حرب اليمن: المراوحة في المكان
حميدي العبدالله
بات واضحاً أنّ الحرب في اليمن دخلت مرحلة الاستعصاء، وبدأت تراوح في مكانها. فلا «التحالف العربي» الذي تقوده السعودية قادر على تغيير المعطيات الميدانية لمصلحته، بما يجعله قادراً على فرض رؤيته للحلّ، ولا تحالف حركة أنصار الله والمؤتمر الشعبي قادر على تغيير المعطيات الميدانية على نحو يجعل الطرف الآخر يأخذ رؤيته بعين الاعتبار.
في ضوء هذا الاستعصاء تحوّلت الحرب إلى مأزق للطرفين، كما تحوّلت إلى حرب استنزاف مكلفة جداً لهما.
في ظلّ هذه الظروف تسعى الأمم المتحدة بدعم من الولايات المتحدة لإخراج الأطراف من مأزقها على قاعدة تسوية، لا تزال تميل لمصلحة التحالف العربي، ولهذا لم يقبلها الطرفان المتصارعان لأنها لا تلبّي تطلعاتهما. حركة أنصار الله والمؤتمر الشعبي حرصا على القول إنّ ما جاء في اقتراحات الأمم المتحدة لا يلبّي كلّ العناصر التي تجعل التسوية ممكنة، وحكومة عبد ربه منصور هادي، رفضت خطة المبعوث الأممي، وكان مصير مبادرة ولد الشيخ شبيهاً بمصير اقتراحات جون كيري للحلّ التي صاغها عقب لقائه مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز.
لكن السؤال إلى متى تستطيع الأطراف المتحاربة احتمال حرب الاستنزاف المهلكة والمكلفة؟ ومن يصرخ أولاً في لعبة عضّ الأصابع، «التحالف العربي» بقيادة السعودية، أم تحالف حركة أنصار الله والمؤتمر الشعبي اليمني؟
من الواضح أنّ التحالف العربي لم يعد يملك فائض قوة مالية وبشرية تؤهّله لمواصلة هذه الحرب سنوات طويلة، إذ من المعروف أنّ الدول الفاعلة في «التحالف العربي» هي بعض الدول الخليجية، وهذه الدول تعاني من نقص الموارد البشرية في الجهد الحربي، ولديها حساسية كبيرة إزاء ذلك، كما أنّ حكومة المملكة العربية السعودية، تضطلع بدور كبير في تمويل حروب سورية وليبيا والعراق، إضافةً إلى تمويل حرب اليمن. بديهي أنّ الكلفة عالية وباهظة في ضوء تراجع أسعار النفط، وبالتالي فإنّ هذه العوامل مجتمعة تجعل احتمال الاستمرار في حرب الاستنزاف فترة طويلة هو احتمال ضعيف.
لكن تحالف حركة أنصار الله والمؤتمر الشعبي ليس بوضع أفضل بكثير من التحالف العربي، لأنّ ثمة حصاراً محكماً على اليمن، ولا يزال طيران التحالف يقوم بضرب البنية التحتية وتعطيل الآلة الإنتاجية، وقاد كلّ ذلك إلى نشوب أزمة اقتصادية خانقة، وهذا يضغط على هذا التحالف، ويجعله أكثر ميلاً للتعامل الإيجابي مع أيّ مبادرات تبحث عن حل سياسي متكافئ يأخذ مصالح الأطراف جميعها بعين الاعتبار.
متى يشق هذا الحلّ طريقه إلى التنفيذ؟
الأمر يحتاج إلى أسابيع وربما أشهر وليس إلى سنوات.