عون: الفساد سيُستأصل ولن يستطيع أيّ رأس خرق الدستور

أطلق رئيس الجمهورية ميشال عون الخطوط العريضة لسياسة عهده الداخلية والخارجيّة، مشدّداً على أنّ «وصولنا إلى رئاسة الجمهوريّة ليس الهدف، بل الهدف بنيان وطن قويّ يحتاج إلى دولة قويّة تُبنى على دستور يحترمه السياسيّون».

وأكّد أنّ «أيّ رأس لن يستطيع أن يخرق الدستور من الآن فصاعداً، وأنّ الفساد سيُستأصل، وستعود البيئة نظيفة مهما كلّف الأمر». وقال: «لن نكون مرهونين لأيّ بلد آخر، فاستقلالنا وسيادتنا ليسا عداوة ولا يشكّلان خصومة مع دول أخرى، لا بل صداقة صريحة وقدرة على احترامها، لأنّنا نكون قد تخلّصنا من التأثيرات الخارجية».

«يوم التهنئة الشعبيّة»

كلام عون جاء خلال «يوم التهنئة الشعبيّة» الذي شهده القصر الجمهوريّ في بعبدا أمس لمناسبة انتخابه رئيساً للجمهورية، حيث أحاط به خلال إلقائه كلمته خمس شخصيّات كانت تقف إلى جانبه في التظاهرات التي كانت تنظّم خلال تولّيه رئاسة الحكومة العسكريّة، هم: النائب اللواء إدغار معلوف الذي كان وزيراً، المدير العام للأمن العام آنذاك اللواء نديم لطيف، قائد لواء الحرس الجمهوري آنذاك العميد ميشال أبو رزق، مرافقه السابق النقيب حبيب فارس، والمنسّق العام للمكتب المركزي للتنسيق الوطني الذي كان ينظِّم المسيرات الشعبيّة آنذاك الدكتور بيار رفول.

وشارك في الاحتفال أفراد عائلة الرئيس عون ونوّاب «كتلة التغيير والإصلاح»، وزراء، نواب، وزراء سابقون، فاعليّات سياسية، اجتماعيّة، وجوه فنيّة، وفود من تيارات وأحزاب سياسيّة وكبار موظفي القصر الجمهوري وضباطه، و قد شهد منذ الصباح الباكر تقاطر الوفود الشعبيّة من المناطق اللبنانيّة إلى القصر الجمهوري الذي علت على مدخل بهوه الرئيسي لافتة «بيت الشعب».

ودخل المواطنون الذين استمرّ توافدهم حتى إلقاء الرئيس عون كلمته ظهراً، إلى ساحات القصر وباحته الداخليّة على وقع الأغاني الوطنيّة، رافعين الأعلام اللبنانيّة فقط وصور رئيس الجمهورية واللافتات المؤيّدة ومردّدين أقواله المأثورة.

وتعذّر على كثيرين الوصول إلى ساحة القصر الجمهوري نتيجة الازدحام الكبير، فغصّت الطرق المؤدّية إلى القصر وحتى مدخله الرئيسيّ بالمواطنين الذين استطاعوا متابعة وقائع الاحتفال من خلال شاشات عملاقة وُضعت على جانب الطرق التي سلكها المشاركون.

عون

ولدى إطلالة الرئيس عون على المهنّئين، وتوجّهه عند الحادية عشرة والدقيقة الخامسة والأربعين إلى المنصّة التي أُقيمت للمناسبة، علا التصفيق والهتاف بين الحشود، رفع الرئيس يديه محيّياً المشاركين راسماً إشارة النّصر، وألقى كلمة جاء فيها:

«إخواني وأحبّائي، اعتدتم أن تروني في بزّة أخرى، إلّا أنّ الكلمة والفكر لم يتغيّرا، يا شعب لبنان العظيم، كنتم شعباً عظيماً وأصبحتم شعباً أعظم».

أضاف: «في هذه الساحة التقينا في ظروف صعبة للغاية، لكنّنا كنّا فخورين وكان لدينا كلّ العنفوان وكلّ الألم أيضاً لسقوط شهداء منّا نواصل استذكارهم. لقد اختفى وفُقد منّا أناس، وما زال لدينا اليوم أُناس مفقودون من جيشنا وأحبّائنا العسكريّين، لذلك لا يجوز في أيّ ذكرى وطنية إلّا أن نذكرهم وأن نقدّم كلّ المحبة لأهلهم، إلى كلّ أب وأخ فقد أحداً من أهله. ولكنّنا نريد أن نكمل الحياة مع الأحياء. نذكر شهداءنا دائماً، ولكن الحياة ستستمرّ وسنبني المستقبل».

وتحدّث عن مرحلة نهاية الثمانينات، وقال: «اليوم سنبدأ مرحلة ثانية، مرحلة بناء الوطن … نحن اليوم أمام مشروع كبير. إنّ وصولنا إلى رئاسة الجمهورية ليس الهدف، بل الهدف أن نبدأ بناء وطن قويّ عبر تعزيز وحدته الوطنيّة. إنّ الوطن القوي يحتاج إلى دولة قويّة تُبنى على دستور يحترمه السياسيّون جميعاً، و«ما في راس رح يخرق سقف الدستور من الآن فصاعداً».

