التحدّي عندهم… والسرقة عندنا والمطلوب… اقرأ كتاباً!

لا بدّ لمتابع المشهد الثقافي العربي، أن يتوقّف عند حدثين، لفتا النظر والاهتمام خلال الأسبوع الماضي. يتلخّص الأوّل بتظاهرة ثقافية كبرى حصلت في دولة الإمارات العربية المتحدة، كان بطلها نائب رئيس الدولة الشيخ، حاكم إمارة دبي محمد بن راشد آل مكتوم، حيث اختتم مهرجان «تحدّي القراءة العربي» بتتويج الطالب محمد جلود الجزائري بالجائزة الأولى ومقدارها 150 ألف دولار أميركي، في حين فازت مدرسة «طلائع الأمل» الثانوية من فلسطين بجائزة قيمتها مليون دولار لتميّزها في هذا التحدّي. أمّا الحدث الثاني فهو قيام جمعية مدنية في إحدى ضواحي بيروت الجنوبية، بحدث ثقافيّ تحت شعار «اِسرق كتاباً»، والقصد من وراء ذلك حثّ المواطنين، خصوصاً جيل الشباب، على القراءة. وكانت النتيجة توزيع ألف وخمسمئة كتاب مجّاناً على المارّة في أحد الشوارع المعروفة.

لنتوقّف قليلاً ونأخذ نفساً عميقاً، ونسأل: ما الفرق بين الحدثين المذكورين؟ وأيّ وسيلة تفي بالمطلوب وتوصِلنا إلى الهدف المرسوم وهو التشجيع على القراءة ؟

لا شكّ في أنّ الحدث المهم هو نائب رئيس دولة يقوم بالمبادرة وعلى نطاق واسع. فمثلاً، اشترك في مبادرته هذه «تحدّي القراءة العربي» ثلاثة ملايين ونصف مليون قارئ على امتداد العالم العربي، والوعد بأن هذا العدد سوف يتضاعف ليصل إلى سبعة ملايين قارئ السنة المقبلة. أما الحدث الثاني، فعلى رغم اعتراضنا على العنوان، لأنه لا يجوز استعمال «اسرق» لترغيب الناس بالقراءة، فهو حدث متواضع صغير، ولكنه في النهاية يشجّع الناس ويجعلهم يفكّرون جدّياً بالمطالعة.

من هنا نقول لمنظّمي حدث الضاحية، كان من الأجدى لكم استعمال عنوان آخر للمشروع لجعل الناس يفكّرون بالهدف المرسوم والإقبال على المطالعة، خصوصاً أنكم تقدّمون الكتب بالمجّان. فالخطوة جيدة ويُبنى عليها، ولا بدّ من تطويرها في المستقبل لتعمّ الوطن بمناطقه كافة.

إن نشر المعرفة وتشجيع المواطنين للحصول على المزيد منها يتطلّب:

ـ توفير الكتب مجاناً وإن لم يكن فبأسعار رمزية، وبمتناول الجميع، كما تفعل دولة الكويت التي تصدر منذ أكثر من أربعين سنة مجلات علمية وأدبية عدّة، تُوزَّع في العالم العربي بأسعار زهيدة جدّاً.

ـ تشجيع الكتّاب والمؤلّفين على الكتابة وإنتاج مواد تفيد المجتمعات العربية وبأساليب سهلة الفهم، وتُبعدهم عن التحجّر الدينيّ.

ـ إقامة مهرجانات متعدّدة في مناطق مختلفة من العالم العربي بهدف تعزيز المطالعة ونشر الفكر العلميّ بين الناس.

ـ مساعدة الدول الغنية أمثال دولة الإمارات العربية وغيرها على تحقيق هذه المهرجانات.

ـ تحفيز دور النشر على مضاعفة إنتاج الكتب وبأسعار ميسّرة لتطال أكبر شريحة من المواطنين.

المجتمع بحاجة إلى المعرفة التي هي قوّته، وبها يرتقي وينهض ويبتعد عن التعصّب والتقوقع، لينطلق فيه الناس في ما بينهم لتعزيز التضامن والأخوّة الوطنية.

سين. غين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى