مرحلة ما بعد استعادة حلب ليست كما قبلها
محمد عباس المولى
المتتبّعون مسار الأحداث في المنطقة، يدركون أنّ العدو الصهيوني والولايات المتحدة الأميركية يقفان وراء الحروب والفوضى والإرهاب، وأنّ هناك مشروعاً صهيونياً ـــ أميركياً واحداً يستهدف أمتنا بوحدتها ومقاومتها، هو مشروع التفتيت والهيمنة وإقامة دويلات طائفية ومذهبية وإثنية بما يشكل حماية لأمن الكيان الصهيوني وتأبيداً للاحتلال. وأنّ هناك دولاً عديدة، منها تركيا وقطر والسعودية تشكل أدوات لهذا المشروع.
المشروع العدواني الصهيوني ــــ الأميركي، وعلى الرغم من الحروب التدميرية والمجازر الوحشية بحق شعبنا، لم ينجح في تحقيق أهدافه كاملة، لا في فلسطين المحتلة ولا في لبنان، نتيجة تشكّل إرادة المقاومة في شعبنا ضدّ الاحتلال والعدوان. وهذه المقاومة سواء في لبنان أم في فلسطين، أثبتت قدرة هائلة على الصمود والمواجهة والمبادرة، وفي حرب تموز 2006 على لبنان، أضحت المقاومة تشكل معادلة ردع حقيقية في مواجهة العدو الصهيوني.
لقد أدرك العدو الصهيوني وحلفاؤه استحالة بقاء كيان الاغتصاب على أرض فلسطين، واستحالة حماية أمن هذا الكيان، لأنّ المقاومة في أمتنا باتت نهجاً وثقافة، وهي تمتلك كلّ عناصر القوة بفضل الشام التي تشكل الحاضنة القومية للمقاومة.
وعليه، اتجه المشروع الصهيوني ــــ الأميركي لينفّذ منذ خمس سنوات حرباً على الشام بوصفها حاضنة المقاومة، ووفّر لهذه الحرب كلّ العناصر، بدءاً من آلاف الإرهابيين المتعدّدي الجنسيات إلى دول إقليمية وعربية ترعى هؤلاء الإرهابيين. وقد تولت دول عديدة عمليات التمويل والتسليح والترويج إعلامياً وسياسياً للإرهاب تحت مسمّى «الربيع العربي»، ووجدت تركيا ضالّتها في هؤلاء لتحقيق أطماعها التاريخية في أرضنا، فتحوّلت الى مقرّ للإرهاب وممر لعشرات آلاف الإرهابيين لاستخدامهم في الحرب على الشام، وقد اجتمعت كلّ مصالح وأطماع حلف الأعداء لتحقيق هدف استراتيجي، هو إسقاط الدولة السورية، لتسهيل تصفية المسألة الفلسطينية والقضاء على المقاومة في أمتنا. وضمناً تفتيت بلادنا وتقسيمها، وقد رأينا كيف وفّرت تركيا الأرضية لتنظيم «داعش» الإرهابي لاحتلال مدن واسعة من العراق، ومناطق عدّة في سورية.
اليوم، يواجه المشروع المعادي فشلاً ذريعاً، فالجيش السوري وحلفاؤه يُمسكون بزمام المبادرة ويحقّقون تقدّماً متواصلاً على الجبهات كافة، وتشكّل معركة حلب محطة مفصلية في الحرب ضدّ الإرهاب، حيث تمكّن الجيش السوري بمؤازرة «نسور الزوبعة» وسائر الحلفاء من إحكام الطوق على الإرهابيين، وكلّ المؤشرات تدلّ على أنّ معركة حلب ستُحسم ولذلك نرى كلّ هذا العويل من قبل حلف العدوان، ونرى كيف بدأت المجموعات الإرهابية تستخدم الغازات السامة ضدّ المدنيين بإيعاز من رعاتها.
كما أنّ الجيش العراقي هو الآخر استعاد زمام المبادرة، وحقق إنجازات ميدانية عديدة من خلال تحرير محافظات ومدن بأكملها، وهو اليوم يخوض معركة لتحرير الموصل، والقضاء على الإرهاب والأطماع التركية معاً.
وما تجب الإشارة إليه، هو أنّ إنجازات الميدان السوري، وخصوصاً في حلب، تمّت قراءتها جيداً من قبل البعض. ولعلّ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في لبنان، جاء في هذا السياق، ويُجمع المتابعون والمحللون على أنّ مبادرة بعض الأفرقاء اللبنانيين بدعم ترشيح العماد عون، هي إجراء استباقي منسّق مع رعاة هذه القوى، لأنهم يدركون جيداً أنّ مرحلة ما بعد استعادة حلب ليست كما قبلها.
منفذ عام المتن الجنوبي
في الحزب السوري القومي الاجتماعي