الغرور والاسترخاء في مواجهة «داعش»!

عامر التل

تعتقد بعض الدول العربية أنها بعيدة عن إرهاب «داعش» كونها هي من شارك في إنشاء هذا التنظيم الإرهابي بطريقة من الطرق، ويغيب عن بال هؤلاء أنّ هذا التنظيم الإرهابي لا عهود له ولا أصدقاء، فهو وخلال اجتماع في عمّان تعهّد بعد احتلال الموصل بإنشاء مجلس عسكري يكون برئاسة عزت الدوري وممثل لكلّ فصيل من الفصائل العراقية المسلحة، لكنه قلب الطاولة على الجميع وانفرد بالسيطرة على ما تمّ احتلاله من الأراضي العراقية. ومن شدّة ثقة البعض أنّ «داعش» لن يستهدفه، أرسل أعداداً من قواته الى دولة أخرى لحمايتها من خطر «داعش» المحتمل عليها، وترك بلده عرضة لاحتمال أن يقوم «داعش» بغزوه وتعيث فيه قتلاً وتدميراً.

المعلومات التي تسرّبها دوائر أمنية غربية تقول إنّ «داعش» لديها خطط جاهزة للقيام بغزوات لبعض الدول، ومن يعتقد انّ حدوده مع العدو الصهيوني يمكن ان توفر له الحماية واهم، فها هو معبر القنيطرة بين سورية و»إسرائيل» قد سيطرت عليه «جبهة النصرة» المصنفة انها إرهابية، ومع ذلك لم تنزعج «إسرائيل» من هذا «الجار» الجديد بل على العكس رحّبت به واعتبرته صديقاً لها، ومن يعتقد أنه يمسك بمفاصل التنظيم الإرهابي فهو أكثر من واهم، لأنّ هذه التنظيمات الإرهابية يتمّ تحريكها بواسطة الريموت كونترول الأمريكي – «الإسرائيلي» الذي يسعى إلى إعادة رسم خرائط سايكس ـ بيكو لأنها بنظره لم تعد كافية لخدمة أمن «إسرائيل».

الغرور الأمني والاسترخاء والاطمئنان إلى أنّ بعض قيادات التنظيم الإرهابي «في الجيبه» ليس صحيحاً، فهؤلاء «القادة» غير مؤثرين في صنع القرار داخل التنظيم الإرهابي، ويقومون بتمرير رسائل تهدئة فقط.

أما بالنسبة إلى الأردن فإنه إذا ما شارك في الإطار الدولي ضدّ الإرهاب يخشى من ارتدادات هذه المشاركة على الداخل الأردني، ولا يستطيع عدم المشاركة لأسباب عديدة، ومن يقول إن لا بيئة حاضنة لـ»داعش» في الأردن كمن يضع رأسه في الرمال، وهو يضرّ بالبلد أكثر مما يفيدها، ولم يعد سراً أنّ عدداً من الأردنيّين ينتظرون قدوم التنظيم الإرهابي ولهم «مبرّراتهم»، فإما أنه تعرّض للظلم مرة أو أنّ ثقافته الدينية أوصلته إلى هذا الوضع، أو أنه يريد الانتقام من السياسات الحكومية التي أوصلته إلى الفقر المدقع… حتى لا نقول إلى الجوع.

فهذه السياسات الاقتصادية وبسبب انحيازها لشروط صندوق النقد والبنك الدوليّين أوصلت الأردن الى حافة الإفلاس، وها هو رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور يصرّح قبل ايام انّ وضع الاقتصاد الأردني بائس، وكذلك تصريحات اقتصاديّين انّ الوضع الاقتصادي يمرّ بأوقات حرجة رغم انّ الحكومة في كلّ مرة ترفع بها الأسعار والضرائب كانت تقول إنّ الرفع سيؤدّي الى تحسين هذا الوضع.

مواجهة «داعش» والفكر التكفيري لا تتمّ بالاسترخاء والنوم على انّ التقديرات مضخمة، ولا تكون بالعبث في ساحات الآخرين ظناً بأنّ هذا التدخل لن يرتدّ على المتدخل، وليس بالسياسات الاقتصادية التي توصل الناس الى حدّ الالتحاق بهذه التنظيمات الإرهابية والترحيب بها.

رئيس تحرير شبكة الوحدة الإخبارية في الأردن

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى