الحكومة العراقية: التمديد للأزمة مع وقف التنفيذ
حميدي العبدالله
عرض رئيس الحكومة العراقية الجديدة حيدر العبادي تشكيلة حكومته أمام البرلمان العراقي، ونالت الحكومة الثقة.
بات الآن ممكناً إصدار تقييم حول هذه التشكيلة ومعرفة ما إذا كانت قد وضعت حداً للأزمة الحكومية والأزمة السياسية التي تعصف بالعراق، والتي وفرت مناخاً أتاح لتنظيم «داعش» التمدّد في مناطق واسعة توازي أكثر من نصف مساحة العراق.
في سياق عملية التقييم يمكن الإشارة إلى الآتي:
أولاً، التشكيلة الحكومية الجديدة لا تختلف عن تشكيلة الحكومة السابقة التي كان يرأسها نوري المالكي لجهة توزيع الحقائب بين القوى السياسية الفاعلة، وليس هناك من جديد سوى تبادل بعض الحقائب بين القوى الفاعلة حيث آلت الخارجية إلى التحالف الوطني بعد أن كانت من حصة الأحزاب الكردية، وآلت حقيبة المالية للأكراد بعد أن كانت من حصة التحالف الوطني، وجرى توزيع بقية الحقائب بين المكونات الأخرى وفق قواعد التوزيع التي اعتمدت في حكومة نوري المالكي.
ثانياً، الحقائب العسكرية والأمنية، أي وزارة الدفاع والداخلية، لم يتم التوصل إلى اتفاق حول الأسماء التي سوف تشغل هذه الحقائب، تماماً مثلما كان عليه الحال في حكومة نوري المالكي، حيث ظلت هذه الوزارات تدار من قبل موظفي الوزارة ولم يعيّن لا وزير الدفاع ولا وزير داخلية، وتولى رئيس الحكومة الإشراف على إدارة هذه الوزارات طيلة ولاية حكومة نوري المالكي البرلمانية.
عدم الاتفاق على الوزراء الذين يشغلون وزاراتي الدفاع والداخلية، وعلى الرغم مما يواجهه العراق من تحديات أمنية، مثل التفجيرات المستمرة منذ فترة طويلة والتي تستهدف الآمنين، وعلى الرغم مما يواجهه العراق من تحديات عسكرية بعد سيطرة «داعش» على أكثر من نصف مساحة العراق، يؤكد أنّ الأزمة الحكومية، وبالتالي الأزمة السياسية، مستمرة في العراق، وتشكيل الحكومة الجديدة لا يضع حداً لها على الإطلاق، جلّ ما حدث مع تشكيل الحكومة الجديدة، هو تجنّب استمرار الفراغ الحكومي، وتأجيل حلّ أو انفجار الأزمة إلى ما بعد دفع الخطر الأهمّ الذي يمثله تمدّد «داعش» على جميع القوى والمكونات العراقية، وعلى بعض دول المنطقة، والمصالح الغربية.
إذن، يمكن القول إنّ ولادة الحكومة العراقية الجديدة، عبارة عن تمديد للأزمة السياسية والحكومية مع وقف التنفيذ موقتاً لدرء الخطر المشترك الذي يمثله «داعش». من يعتقد أنه سوف يصار إلى استكمال تشكيل الحكومة الجديدة في وقت قريب بتسمية وزيري الدفاع والداخلية، كما يصرّح بذلك رئيس الحكومة الجديدة وبعض قادة الكتل، هو واهم، وأيضاً كانت التصريحات ذاتها عن استكمال تسمية وزراء الدفاع والداخلية في حكومة نوري المالكي في وقت قريب، ولكن انتهت ولاية البرلمان ولم تتمّ عملية الاستكمال هذه، والأرجح أن يتكرّر السيناريو نفسه مع حيدر العبادي.