لبنى أرسلان تتبنّى الأسلوب التعبيريّ وتنأى عن التجريد
دمشق ـ محمد الخضر
لبنى أرسلان فنانة تشكيلية يغلب عليها الإحساس خلال تعاملها مع سطح اللوحة، فتشكل ألوانها استناداً إلى مشاعرها التي تجعل لوحتها انعكاساً حقيقياً لواقع اجتماعي وإنساني.
تقول أرسلان: «أنا فنانة أرسم بالعاطفة والحنان، وأرى أن المرأة هي محور الحياة، وعندما أذهب إلى الرسم أعود إلى طفولتي حيث انفصل إلى اللاوعي وأبدأ في تكوين انعكاسات الواقع على أنغام موسيقى تتوافق دوماً مع حالتي النفسية. تلك الحالة الفنية التي أعيشها تحتاج إلى تقنية مختلفة مكونة من خبرات وصدق وموهبة ومعرفة بماهية الألوان ومعانيها. هذا النوع من الفن يحتاج إلى معرفة في كيفية مزج الألوان لابتكار ألوان أخرى عبر تكنيك متفرد يعتمد على الصلة الكاملة بين الفنان ومجتمعه، وبين اللوحة والمتلقي».
تكره أرسلان العتمة ولا تحب أن تتعامل معها فنياً، فالضوء في رأيها هو النافذة الجميلة التي يخرج منها الإنسان ويذهب إلى عالمه الجميل، لذلك فإن الألوان الغامقة هي أكثر ما تعتمد عليه إذ تساهم في انتشار الضوء التي تتسم به معظم لوحاتها، ومن خلال الضوء تعبر عن الفرح والحزن باستخدام الألوان الغامقة. وترى أن معظم الألوان يستطيع الفنان الموهوب اكتساب خبرة في التعامل معها خلال دراسته الأكاديمية ويمكن أن يستخدمها، إلا أن ثمة حالة قد يتميز بها الفنان هي حالة تشكيل لون جديد عبر المزج بين الألوان، وهذا اللون يخدم الفكرة المبتكرة أيضاً.
تبتعد أرسلان في لوحاتها عن التجسيد والتجريد، محاولة أن تقدم أسلوباً تعبيرياً سهل التلقي وصعب الابتكار، وهذا يستلزم بحسب ما أشارت إليه الاعتماد على الألوان الزيتية والابتعاد عن الأكريليك والمائي وغير ذلك من الألوان الأخرى، لافتة إلى أن الألوان الزيتية هي التي تساعد الفنان في النهوض بالتلوين والتكوين الذي تعتمد عليه معاني اللوحة التشكيلية. وتشير إلى أنها تبتعد عن اللونين الأبيض والأسود في الرسم فهما في نظرها عنوان الكآبة ولا يملكان بنى تركيبية معقدة تدلان على مهارة الموهبة وخبرة الفنان، إضافة إلى افتقادهما الغزارة اللونية التي يسعها التعبير عن تحولات الإنسان وتبدلاته.
أما عن أثر الأزمة في لوحاتها فتوضح أرسلان أن الأزمة أرقت حياتنا وقضّت مضاجعنا ودخلت حياتنا الاجتماعية فأورثتنا القهر والحزن، ولا بد لأي فنان من أن يتأثر بها، لذا عبرت في لوحاتي عن الخوف وأسبابه وعن الحزن وآثاره ونتائجه.
تشير أرسلان إلى أن كل شيء ترسمه في لوحاتها هو من ابتكارها ولا تعتمد البتة على النقل، فالابتكار هو عنوان الموهبة ويعبر عن إمكانات الفنان، لذا فإن الوصول إلى سطح اللوحة الأبيض يحتاج إلى كثير من التأني والحيطة والحذر وامتلاك ثقافات بصرية واجتماعية وفكرية ليتمكن الفنان من إنجاز شيء حضاري يفخر به ويدخل به التاريخ، فجمع الفنون الخالدة بنيت على ثقافة ومعرفة وابتكار.
تتابع قائلةً: «اطلعت على رسوم معظم الفنانين التشكيليين الذين دخلوا التاريخ في العصر الحديث، والذي أدهشني أكثر هو الفنان زهير حسيب إذ اهتم بالمرأة وعبّر عن مكنوناته من خلالها فجعلني أقف عنده، إلا أنني خرجت من التأثر به وبسواه لأكوّن شخصية فنية متفردة خاصة بي لا تشبه أحداً وتحمل رؤى وأفكاراً وتطلعات أسعى إلى إظهارها في أعمالي لتصل إلى الجميع وتدخل التاريخ».
تتمنّى أرسلان على المؤسسات الثقافية واتحاد الفنانين التشكيليين العمل على دعم الفن بجوانبه وأنواعه كافة ليحافظ على وجوده داخل البلاد وخارجها والحد من تراجع دور الفن التشكيلي في الحياة العامة السورية.
درست لبنى أرسلان فن التصوير الزيتي في كلية الفنون الجميلة التي تخرّجت منها عام 1998 وتفرغت للعمل الفني وشاركت في العديد من المعارض في سورية وخارجها.
«سانا»