ورأى أنّ «لبنان بُنيَ على الوحدة الوطنيّة التي ستعطينا القوة في الوطن، والتزامنا اتجاه أرضنا واستقلالنا». وتابع: «سيحترم الشعب اللبنانيّ القوانين التي تشكّل العقد بين اللبنانيّين، الحافظة لحقوقهم، وستظهر للّبنانيين عدالة وقوى أمنيّة غير مسيّسة وغير تابعة للقوى السياسيّة، لأنّها مؤتمنة على احترام وفرض احترام القوانين، وبالتالي لا يصبح شعار «أن ينام المواطن وبابه مفتوح» شعاراً فارغاً. تنتظرنا مشاريع كبيرة، ونعلم أنّ المجتمع اللبناني لديه حاجات بدائيّة غير متوفّرة بعد، فقد تمّ إسقاط المشاريع وإيقافها، وتمّ التعاطي بكيديّة سياسيّة لعرقلة عملنا، أي مشاريع الكهرباء والمياه وتحسين أوضاع الطرقات في المناطق. لذلك، من أوّل الأمور التي سنباشر في تنفيذها هي تأمين هذه الحاجات بالسرعة الممكنة، كما يجب استثمار الموارد الطبيعيّة التي ستجعلنا نتخلّى عن الاستدانة بعد أن وقعنا بعجز مادي، ويجب أن تتحقّق هذه الأمور بالسرعة المطلقة، كي تشعروا كمواطنين بانفراج اقتصادي ويعود لبنان المزدهر والمنفتح على العالم، وخصوصاً العالم العربيّ».

وتابع: «الآمال كبيرة، والإرادة متوفّرة لدى جميع اللبنانيّين، لذلك وصلنا إلى السلطة ولدينا خطط تنمويّة، مع المحافظة على استقلالنا وسيادتنا وحريّتنا، ولن نكون مرهونين لأيّ بلد آخر. وأهمّ ما لدينا هو أنّه يمكننا تدبّر شؤوننا ونتعاطى مع الآخرين بصداقة ومحبة، فاستقلالنا وسيادتنا ليسا عداوة ولا يشكّلان خصومة مع دول أخرى، لا بل صداقة صريحة وقدرة على احترامها، لأنّنا نكون قد تخلّصنا من التأثيرات الخارجيّة».

وختم: «في النهاية، مشاريعنا كثيرة كما آمالنا، ولكن عليكم أنتم أيضاً مسؤولية كبيرة، فنظافة الكفّ والسياسة هي من الثقافة، ويجب ألّا تبقى سياستنا قائمة على الشائعات، أو على الفساد وفق مبدأ الاستفادة كما غيرنا. إنّ الفساد سيُستأصل وستعود البيئة نظيفة مهما كلّف الأمر، وكي لا أكرّر كلّ ما سنقوم به، أستودعكم لأراكم في مناسبة أخرى.عشتم وعاش لبنان».

يُذكر أنّ لواء الحرس الجمهوري كان تولّى اتّخاذ الترتيبات الأمنيّة الخاصة بهذا اليوم، والتي أسهمت في تسهيل وصول المشاركين إلى القصر الجمهوري، فيما كانت وحدات من الصليب الأحمر اللبناني حاضرة للتدخّل لإسعاف المواطنين عند الحاجة.

و لفتَ رئيس «التيّار الوطني الحرّ» جبران باسيل بعد الاحتفال، إلى أنّه «أراد أن يتكلّم بصفته مناصراً للتيار، وليس الوزير ورئيس التيار وصهر الرئيس عون»، مشيراً إلى أنّه «كان متطوّعاً في الجيش خلال الفترة السابقة، كما كان مناصراً للعماد عون ككلّ اللبنانيّين، وإلى أنّه استذكر اليوم هذه المرحلة وحلماً لعشرين سنة مقبلة».

وشدّد على «الفصل بين الصِّلة العائليّة التي تربطه بالجنرال والصِّلة السياسيّة»، وعلّق على خطاب القسم، قائلاً: «لا يستطيع الرئيس أن يقوم بكلّ الأعمال لتحقيق الأهداف، بل ينجح بالتعاون مع الشعب اللبناني، وبالتالي نحن والشعب اللبناني أمام مسؤوليّة كبيرة لإنجاح هذا العهد».

باسيل وعون وروكز

وعمّا يُحكى عن أنّ باسيل هو رئيس جمهوريّة الظلّ وما إذا كان ينزعج من ذلك، رأى باسيل «أنّ هذا يُزعج أصحاب هذه الشائعات»، مؤكّداً «أنّها ليست حقيقيّة، إلّا أنّه ليس مجبراً على تأكيد ذلك، فالجنرال سيقوم بالمطلوب».

بدوره، اعتبر النائب آلان عون من أمام قصر بعبدا، أنّ الرئيس عون «هو رئيس من الشعب إلى الشعب»، ورأى «أنّه للمرّة الأولى منذ اتّفاق الطائف يأتي رئيس يمتلك هذه القوة الشعبيّة، ما يُعدّ نمطاً ونموذج آخر من الحكم».

واعتبر العميد شامل روكز، «أنّ الشعب انتظر طويلاً، لكنّه وصل إلى النتيجة التي كان يرغب بها»، لافتاً إلى «أنّ الأيام المقبلة مليئة بالعمل والجهد».

وأوضح روكز «أنّ شعور الرئيس رائع جداً، فقد صبر وأصرّ وتمرّد خلال سنوات طويلة للوصول إلى هذا الهدف».

وعن استلامه حقيبة وزاريّة، أكّد «أنّ الرئيس عون لم يتحدّث معه عن أيّ شيء حتى الآن، وهو ينتظر رأي الجنرال»، مضيفاً: «أنا سأعمل بما يراه الجنرال مناسباً، فإذا طلب منّي استلام حقيبة وزاريّة فسأقوم بذلك».

وأمل في «أن يستطيع الرئيس في العهد الجديد أن يحقّق أحلام الشعب اللبناني».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى