تحيا الجزائر.. وأيقونة الثورة

نظام مارديني

لا يمكن النظر إلى الجزائر كأسطورة واستقلال إلا باعتبارها قصة طويلة الفصول.. ففي مثل هذا اليوم من العام 1954 أعدّت طليعة من الوطنيين الجزائريين لثورة شاملة اندلعت بقيادة جبهة التحرير الوطني أسقطت خلالها فكرة «الجزائر مقاطعة فرنسية» إلى الأبد، والتفّ حولها الشعب بمختلف فئاته وأحزابه، طيلة سبع سنوات ونصف سجل فيها الجزائريون أروع صور البطولات والفداء وقدّموا تضحيات أدارت رقاب كل العالم، وبقيت ملحمة تستلهمها الشعوب وحركات التحرر بعد أن استطاعت الثورة أن تكسب تأييداً وتعاطفاً مع القضية الجزائرية من الشعوب الحرة.

بعد مليونٍ ونصف مليون من الشهداء، بدأت عملياً معارك بناء الجزائر الجديدة وقد تبخّرت خرافة إلحاقها بالقوة التي لا تُقهر ولا تُضاهى في ذلك الوقت، وقدّمت ملاحم أسطورية في الوطنية والنضال والتضحية والصمود والبذل والعطاء من أجل الجزائر المستقلة، ومن أجل بلورة الفكرة المغاربية، وقد تجسدت روح التآلف والأخوة في إسناد ليبي وتونسي ومراكشي منقطع النظير بشرياً ومادياً ومعنوياً.

لقد ترتبت على ثورة التحرير الجزائرية التي توجت بالاستقلال في 5 تموز 1962 نتائج مهمة لعل أهمها:

على الصعيد الخارجي، أبرز حضور الوفد الجزائري مؤتمر باندونغ بأندونيسيا في العام 1955 القضية الجزائرية وفتح الطريق أمامها لتدخل محافل الأمم المتحدة.

قادت الجزائر حرب كسب التأييد للقضية والردّ على الحملة الدبلوماسية الفرنسية، وشرح ظروف الثورة وأهدافها لقادة العالم وشعوبه، وما دفعته من ثمن للحرية وما قدمته من التضحيات الجسام بكل سخاء لانتزاع حقها المشروع في الاستقلال.

استعادة الجزائر دورها في صوغ دورها ومحيطها الإقليمي، وأصبحت صانعةً لها ومؤثرةً فيها، بعدما كانت تعيش على هامش تطورات المنطقة خلال فترة الحكم الاستعماري.

استكملت بناء مؤسسات الدولة الحديثة، وإثبات دور المرأة في بناء المجتمع، بعدما ساهمت المرأة الجزائرية في ثورة التحرير، وكانت المجاهدة جميلة بوحيرد مثالاً لبطولاتها.

لعلنا نعيد التذكير بما قالته أيقونة الثورة المقاومة بو حيرد لجيش الاحتلال الفرنسي بعدما تم القبض عليها عام 1957 عندما سقطت على الأرض تنزف دماً وألقي القبض عليها وبدأت رحلتها القاسية مع التعذيب: «أعرف أنكم سوف تحكمون علي بالإعدام، لكن لا تنسوا إنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم، ولكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة».

وقد قال محاميها الفرنسي جاك فيرجيس: «لو أُعدمت جميلة، كنت سأقتحم مكتب الجنرال ماسو أو بيجار وأقتلهما، لم أكن أتصوّر موتها، فحياتها هي التي جعلتني اليوم متصالحاً مع نفسي».

من رسالة فنانة الشعب فيروز للمناضلة جميلة بوحيرد 1959 : «جميلة صديقتي. جميلة تحية إليكِ، حيث أنتِ في السجن في العذاب، حيث أنتِ تحية إليكِ يا جميلة…».

للشاعر الراحل نزار قباني:

«انتصروا الآن على أنثى

أنثى كالشمعة مصلوبة

القيد يعضّ على القدمين

وسجائر تطفأ في النهدين

ودمٌ في الأنف والشفتين

وجراح جميلة بوحيرد».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى