بكركي لا تدعم مرشّحين بل رئيس الجمهورية أيّاً كان و«البعث» لم يحسم قراره «التغيير والإصلاح»: نسعى إلى تفاهمات وانطلاقة جامعة للعهد
فيما استمرّ الجدل الدستوري حول عدد الأصوات التي يجب أن ينالها المرشّح لرئاسة الجمهورية من أجل الفوز في جلسة الاثنين المقبل وسط وجود رأيين متناقضين حول ما إذا كانت الدورة هي الأولى أم الثانية، حسم «التيّار الوطني الحرّ» مسألة انتخاب رئيس «تكتّل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون. بينما ما يزال عدد من الكتل النيابيّة لم يتّخذ قراره بعد مثل حزب البعث العربي الاشتراكي، الذي التقى أمس وفداً من « التغيير والإصلاح».
أمّا بكركي فأعلنت أنّها لا تدعم مرشّحاً محدّداً ولا تضع «فيتو» على أحد، مؤكّدةً دعم الكنيسة للرئيس أيّاً يكن، «لأنّه رئيس البلاد وحامي الدستور والضامن للمؤسّسات».
«التغيير والإصلاح»
وكان تكتّل «التغيير والإصلاح» اجتمع أمس في الرابية برئاسة عون، وبعد الاجتماع أعلن أمين سرّ التكتّل النائب إبراهيم كنعان «أنّ المسار الرئاسي الراهن المنبثق عن تفاهمات وطنيّة قائمة على الشراكة الحقيقيّة الإسلاميّة – المسيحيّة بمكوِّناتها كافة، يشكِّل الترجمة الفعليّة لقواعد الميثاق الوطني ويبتعد كلّ البعد عن منطق الثنائيّات والثلاثيّات، ليكرِّس التلاقي الوطني بين مختلف العائلات الروحيّة اللبنانيّة. هكذا نقرأ مسار التفاهمات التي قمنا بها حتى الآن، ونسعى إلى استكمالها للوصول إلى إجماع وطنيّ على شخص الرئيس العتيد، كما على انطلاقة جامعة للعهد تؤسِّس لحلول جذريّة للأزمات العديدة التي يتخبّط بها لبنان، ولا سيّما النظامية منها».
أضاف: «لقد أعتاد اللبنانيّون على انتظار كلمة الخارج وما عُرف «بالوحي» لحسم الاستحقاق الرئاسيّ، بعيداً عن أيّ مبادرة لبنانية داخلية تفتح الباب لتفاهم وطني يحمي القرار والجمهورية ويحصِّن الاستقرار بعد الانتخاب. أمّا اليوم، وما نشهده من مبادرات داخلية بين مختلف الأطراف، ألغت الحدود الفاصلة بين ما اصطلح على تسميته 14 و 8 آذار، وضيّقت هامش التأثيرات الخارجيّة لمصلحة لبننة الاستحقاق كما لم يحصل منذ زمن طويل، حتى بات عنوانه «رئيس صنع في لبنان».
وأكّد أنّه «على ضوء إنجاز معظم التفاهمات الوطنيّة وفقاً للخيار الميثاقي الذي عمل له التيار منذ اليوم الأول، يشارك التيار وحلفاؤه في الجلسة المقرّرة في 31 تشرين الأول بهدف ترجمة هذا التلاقي الوطني الواسع على شخص العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية اللبنانية. أمّا أي كلام عن تأجيل للجلسة الرئاسية فهو مرفوض، وبكلّ الأحوال أصبح وراءنا، بدليل تأكيد مختلف الأطراف حضورها الجلسة وعدم مقاطعتها».
وشدّد على أنّه «بعد الانتخاب الذي نريده لكلّ لبنان واللبنانيّين، فالنضال لم ينته إنما يبدأ بعد القسم، كما قال العماد عون».
وردّاً على سؤال عمّا إذا كانت جلسة الاثنين الدورة الأولى أو الثانية، قال كنعان: «معلوماتتا أنّ الدورة الأولى عُقدت منذ سنتين ونصف السنة، وبالتالي من المفترض أن ندخل إلى الدورة الثانية ونصاب الانعقاد هو الثلثان والانتخاب بالأكثريّة المطلقة».
من جهةٍ أخرى، استقبل العماد عون في دارته في الرابية الوزير السابق محمد الصفدي على مدى أكثر من ساعة، خرج بعدها الصفدي قائلاً: لا نريد إلّا أن نبارك للعماد عون».
لقاء «البعث»
وكان وفد من التكتّل ضمّ وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب والنائبين نبيل نقولا وحكمت ديب اجتمع مع نائبي كتلة «حزب البعث»، وهما النائبان عاصم قانصوه وقاسم هاشم، وذلك في مكتب الأخير.
وقال هاشم بعد اللقاء: «طبعاً اللقاء مع كتلة التغيير والإصلاح ليس بجديد، هو لقاء الحليف في العلاقات الاستراتيجيّة، اليوم ونحن على أبواب الاستحقاق الرئاسي قبل جلسة 31 الجاري نقول إنّنا انطلقنا في تبادل الرأي من المبادئ التي نقتنع بها ونعمل من أجلها، وثوابتنا التاريخيّة في علاقاتنا وفي العمل منطلق مبدئيّ، واليوم في إطار هذا الاستحقاق سنستكمل اتصالاتنا ككتلة حزبية مع حلفائنا في النهج والخط السياسي لاستكمال هذه الاتصالات والمشاورات، وبناءً عليه سنتّخذ القرار المناسب قبل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية».
بدوره، قال نقولا: «بحثنا في موضوع الرئاسة، وطبعاً هو موضوع الساعة، وكان هناك نوع من تطابق الأفكار ولكن أخوتنا في الحزب رغبوا بالتشاور مع بعضهم بعضاً، وأن يأخذوا في الوقت المناسب القرار المناسب. ونحن نحترم أي قرار يأخذونه، لأنّنا في النهاية نحن وإيّاهم في خندق واحد».
بكركي
في غضون ذلك، نقل نقيب الصحافة عوني الكعكي عن البطريرك الماروني بشارة الراعي بعد لقائه على رأس وفد من النقابة في بكركي، «دعم الكنيسة للرئيس أيّا يكن، لأنّه رئيس البلاد وحامي الدستور والضامن للمؤسسات».
وقال الكعكي: «التمسنا من غبطته التزام الكنيسة بالصلاة اليوميّة على نيّة انتخاب رئيس الجمهورية، لكي يبزغ فجر جديد على لبنان تتغيّر معه الأوضاع، وأكّد لنا غبطته أنّ بكركي تدعم أي رئيس للجمهورية على أساس أنّه رئيس البلاد، لأنّ ما يجمعنا هي المبادئ الدستورية والثوابت الوطنيّة، وخدمة الإنسان والمجتمع والدولة. ونحن ككنيسة نخدم وفق طريقة خاصة بنا، أمّا الخيارات السياسيّة فهي متروكة للسياسيّين، ولكم أن تتنافسوا في تحقيق الثوابت والمبادئ بما هو أحسن للّبنانيّين وللبنان».
وأضاف: «كما أنّ غبطته أوضح أنّ الكنيسة لا تختلف مع أحد على الخيارات السياسية فهذا حق للجميع، ولكنّها تختلف مع الغير حول احترام الثوابت والمبادئ وعدم خدمة المواطن والمجتمع والدولة».
ونقل الكعكي عن البطريرك الراعي «دعم الكنيسة للرئيس أيّاً يكن، لأنّه رئيس البلاد وحامي الدستور والضامن للمؤسسات. وإذا كان هناك ما يجب أن نقوله للرئيس نقوله له مباشرة وليس عبر الإعلام، والرئيس الذي تنتخبه الكتل النيابيّة هو الذي ندعمه. يُقال إنّ بكركي باركت ترشيح الأربعة من دون غيرهم وهذا غير صحيح. نحن ليس لدينا أيّ مرشّح ولا ندعم مرشّحاً ولا نزكِّي مرشّحاً ولا نضع فيتو على أيّ مرشح، وبكركي لم تحصر نفسها بالأربعة».
وأشار إلى أنّ البطريرك الراعي «كان مرتاحاً جداً للقائه مع الجنرال عون، ناقلاً عنه أنّه «في حال لم يتمّ التوصّل إلى إقرار قانون انتخابي جديد فليطبّق قانون الستين، والقوانين يجب أن تكون على قياس الوطن وليس على قياس الأشخاص»، كما طالب بتطبيق الطائف نصّاً وروحاً حتى «لا تستمر الإقطاعية السياسية».
ثمّ استقبل الراعي وزير الدفاع السابق فايز غصن، الذي أكّد أنّ «الزيارة هي ضرورة وواجب، ولا سيّما في هذه الأوقات التي نحن بأمسّ الحاجة فيها إلى الاستماع إلى توجيهات غبطته الحكيمة والبنّاءة».
أضاف: «نحن من المؤيّدين للوزير سليمان فرنجيّة، ونحن نعتبر أنّ جلسة الاثنين المقبل هي جلسة مفتوحة وديمقراطيّة، ونتمنّى على السادة النوّاب أن يحكِّموا ضميرهم في خلالها ليختاروا الرئيس الأنسب للبنان ولمستقبل لبنان».
وأكّد غصن أنّ رئيس «تيّار المردة» سليمان فرنجية «مستمرّ بترشّحه وتاريخه يحكي عنه، ولبنان بكافّة طوائفه ومذاهبه يعرف أنّه رجل الأيادي البيضاء، ويعرف أنّه رجل يعمل لوحدة ومستقبل لبنان».
حراك دبلوماسي
كما حضر الاستحقاق الرئاسي في حراك عدد من السفراء، حيث التقى رئيس حزب «القوات» سمير جعجع السفير الروسي ألكسندر زاسيبكين والسفيرة الأميركيّة إليزابيث ريتشارد. وفيما التقت إليزابيث أيضاً وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وعرضت معه موضوع الاستحقاق، زار زاسيبكين الرئيس نجيب ميقاتي الذي التقى أيضاً سفير مصر نزيه النجاري، الذي قال بعد اللقاء: «تشاورنا في الوضع على الساحة اللبنانيّة بشكل خاص في ضوء جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وتطرّقنا إلى الوضع الإقليميّ وأهميّة حدوث توازن دائم على الساحة الإقليميّة من أجل إيقاف حالة الصراع والتوتّر السائدة في شكل ينعكس على لبنان واستقرار المنطقة بشكل عام، وهذا ما يتأتّى من خلال الحلول السياسيّة للصراعات والأزمات القائمة في المنطقة. ونحمد الله أنّ لبنان يسعى دائماً إلى إيجاد مخارج وحلول سياسية لكلّ ما يواجهه من مشكلات، ونتمنّى للبنان النجاح في الحفاظ دائماً على استقراره من خلال سياسيّيه المتعقّلين ومساعدة الدول الصديقة، ومصر بالتأكيد على رأسهم».
وردّاً على سؤال، قال: «مسألة انتخابات الرئاسة هي في الأساس، ومن حيث المبدأ، لبنانية داخليّة، وهناك جهد يُبذل من القوى السياسية اللبنانية للتوصّل إلى حلّ للخروج من المأزق المتعلّق بالفراغ الرئاسي. ما يهمّنا هو أن يكون الحل مستقراً ومرضياً لجميع الأطراف، ومحقّقاً لمصالح كلّ القوى السياسية والطوائف اللبنانية. نحن لا نحب الحديث بمنطق طائفي، لكن هناك واقعاً نسعى للخروج منه، ومن الضروري أن يشعر الجميع بأنّهم يكسبون من وراء الحل الذي يتمّ التوصّل إليه بالنسبة إلى الانتخابات الرئاسية».
أصوات الفوز
ووسط الجدل الدستوري حول عدد الأصوات التي يجب أن ينالها المرشّح لرئاسة الجمهورية في جلسة الاثنين المقبل، أوضح وزير الداخلية السابق زياد بارود، أنّه «يجب التمييز بين النّصاب القانوني والأكثريّة المطلوبة للتصويت. في ما يخص النصاب القانوني، فإنّ نصاب الثلثين هو المطلوب لانعقاد الجلسات بمعزل عن عدد الدورات. أي أنّ وجود 86 نائباً من أصل 128 هو أمر واجب طوال عمليّة الاقتراع».
أمّا بالنسبة إلى الأكثريّة المطلوبة للتصويت، فبحسب المادة 49 من الدستور هي غالبية الثلثين في الدورة الأولى. إذا حصل المرشّح على 86 صوتاً وأكثر، يعلن انتخابه رئيساً من الدورة الأولى، أمّا في الدورات التالية فيُكتفى بالأكثرية المطلقة 65 صوتاً».
وأشار بارود إلى رأيين حول رقم الدورة المقبلة لجلسة الانتخاب، «أحدهما يفيد بأنّ الدورة الأولى حصلت في نيسان 2014، وسنكون في 31 الجاري أمام الدورة الثانية، حيث يُكتفى بـ65 صوتاً لانتخاب الرئيس العتيد. في المقابل، يعتبر الرأي الآخر أنّ الجلسة المشار إليها اختُتمت، ما يعني أنّ جلسة 31 ستشهد جولة اقتراع أولى ضمن جلسة جديدة. الحسم في هذا الموضوع غير ممكن في غياب صلاحية التفسير من قِبل المجلس الدستوري. وتالياً، فإنّ تفسير هذا النصّ يعود في غياب صلاحية من هذا القبيل للمجلس الدستوري إلى مجلس النوّاب، أي عند تفسير الدستور عليه أن يستخدم بأكثريّة الثلثين، لأنّ تفسير الدستور قد ينطوي على تعديل له وهو أمر غير ممكن بالأكثرية العادية».
إلى ذلك، نفى النائب السابق الدكتور فارس سعيد في بيان عقد اجتماع للأمانة العامّة لـ«قوى 14 آذار» اليوم الأربعاء.