إلى اللاجئ السوري… متى العودة؟
جمال العفلق
عندما قررتَ الرحيل أو عندما أجبرتَ على الرحيل لا فرق، كانت هناك أوضاع أمنية وخصوصية للمناطق… كان قراراً أم إجباراً لا يهمّ.
اليوم أنت أكثر حاجة لوطنك، كما أنه محتاج إليك… اليوم لم يعد من المقبول الادّعاء بأنّ الظروف لم تتغيّر…
إنْ كنت هربت من الموت فأنت هربت من الموت الى الموت… ماذا يعني ان تعيش في خيمة وتحت رحمة تجار البشر الذين استغلّوك أسوأ استغلال؟ ماذا يعني ان تنتظر المساعدات وبعض الملابس المستعملة؟ ماذا يعني أن تبقى تحت رحمتهم يمارسون عليك أسوأ أساليب الابتزاز والإهانة؟ لمن تركت أرضك؟ لمن تركت ذكرياتك؟ كيف قرّرت ان يعيش أولادك حياة اللجوء؟ كنت تتهم الجيش او قالوا لك إنّ الجيش يذبح الناس! كنت تتهم الجيش او قالوا لك إنّ الجيش يذبح المدنيين! كنت تتهم او قالوا لك إنّ الجيش سيسجنك!
اليوم أين أنت؟ اليوم انت محاصر في سجن كبير… تنتظر من يتحسّن عليك… تخاف ان تقلع الريح خيمتك… هناك حكومات تقبض عليك آلاف الدولارات الأمريكية ماذا يصل اليك منها؟
اذا كان الخيار ان تعيش في خيمة فلماذا لا تنصب خيمتك فوق أرضك؟
أليس الأجدر ان تعود الى وطنك تحمل سلاحك وتدافع عن أرضك؟ أليس الأجدر أن تعود الى وطنك وتضع كتفك على كتف الجيش وتحارب المرتزقة الذين أتوا من كلّ أصقاع الأرض لتخريب وطنك؟ أم أنك سعيد بصورة البؤس المنشورة لك على صفحات الصحف وشاشات التلفزيون؟
يا ابن وطني… اعلم اني خارج دائرة النار، وأفهم مدى الخوف الذي تعرّضت له، وأفهم ان هناك من أجبرك وهناك من ساهم في تضليلك، ولكن حزني عليك يا ابن وطني كبير… فأنت ابن وطن فتح ذراعيه وقلبه لكلّ من مرّ بمصيبة… واليوم انت تعامل أسوأ معاملة…
من وقف الى جانبك في مخيمات الذلّ التي تعيش فيها… ما يُسمّى ائتلاف الدوحة الذي يعيش في أفخم الفنادق ام سفراء دول «أصدقاء سورية»؟ ام الذين يمثلون منظمة التعاون الإسلامي؟
كم من الإهانات تلقيت من اجل الحصول على بعض الطحين؟ أو وقود للشتاء… كم تسوّلوا باستخدام اسمك وصور أطفالك؟
طوال ثلاث سنوات ونيّف وأنت تعاني، واليوم تحرّك العالم لمقتل صحافيّين أمريكيّين اثنين! هل شعرت بالفرق؟ طائرات وأساطيل واجتماعات وصحافة لم تسكت… ومجلس أمن اتخذ اسرع القرارات… وانت تنتظر كسوة الشتاء منهم…
وفي السياسة أصبح عدوّ الأمس صديق اليوم، ولكن انت بقيت لاجئاً منتهي الصلاحية قد يعود استخدامك من اجل الحصول على مكاسب ما ولكن ليس من أجلك.
هل سمعت بمقهى الائتلاف في تركيا الذي يبيع الحشيش للمناضلين في الفنادق؟
ارجع الى وطنك… الموت واحد ولكن الفرق اين تموت وأين تعيش… الفرق ماذا ستترك لأطفالك… الفرق في أي تراب تدفن… هل يحق للشيشاني او الصيني او السعودي ان يكون مكانك في تراب وطنك؟ ارجع وساهم في البناء وساهم في الدفاع… ازرع أرضك… نحن وإنْ اختلفنا أخوة، واذا كان لك قضية فلماذا يحمل السلاح من اجلها غريب وانت لا تفعل؟
لا تقرأ كلامي بشكل عاطفي، ولا تبحث عن مبرّرات للذلّ… انت لم تخلق للعيش في المخيمات… انت ابن وطن تكالبت عليه كلّ ذئاب الأرض لأنه اجمل الأوطان.
ارجع ودافع عن حقك في الحياة… لأنّ الحياة منحها لك رب البرية وليس لأحد فضل عليك فيها.
حاسب الذين أخرجوك من أرضك وكذبوا عليك… تجار البشر وضعوك على سفن محطمة وأطلقوها في بحار لا تعرف الرحمة والاسم لاجئ… فمتى تعود؟