انتخاب الرئيس ومرتكزات الدولة المدنية القوية العادلة

معن حمية

اليوم، هو لانتخاب رئيس الجمهورية في لبنان، وكلّ الكتل النيابية والمستقلين أكدوا المشاركة في جلسة انتخاب الرئيس واكتمال النصاب، لتصبح حظوظ رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون متقدّمة قياساً على حظوظ الورقة البيضاء.

حين تعلن نتيجة الاقتراع، ويلقي خطاب القسم، يتجرّد العماد ميشال عون من ألقاب رافقته لعقد ونيّف من الزمن، فلا يرافق صاحب الفخامة غير العماد، بما يرمز إليه اللقب من إرادة للبناء.

وفي لحظة وصول صاحب الفخامة إلى قصر بعبدا وجلوسه على كرسي الرئاسة، لا بد أن تبدأ مرحلة سياسية جديدة، عنوانها الأساس بناء تفاهمات وطنية جامعة تحصّن لبنان بوجه كلّ الأخطار والتحديات، وتؤكد على وحدة لبنان واللبنانيين. وذلك تأسيساً على خطاب قسمٍ لن يخلو من عبارة «شعب لبنان العظيم».

الرئيس المنتخب، الذي هو رمز وحدة لبنان، سيكون لكلّ اللبنانيين، على اختلاف توجهاتهم الحزبية السياسية، مؤتمناً على الدستور، حريصاً على المؤسسات وتفعيلها، متمسكاً بالثوابت والخيارات الوطنية، ولا ينأى بالنفس عما يهدّد وحدة البلد وأمنه واستقراره.

فخامة الرئيس، لم يأتِ إلى الرئاسة من فراغ، بل أتى نتيجة مسار سياسي وطني شفاف، ترجم صدقاً في المواقف الثابتة والحاسمة دعماً للمقاومة ضدّ العدو الصهيوني، ودعماً لمواجهة الإرهاب والتطرف، واقتناعاً بالعلاقات المميّزة بين لبنان وسورية.

فخامة العماد لم يأتِ ليملأ فراغ كرسي الرئاسة، بل أتى على خلفية إيمانه بالدولة، وقد اختار التغيير والإصلاح نهجاً لمسيرته الوطنية. وهو يؤمن أنّ التغيير والإصلاح ليس شعاراً بل مسار عملي يؤدّي إلى بناء الدولة المدنية القوية والعادلة.

مع العماد ميشال عون رئيساً قوياً لكلّ لبنان، تسقط كلّ ذرائع الخوف والتهميش، وكلّ مقولات التقوقع والانعزال وكلّ منطق الفدراليات المقنعة. فهذا الرئيس لم يتوجه يوماً إلى شريحة واحدة من اللبنانيين، بل كان على اختلاف مراحله يتوجه إلى كلّ اللبنانيين.

التتمة ص8

مع العماد عون رئيساً صادقاً مع كلّ اللبنانيين، لن تستثمر الرئاسة فئوياً ولن تتقلّب جهوياً، بل ستشكل بوصلة وطنية تضع مصلحة لبنان واللبنانيين فوق أيّ اعتبار.

ومصلحة لبنان واللبنانيين، أنّ يخطو العهد الجديد أولى خطواته العملية بخلق بيئة صالحة تؤمّن أوسع التفاف سياسي حوله بما يزّخم انطلاقته، وهذا يستدعي إعادة تنشيط عملية الحوار والتفاهمات من خلال استكمال النقاش في العناوين المدرجة على طاولة الحوار، لا سيما تلك التي تصبّ في مصلحة بناء الدولة الوطنية.

ومصلحة لبنان، بأن تكون هناك انطلاقة قوية للرئاسة، محصنة بتفاهمات وطنية، فنصل إلى «تسونامي» حقيقي يجتاح مواقع الفساد والطائفية والمذهبية ويُحدث تغييراً وإصلاحاً يؤدّي إلى قيام الدولة المدنية الديمقراطية القوية والقادرة والعادلة.

نحن من القائلين، وقولنا حقيقة واضحة ثابتة، بأنّ الممرّ الإجباري الذي يوصلنا إلى الدولة المدنية القوية العادلة، هو قانون انتخابات نيابية يعتمد لبنان دائرة واحدة والنسبية من خارج القيد الطائفي. وما عداه من قوانين طائفية وتحاصصية، لا سيما قانون الستين الماضوي السيّئ الذكر، إنما هو تأبيد للنظام الطائفي كي يبقى مستعصياً على إرادة التغيير.

نحن من القائلين، وقولنا صار حاجة ملحة للبنان، بأن تتوحد المناهج التربوية، وبأن يكون هناك كتاب تاريخ موحد، يؤرّخ المحطات بموضوعية ويسمّيها بأسمائها ويميّز بين فعل الخيانة وفعل البطولة، من دون مراعاة لهذه الطائفة أو تلك، فالمراعاة هذه تشوّه الحقائق وتضلل الناشئة والأجيال الجديدة.

ونحن من القائلين، بأنّ العدالة الاجتماعية، لا تتحقق في ظلّ السياسات الاقتصادية الاجتماعية المتبعة، التي تثقل كاهل الناس وتضاعف الأزمات. فالطريق الى تحقيق العدالة الاجتماعية، يحتاج إلى تبنّي سياسات اقتصادية اجتماعية تنموية حقيقية، وليس باعتماد «روشتات» البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، التي ترمي إلى إفقار الشعوب والبلدان والهيمنة على مواردها وثرواتها.

ونحن من القائلين، وقولنا أيّدته التجارب والوقائع، بأنّ لبنان ليس ضعيفاً، كما يراه أصحاب عقد النقص والضعف، بل كما نراه نحن بلداً قوياً بجيشه وشعبه ومقاومته، بل قادر على تحرير أرضه وإلحاق الهزيمة بالعدو اليهودي، وعلى منع الإرهاب من تهديد الاستقرار. لذلك، عبثاً يحاول بعض اللبنانيين تقييد معادلة القوة أو النيل من عناصرها، وعبثاً يحاول البعض التعمية على خياراته غير المحسومة لمصلحة وحدة لبنان وقوته بنظريات الحياد والضعف، أو باستراتيجيات الدفاع البهلوانية التي تنطوي على تيئيس اللبنانيين من مقاومة عدوهم.

ونحن من القائلين، وقولنا مصلحة للبنان، بأنّ العلاقة المميّزة بين لبنان والشام، مصلحة للبنان وقوة. ونحن واثقون بأنّ رئيس لبنان، سيعمل جاهداً من أجل مصلحة لبنان.

والقول الفصل، ثبّته أنطون سعاده بأنّ «لبنان يحيا بالإخاء القومي ويفنى بالطائفية»، فمن أراد الطائفية ملاذاً يسعى وراء الفناء، ومن أراد الأخاء أحيا لبنان، ونحن واثقون بأنّ فخامة الرئيس، فسيكون عماداً للإخاء بين اللبنانيين لكي يحيا لبنان.

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى