تشكيك في قدرة أعضاء «أوبك» على التوصل لاتفاق فهل يتراجع سعر النفط إلى 40 دولاراً؟
بعد فشل اجتماع أعضاء «أوبك» في فيينا الأسبوع الماضي في التوصل إلى اتفاق مبدئي حول تخفيضات الإنتاج، عبّر عدد كبير من المحللين عن تحفظاتهم حول قدرة كبار منتجي النفط في العالم على التوصل إلى اتفاق ملزم لتقييد إنتاج النفط.
وتوقعت غالبية المحللين أن يبلغ متوسط سعر العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 44.78 دولاراً للبرميل في 2016، و57.08 دولاراً للبرميل في 2017، مقارنة مع 44.74 دولاراً و57.28 دولاراً في توقعات نفس الفترة الشهر السابق.
وكانت «أوبك» اتفقت على خفض الإنتاج إلى نطاق يتراوح بين 32.5 و33 مليون برميل يومياً في نهاية شهر أيلول في الجزائر. ومن المفترض أن يتم وضع التفاصيل الخاصة بالتخفيضات الفردية لكلّ دولة في اجتماع أوبك الرسمي في نهاية الشهر الحالي.
لكن مع انضمام العراق إلى إيران وليبيا ونيجريا في طلب الإعفاء من خفض الإنتاج، يتشكك المحللون في قدرة أعضاء المنظمة على التوصل إلى توافق في الآراء.
وطلب العراق إعفاءه من التخفيضات التي ستفرضها أوبك، قائلاً إنه بحاجة إلى دخل النفط بسبب الحرب ضدّ تنظيم «داعش» الإرهابي.
ورجّح المراقبون أن يكون إنتاج نفط «أوبك» قد سجل مستوى قياسياً مرتفعاً جديداً في تشرين الأول، مع تعافي الإنتاج النيجيري والليبي جزئياً من التعطيلات، وتعزّز الصادرات العراقية.
الحد من الإمدادات
ويزيد ارتفاع الإنتاج وتيرة الشكوك إزاء قدرة المنظمة على إبرام اتفاق نهائي بشأن خطة توصلت إليها في أيلول الماضي للحد من الإمدادات. وتراجعت أسعار النفط حتى 48 دولاراً للبرميل منذ ذلك الحين، بعد أن صعدت إلى أعلى مستوياتها لعام 2016 قرب 54 دولاراً.
وبحسب بيانات الشحن ومعلومات من مصادر في قطاع النفط، فقد زاد معروض منظمة «أوبك» إلى 33.82 مليون برميل يومياً في تشرين الأول، وهذا يعادل أكثر من 800 ألف برميل يومياً فوق سقف الإنتاج الذي اتفقت عليه «أوبك» في الجزائر في 28 أيلول الماضي. ويتوقع المراقبون أن يصل إجمالي إنتاج «أوبك» اليومي إلى 34 مليون برميل يومياً، ما سيعمِّق أزمة التخمة في الأسواق المشبعة بالنفط أصلاً. وازدادت الإمدادات في السوق منذ أواسط عام 2014 عندما أوقفت «أوبك» سياسة تخفيض الإنتاج لدعم الأسعار. وبعد دخول الغابون وإندونيسيا إلى المنظمة ازداد العرض في الأسواق إلى 33 مليون برميل تقريباً. ومن دواعي القلق أن إحصاءات من نيجيريا وليبيا والعراق تشير إلى زيادات ملحوظة في الإنتاج وفي ليبيا تأثر الإنتاج سلباً بإغلاقات الموانئ والإضرابات والاحتجاجات منذ إسقاط نظام معمر القذافي عام 2011. لكنّ الإنتاج زاد في الأسابيع الأخيرة، بعد إعادة فتح بعض المرافئ الرئيسية.
أما الإنتاج العراقي فقد ارتفع الى 4.58 ملايين برميل يومياً في أكتوبر من العام الحالي.
ويتوقع المحللون موجة بيع واسعة يمكن أن تهبط بالأسعار تجاه 40 دولاراً للبرميل، حال فشل التوصل إلى اتفاق، فضلاً عن بقاء تخمة المعروض القائمة حتى منتصف 2017 على الأقل.
وأظهر الاستطلاع أنّ احتمال رفع أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الاتحادي البنك المركزي الأميركي ، وتباطؤ الاقتصاد الصيني، وتراجع المخاوف الجيوسياسية في دول مثل ليبيا ونيجيريا، قد يبطيء انتعاش أسعار النفط.
وتوقع المسح أن يبلغ متوسط سعر الخام الأميركي الخفيف 43.46 دولاراً للبرميل في 2016، و55.22 دولاراً في 2017. وبلغ سعر خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 42.31 دولاراً في المتوسط منذ بداية 2016.
«أوبك» متفائلة
من جهة أخرى، هناك توقعات متفائلة بأنّ «أوبك» تقترب من تحقيق اتفاق دولي بشأن إنتاج النفط، ما أعطى الأسعار دفعة متواضعة للأعلى أول من أمس في تعاملات آسيا، بعد أن هبطت إلى أدنى مستوياتها في شهر في التعاملات الآسيوية بعد أن أقرّت أوبك استراتيجية طويلة الأجل اعتُبرت مؤشرًا على أنّ المنظمة توصلت إلى توافق في الآراء بشأن إدارة الإنتاج. وعلى صعيد موازٍ، ارتفعت عقود خام مزيج برنت تسليم كانون الثاني 45 سنتًا إلى 49.06 دولاراً للبرميل.
لكنّ تحقيق المزيد من المكاسب سيكون محدوداً على الأرجح في الوقت الذي يتأثر فيه السوق سلباً بمزيد من المؤشرات على ارتفاع إنتاج «أوبك» إلى ّمستوى قياسي، وذلك في إشارة إلى أنّ تخمة المعروض التي كبحت الأسعار لم تتقلص بالوتيرة السريعة التي يريدها المراهنون على ارتفاع الأسعار. بينما يقلل البنك التجاري غولدمان ساكس احتمالات اتفاق جاد لتخفيض الإنتاج وتقليص التخمة في السوق، يؤكد مسؤولون كبار في «أوبك» العكس تماماً.
وفي هذا السياق، قال الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول محمد باركيندو قبل أيام على قناة «بلومبيرغ» إنّ كل أعضاء «أوبك» وحتى العراق التي طلبت إعفاء من تخفيض الإنتاج لديها الرغبة في لعب دور إيجابي.
تحذير من تهاوي الأسعار
ومن دواعي القلق والدهشة هو توقعات البنك التجاري غولدمان ساكس التشاؤمية بعد فشل اجتماع فيينا الأخير، أنّ الأسعار ستهبط الى 40 دولاراً. يأتي هذا التحذير من غولدمان ساكس على فرضية فشل أعضاء أوبك في تطبيق الحصص الإنتاجية على أرض الواقع وظهور التصدعات والتوترات في صفوف أوبك، ما سيزيد فرص الاختلافات وعدم التوصل إلى اتفاق بين أعضاء أوبك في الاجتماع المقرر عقده في 30 تشرين الثاني الحالي، وذلك بسبب وجود عراقيل وعقبات كبيرة.
من المقرّر أن يجتمع أعضاء أوبك نهاية هذا الشهر لبحث خطط وتفاصيل خفض الإنتاج للمرة الأولى منذ عام 2008، ومن المرجح أن يشمل هذا التخفيض منتجين آخرين من خارج منظومة أوبك مثل روسيا.
وما يعزّز الاعتقاد أنّ اجتماع أواخر الشهر لن يتوصل إلى صيغة صارمة هو أنّ الأسعار واصلت تراجعها، حيث أنّ أسعار مزيج برنت هبطت دون الخمسين دولاراً للبرميل أوائل هذا الاسبوع، بعد فشل لقاء فيينا في التوصل إلى صفقة لتقليص التخمة في الأسواق لاسترجاع توازن الأسعار. وغياب اتفاق بين أعضاء أوبك دفع الأسعار للأسفل، ولكن الأساسيات الضعيفة في المعادلة النفطية ستؤدي إلى تراجع الأسعار لنطاق سعري ما بين 40 44 دولاراً للبرميل، والسبب الرئيس لذلك هو عدم قناعة الأسواق بمقدرة «أوبك» على التوصل إلى اتفاق مقنع، بحسب تحليلات غولدمان ساكس. ولكن الخوف من هذا الانخفاض المتوقع في الأسعار قد يجبر أعضاء «أوبك» على إنجاز اتفاق لتقليص التخمة والمخزونات في الأسواق.
وكان ارتفاع مستويات الإنتاج في تشرين الأول الماضي من قبل أعضاء «أوبك»، ومن منتجين خارج «أوبك»، قد قلل احتمالات نجاح اتفاق فعّال من شأنه تخفيض المخزونات وتخمة المعروض في السوق في النصف الأول من عام 2017، حيث وصل معدل إنتاج أوبك اليومي 34.2 مليون برميل يومياً الشهر الماضي.
ستواجه أوبك تحديات ضخمة في محاولتها فرض اتفاقية لتخفيض الإنتاج ومراقبة الالتزام بالحصص التي قد تفرضها منظمة «أوبك» على الأعضاء.
يذكر أنّ أسعار النفط واصلت هبوطها أمس لليوم الرابع. وقد أثّر ارتفاع الإنتاج من قبل أعضاء بمنظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك سلباً على الأسعار.
وقال بيارني شيلدروب كبير محللي السلع الأولية لدى أس.إي.بي: «لدينا زيادة في الإنتاج من ليبيا ونيجيريا تساعد على خلق المزيد من الفائض. أيضاً جميع أعضاء أوبك ينتجون قدر ما يستطيعون ليكون لديهم رقم أساسي يتفاوضون انطلاقاً منه في اجتماع أوبك».
وانخفضت أسعار النفط في الأيام الماضية مع تلاشي آمال بأن يسوي منتجو النفط خلافاتهم ويتفقون على خفض للإنتاج حين تجتمع أوبك في 30 تشرين الثاني.