وتطبيق استراتيجيات أمنية إلكترونية متكاملة
افتتح وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل، ممثلاً بالمدير العام للوزارة آلان بيفاني، قبل ظهر أمس، منتدى «مكافحة الجرائم المالية الإلكترونية»، الذي ينظمه الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب وهيئة الأسواق المالية في فندق كورال بيتش، بحضور الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح وعدد من المصرفيين العرب واللبنانيين ومسؤولين في قطاع التأمين.
بداية، تحدث رئيس مجلس إدارة الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور جوزف طربيه الذي شدّد على ضرورة «تعزيز مواردنا البشرية، وبنيتنا التشريعية وتطوير القوانين التي تحمي التجارة الإلكترونية والمعلومات والبيانات، ومكافحة جرائم الإنترنت»، لافتاً إلى أنّ «إحصاءات هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان تشير إلى أنها تلقت عام 2015 ما يقارب 84 حالة متعلقة بجرائم إلكترونية بلغت قيمتها نحو 12 مليون دولار أي بزيادة كبيرة مقارنة مع العام 2013، حيث تلقت الهيئة 8 حالات بلغت تحو 895.5 ألف دولار».
وإذ عدّد الإجراءات التي اتخذها مصرف لبنان لمكافحة الجريمة المالية الإلكترونية، لفت إلى أنّ الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب يسعى إلى «ترسيخ الوعي التقني والتكنولوجي، وتطوير أداء المصرفيين والمختصين للوصول إلى أرقى معايير وأساليب مكافحة هذه الجريمة، وتحقيق الأمان المالي، وتعزيز التنسيق على المستويات كافة بدءاً من تبادل المعلومات بين المصارف وأجهزة إنفاذ القانون، والتواصل المستمر مع القطاعين العام والخاص، ورفع مستوى الوعي لدى المصرفيين، والعاملين في مكافحة هذه الآفة الخطيرة، وذلك من خلال التركيز على موجبات المصارف والمؤسسات المالية من حيث سياساتها الداخلية بالنسبة لإجراءات الإمتثال، وتحديث برامج أمن المعلومات، والعلاقة مع المصارف المراسلة، والتدابير الواجب إتخاذها في العمليات الإلكترونية المتعلقة بالتجار والافراد».
أما رئيس جمعية شركات الضمان، ورئيس الاتحاد العام العربي للتأمين ماكس زكار فعرض واقع قطاع التأمين في لبنان وفي العالم العربي، لافتاً إلى أنّ هذا القطاع في لبنان «يقدم ويطبق التغطيات الجديدة وسوف نستمر في تطوير البرامج مثل التغطيات ضد جرائم الإنترنت Cyber crime»، مشدداً على ضرورة أن «تؤمن المصارف التغطية ضد الأخطار التي ستواجهها ومن بينها: توقف الأعمال بسبب توقف شبكة المعلومات، المطالبة بفدية للمحافظة على معلومات الزبائن، المسؤولية ضد الآخرين بسبب خرق وخسارة معلوماتهم وتضرر السمعة بسبب خسارة وخرق معلومات الزبائن».
وعرض نائب رئيس هيئة الأسواق المالية سامي صليبا نشأة الهيئة،
مؤكداً أنّ الهيئة تسعى إلى «الإرتقاء بالأسواق المالية في لبنان وخلق بيئة استثمارية جاذبة تحظى بثقة المستثمرين المحليين والدوليين»، وهي لذلك تعمل على «تنظيم وتطوير الأسواق المالية في لبنان والسعي إلى زيادة استخدام هذه الأسواق من قبل المستثمرين والمصدرين، وتوعية المواطنين حول فوائد ومخاطر الاستثمار في الأسواق المالية، وتشجيع الافراد والمؤسسات التي تملك سيولة فائضة على توظيف بعض ادخارها في الأدوات المالية، وتشجيع الشركات الكبيرة على طرح أسهمها للاكتتاب العام وإدراج أسهمها في البورصة، وتقليص مخاطر النظام في الاسواق المالية، وحماية المستثمرين من الممارسات غير المشروعة، وتحديد إطار العمل وتنظيم النشاطات المهنية التي يقوم بها الأشخاص الذين يمارسون الأعمال الخاصة بالأدوات المالية والسهر على تقيدهم بآداب السلوك المهنية، وتنظيم ورقابة عمل البورصات المرخص لها أو الأشخاص الذين يقدمون خدمات مالية مختلفة، ووضع الإطار التنظيمي العام لإدراج الأدوات المالية والموافقة على التداول بها في البورصات، وإصدار التراخيص لوسطاء السوق الذين يقومون بتقديم خدمات للمستثمرين والمصدرين، ومعاقبة المخالفات الإدارية وطلب الملاحقة في جرائم استغلال وإفشاء معلومات مميزة أو ترويج معلومات خاطئة أو مضللة تتعلق بصكوك أو أدوات مالية أو بمصدري هذه الصكوك والأدوات».
ورأى بيفاني أنّ «التطور التكنولوجي والعولمة في مجال تبادل رؤوس الأموال رافقه تزايد في حجم الأموال الناتجة عن الجريمة، كما تجاوزت الجريمة الحدود الوطنية بسبب هذا التقدم التكنولوجي الذي فتح مسارات جديدة للاحتيال المالي والإلكتروني، وباتت الجريمة الالكترونية، في ظل تصاعد وتيرة استخدام الإنترنت والتكنولوجيا الرقمية في الأوساط الحكومية والقطاعية والمجتمعية، تشكل خطراً متزايداً على البنية التحتية والأسواق المصرفية والمالية والتجارة والحكومات حول العالم وأصبحت البيانات الشخصية للعملاء وأموالهم ومعلوماتهم السرية هدفا رئيسا للمقرصنين والتنظيمات الإجرامية والدول الضالعة في الجرائم».
وقال: «إنّ القوانين والأنظمة المرعية الإجراء ظلت قاصرة بعض الشيء عن الحماية بشكل كاف وفعال، ما جعل من مرتكبي هذه التعديات بمنأى عن العقاب في بعض الحالات بسبب فقدان الرادع القانوني المناسب. وقد تنامت أخيراً الخسائر المترتبة عن الجريمة الإلكترونية بشكل سريع، وأصبح عدد أكبر فأكبر من المصارف وغيرها من مزودي الخدمات عرضة للهجمات الإلكترونية الضاربة على يد تنظيمات إجرامية عالمية وينجم عن ذلك خسائر فادحة تتجلى خصوصاً في سرقة البيانات وتعطيل الأعمال».
وأعلن أنه «وفق دراسة حديثة حول الجريمة الاقتصادية في الشرق الأوسط يتبين أنّ الجريمة الإلكترونية تحتل المرتبة الثانية ضمن أكثر جرائم الشركات المبلغ عنها في المنطقة، كما أظهرت الدراسة أيضاً أنّ 33 في المئة فقط من المؤسسات تتمتع بخطة استجابة للحوادث الإلكترونية».
وأكد أنّ «لبنان لم يكن بعيداً عما يحدث، وقد انخرط في هذا المضمار بشكل كبير فقد أنشأ مكتبا متخصصاً في قوى الأمن الداخلي لمكافحة جرائم المعلوماتية والتعدي على الملكية الفكرية»، لافتاً إلى أنّ «القوانين الحالية لا تساعد كثيراً لمواكبة هذا التطور. فقانون العقوبات اللبناني النافذ مثلا جرى وضعه في الأربعينات من القرن الماضي عندما لم يكن للمعلوماتية وجود أصلا وإن التعديلات العديدة التي أدخلت على هذا القانون لم تلحظ لغاية تاريخه أي ذكر لهذا الأمر».
وعرض بيفاني بعض المواد القانونية وما تضمنته من أحكام وعقوبات لحالات محددة في قطاع المعلوماتية والاتصالات والتجارة الالكترونية، وقال: «الواقع القانوني يبين أنّ القوانين اللبنانية النافذة ليست كافية لتجريم التعديات الناتجة عن التطور المتسارع لتقنيات المعلومات والاتصلات ولا يمكنها الإحاطة بالكثير من أنواع الجرائم الجديدة المعروفة اليوم بالجرائم السيبيرانية. فقد، ارتفع عدد الخسائر المبلغ عنها في لبنان من جراء الأفعال الجرمية عبر البريد الإلكتروني إلى أكثر من الضعف في العامين الماضيين»، مستشهداً بإحصاءات للجنة التحقيق الخاصة التابعة للمصرف المركزي تشير إلى أنّ هذه الخسائر تخطت 12 مليون دولار عام 2015».
ورأى أنّ «المطلوب لتحسين الأداء لجهة مكافحة ومعاقبة الجرائم المعلوماتية هو إجراء تعديلات على القوانين الحالية وإيجاد بعض القوانين الجديدة لتجريم الأنواع الجديدة من الجرائم، إضافة إلى التوعية على إجراءات وآليات مكافحة الجرائم المعلوماتية، التعريف بالجرائم المعلوماتية وأنواعها والعقوبات المترتبة عليها، فتح باب الشراكة والتعاون داخليا وخارجيا في مجال مكافحة الجرائم المعلوماتية، زيادة الحس الأمني الإلكتروني لأفراد المجتمع، التواصل بين الجهات الأمنية وتعزيز دورها في حفظ الأمن الالكتروني، إستشراف آفاق التطور الجاري عن وسائل مكافحة الجريمة المعلوماتية والأدلة الجنائية المعلوماتية، تعزيز دور الجهات المعنية بمكافحة الجرائم المعلوماتية في استحداث وتطبيق إستراتيجيات أمنية إلكترونية متكاملة، تشجيع المتخصصين في مكافحة الجرائم المعلوماتية على إقامة واستخدام المعامل المتقدمة المجهزة بأحدث التقنيات العلمية وإجراء البحوث والدراسات المتخصصة، وأخيراً استعراض التجارب المحلية والإقليمية والعالمية في مجال مكافحة جرائم المعلوماتية».
وأعلن أنّ «لبنان نجح في العبور من مرحلة الخطر إلى مرحلة الامتثال للتشريعات في مجال الشفافية وتبادل المعلومات الضريبية، ونجحنا في تخطي مخاطر اللوائح السوداء، وثم في إقرار القوانين الضرورية لتبادل المعلومات عند الطلب، كما دخل لبنان مرحلة التبادل التلقائي للمعلومات الذي سيبدأ العمل به في أيلول 2018، ويجري العمل على الاعداد لهذا الواقع العالمي الجديد من قبل الوزارة ومن قبل المؤسسات المالية والمصرفية اللبنانية أو العاملة في لبنان».
وختم مشدداً على وجوب «تأمين أعلى قدر ممكن من السرية في التداول بالمعلومات حفاظاً على حقوق وأوضاع غير المقيمين، وفي هذا الإطار، تكون المكافحة الفعالة للجرائم الإلكترونية جزءاً أساسياً من السرية المذكورة، وعنصر اطمئنان ضروري بدأ العمل على تأمينه، وهو عمل دائم ومتحرك، يتتبع التطورات التكنولوجي والأطر الجرمية».