثالثاً.

يهتمّ الأميركيون بأمور المواجهة ببطء، فمؤتمر قمة على مستوى الأطلسي لم يخرج بشيء ذي قيمة، والتحدث عن مشاركة روسيا وإيران ترافقه شروط متعالية، ورفض مطلق لكلّ علاقة مع سورية وحزب الله.

إما أنّ الأميركي لا يريد الحرب وهو بالتالي يدير حركة «داعش»، وما جرى من مواجهات هو مسرحيات منسّقة، أو أنّ الأميركي يعتبر خطر «داعش» تحت السيطرة وهو واثق من قدرته على التحكم بالزمن والمسارات والشروط، ويضمن النصر في يده، ولا يريد بالتالي شراكة إلا من يريد توظيف النصر لحسابهم من حلفائه، ولا يرتضي الظهور على مسرح الحلف الذي يحقق هذا النصر إلا له ولحلفائه كي يقطف ثماره تعزيزاً لمكانته في وجه خصومه وخصومهم.

الأكيد أنّ «داعش» ومن قبلها «القاعدة» الأمّ وسائر المفردات من ذات الفصيلة لم تكن بقياداتها السابقة ولا اللاحقة بعيدة عن صناعة المخابرات الأميركية، والأكيد أنّ الوظيفة التخريبية للمجتمعات والتدميرية للدول والكيانات والجيوش لا تنفصل عن الأهداف الأميركية، لكن الأكيد أيضاً أنّ هذه المهمة تستدعي بناء أجيال من العقائديّين المتحمّسين حتى الموت، وهؤلاء يصعب جعلهم تحت السيطرة، ويصعب ترتيب المهمات لهم على جدول الأعمال الأميركي وإلزامهم بالتقيّد الصارم بممنوعاته واحترام محمياته.

الأكيد أيضاً أنّ الضبط والسيطرة على حركة هذا النوع من المنتجات الجرثومية، لا يتمّان بغير الحرب عليها، وإعادة تحجيمها، لأنّ شروط تكاثرها وعودتها إلى الحياة موجودة وكامنة وستفرّخ دائماً متى وجدت بيئة حاضنة، ودعماً ومن يشغل الجيل القيادي الجديد منها، لذلك تقوم استراتيجية التشغيل على الزرع والتنمية والاحتضان، فالاجتثاث، وهذه اللحظة تبدو حكمية، لكون البيئة الاجتماعية إذا تركت لنموّ هذه الكائنات ستجعلها قوة عملاقة يصعب ضبطها، وتستحيل السيطرة عليها متى تخطت مرحلة النمو الأولى.

مشكلة واشنطن ليست بقرار الحرب بل بفاتورة وكلفة تنفيذ هذا القرار، الذي يبدو مرتبطاً بتنازلات جوهرية تجاه إيران وروسيا وسورية وحزب الله، وهذا ما لا تريده ولا يريده حلفاؤها ويعرفون معاً أنه و»داعش» خطر متساو.

التصرف المغرور عادة صحراوية أمام الوحوش، بعدم إظهار الخوف كي لا يتسقوي الوحش على البدوي إذا ما لاحظ ارتباك خطواته، وعادة للاعب البوكر والكاوبوي لإظهار الثقة العالية بالنفس أملاً بهزيمة الخصم وتنازله بسبب الحرب النفسية.

تلاقي قيم صحراوية وقيم البوكر والكاوبوي، يجعل السعودي والأميركي يراهنان على إظهار القوة والاستغناء، طريقاً ممكناً لإخضاع خصومهم لشروط التعاون في وجه الخطر «الداعش».

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى