التحالف الدولي لمحاربة «داعش» كذبة كبيرة
نور الدين الجمال
يعتبر مصدر دبلوماسي أن المعركة الأساسية بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية هي في أوراسيا مع كل من روسيا والصين وصولاً إلى الهند نتيجة نهوض هذه الدول وعلى وجه الخصوص روسيا التي نجحت إلى حدٍ كبير في استعادة دورها العالمي كما كان الاتحاد السوفياتي سابقاً، لأن الغرب المتعصب وتحديداً في الولايات المتحدة بدأ يشعر بتقلص نفوذه في العالم وهذا سيكون بداية تغيير لنشوء نظام عالمي جديد، ولم يستوعب الغرب أن روسيا ستكون شريكةً في تكوين الخريطة العالمية الجديدة يالطا جديدة ، ولكنه في الوقت نفسه مستعد لأن تشارك في مناطق معينة من العالم.
ويقول المصدر، في منطقة الشرق الأوسط الحرب مشتعلة ولكن اللافت للنظر هو أن هذه الحرب قائمة في البلدان التي كانت حليفة للاتحاد السوفياتي السابق، أي في سورية والعراق والجزائر واليمن وحتى في مصر وليبيا. وهذه المعطيات ليست بريئة ولم تأتِ بالصدفة، ولكن الولايات المتحدة الأميركية ومعها «إسرائيل» وبعض الدول الأوروبية والعربية مشاركة في وصول هذه الحرب إلى هذه الدول خدمة لمشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يصب في نهاية المطاف في مصلحة الكيان الصهيوني.
ويضيف المصدر، إن الهدف الأساسي للغرب هو قيام تسويات إقليمية موضعية لا تسويات على مستوى العالم، لكي لا يكون لروسيا دور محوري فيها. فتحالف الصين وروسيا ودول «البريكس» ومنظمة شنغهاي وإيران، يحاول الأميركيون القيام بهجوم معاكس في وجهه ومنع قيامه وخصوصاً بين روسيا وإيران، لأن كل طرف يدعو إلى تسوية ما في مكان ما على أن يتنازل في مكان آخر، ومن هنا تأتي الهجمة الغربية على روسيا سياسياً واقتصادياً وعسكرياً ومحاولة وضع الثقل الغربي في إستونيا وليتوانيا وأوكرانيا في مواجهة قوة النجم الروسي وتصاعده في العالم. وفي المقابل، تواجه روسيا الولايات المتحدة والغرب بكل صلابة، في حين أن الغرب يحاول إغراء إيران بإعطائها دوراً أكبر في منطقة الشرق الأوسط، شرط فكّ تحالفها مع روسيا التي تطور من جانبها علاقاتها مع إيران بشكلٍ كبير، خصوصاً في المجال النووي والملفات الاقتصادية، ناهيك عن محاولة الغرب أيضاً إغراء إيران في العراق واليمن مقابل تقديم تنازلات في سورية، ولأن القاسم المشترك بين روسيا وإيران هو الملف السوري، فإن البلدين غير مستعدين لتقديم أي تنازل في الملف السوري أو المساومة عليه.
ويرى المصدر في اجتماعات الحلف الأطلسي الأخيرة والتي عقدت تحت عنوان «ملفا تنظيم «داعش» الإرهابي وأوكرانيا»، فإن الولايات المتحدة الأميركية من مصلحتها استمرار الوضع في أوكرانيا على ما هو عليه لإرباك روسيا وإشغالها في هذا الملف، في حين أن روسيا لن تسمح بتهديد أمنها القومي تحت أي مبرر أميركي أو غربي.
أما التحالف الغربي والدولي الذي يحكى عنه لمحاربة «داعش»، فهو كذبة كبيرة خصوصاً عندما لا يكون لروسيا دور أساسي فيه، مع العلم أن القيادة الروسية أبلغت شركاءها الغربيين أنهم إذا كانوا يريدون تحالفاً دولياً جدياً وقوياً في مواجهة «داعش» والقضاء عليه فمن دون سورية وإيران وروسيا ليس بمقدورهم محاربة الإرهاب في كل عناوينه ومسمّياته.
ويؤكد المصدر أن مصلحة الولايات المتحدة الأميركية مازالت في استمرار حرب «داعش» في سورية والعراق للحصول على تنازلات أكثر، بالإضافة إلى الاستمرار في إضعاف الدولة الوطنية السورية لكي تفرض عليها الشروط وتقديم التنازلات، وما يحصل في ريف القنيطرة من تعاون وتنسيق علني بين الكيان الصهيوني والمجموعات الإرهابية والتكفيرية دليل واضح على أن هذا الأمر لم يكن ليحصل لولا الموافقة الأميركية، التي لم تتخذ قراراً حاكماً في محاربة الإرهاب وتحديداً «داعش» والنصرة على الأرض السورية، بالإضافة إلى الموقف التركي الذي مازال أردوغان يفتح الحدود مع سورية على مصراعيها أمام الجماعات الإرهابية ويقدم المساعدة اللوجستية والاستخباراتية لها. لذلك فإن الإدارة الأميركية تكون جدية في محاربة الإرهاب عندما تعلن صراحة أنها ستنسق مع الدولة السورية ولو موضعياً في محاربة الإرهاب والتي تتطلب استراتيجية وخطة متكاملة لتجفيف الإرهاب ومنابعه فكرياً ومالياً وسلاحاً ومقاتلين مرتزقة مع احترام سيادة الدولة الوطنية السورية.