«مستقبليون» منفيّون!
حسين حمّود
تسود البلبلة داخل تيار المستقبل على خلفية تبني رئيسه سعد الحريري ترشّح رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية. وحتى الآن، فمن المنتظر أن يعيد عون فتح أبواب قصر بعبدا بعد ظهر الإثنين المقبل بعدما أغلقت عامين ونصف العام تقريباً، بعدما تأكد انتخابه في الدورة الأولى أو الثانية بالأكثرية المطلوبة.
كما أن الحريري يتحضّر لتسلّم رئاسة الحكومة والعودة إلى السراي الكبير يوم الاربعاء المقبل، بحسب ما يؤكد رئيس حزب «القوّات» سمير جعجع بعد استشارات سريعة سيجريها عون مع الكتل النيابية فور تسلّمه مقاليد الحكم. لكن همّ الحريري لا يقتصر على هذا الجانب فحسب، علماً أن فترة التأليف ستطول نسبياً، بل يسعى الحريري إلى ترتيب بيته الداخلي والإتيان بقيادة جديدة لتيّاره، تشكّل لاحقاً فريق عمل متجانساً في ما بينه ومع الحريري وتوجهاته في الحكم، وفق المرحلة الجديدة التي سيدخلها لبنان في عهد التيّار البرتقالي.
وعلى هذا الأساس أفرج الحريري عن المؤتمر العام لتيّار «المستقبل» الذي أعلن عن انتخاب المندوبين إلى المؤتمر في منتصف شهر تشرين الثاني المقبل. أما المهمة الرئيسة للمؤتمر العتيد فستكون إقرار هيكلية جديدة للتيّار تُعطي للرئيس صلاحيات واسعة وتربط المنسقيّات قدر الإمكان بمركز القرار للحؤول دون وجود تيّارات داخل التيّار من شأنها التعكير على سياسات الحريري. وهذه الهيكلية ما زالت قيد الدرس والتباحث بين أركان التيّار الموالين للحريري بالمطلق.
وتمهيداً لذلك، تكشف أوساط في «المستقبل» عن اتخاذ الحريري سلسلة إجراءات بحق بعض مَن يوصفون بأنهم صقور التيّار، تؤدي إلى تقييد حرية تحركهم على الساحة السياسية وحتى منعهم من الإدلاء بأية تصريحات ومقابلات إعلامية تتضمّن مواقف من أي نوع كان، تزعج الحريري أو تؤثِّر في القاعدة الشعبية وتأليبها ضده وتحريكها في الشارع لهذه الغاية، وحالتهم باتت تشبه الموضوعين في الإقامة الجبرية أو المنفيين قسراً أو طوعاً.
ومن بين المستهدفين بهذه الإجراءات نوّاب وقيادات ومسؤولون في التيّار خصوصاً في الشمال، نظراً لحساسية هذه المنطقة بسبب وجود وزير العدل «المستقيل» أشرف ريفي فيها.
وفي السياق بدأ الحريري هجوماً مضاداً ضد ريفي الذي أوعز لأنصاره بتنظيم تظاهرة سيّارة الأسبوع الماضي والتجمّع قرب منزله في طرابلس، بعد تعليقهم لافتات في الشوارع تهاجم الحريري وتعترض على ترشيحه عون إلى رئاسة الجمهورية. إلاّ أن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق تحرّك سريعاً وأعطى توجيهات لمحافظ الشمال رمزي نهرا بإزالة اللافتات فوراً، ما دفع بالمحافظ إلى الإشراف بنفسه في الشارع على إزالتها.
وتبع ذلك، تنظيم لقاء علني في طرابلس موالٍ للحريري ضمّ شخصيّات اعترضت في البداية على ترشيح عون ثم عادت إلى «بيت الطاعة» ودافعت عن خيار الحريري وتوجهاته في الظروف التي يمرّ بها لبنان، واضعة القاعدة الشعبية في أجواء المرحلة المقبلة من الحكم التي سيكون فيها الحريري شريكاً كامل الأوصاف، وتبعاً لذلك يسود الهدوء الشمال على غير ما كان متوقعاً.
وربطاً بذلك، تؤكد الأوساط أن تغييرات بالجملة ستطال كتلة المستقبل النيابية في الانتخابات المقبلة المقرّرة صيف العام المقبل، وهذه التغييرات ستؤدي إلى إقصاء وجوه بارزة في الكتلة، وتحديداً في بيروت والشمال، ممن كانوا يبدون اعتراضاً على سياسات الحريري، قبل ترشيحه عون وخلاله وبعده، ويتهمون الحريري بأنه يخالف مبادئ والده ما أدى إلى «وفاة» حركة 14 آذار.
وتشير الأوساط في هذا السياق، إلى ان هؤلاء سيتم استبدالهم بمرشحين يكون ولاؤهم مطلقاً لرئيسهم.
التيّار الأزرق، إذن، على عتبة تغييرات جذريّة في هيكليته وأركانه، أما سياساته فهي رهن بـ «المستقبل» وتطوراته ورهاناته المكشوفة وغير المكشوفة.