ترامب رئيساً خلافاً للتوقعات ..وصار للمستطلعين في لبنان نظراء

معن حمية

وضعت الانتخابات الرئاسية الأميركية أوزارها، وصار دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، مُنهياً بذلك «أسطورة» استطلاعات رأي جُيّرت على مدى شهور لصالح منافسته هيلاري كلينتون.

الحدث ليس عادياً. إنه زلزال يهزّ عروش المؤسسات الأميركية التي تتولى إجراء الاستطلاعات وتعلن سلفاً عن هوية الرئيس الجديد. وهذا الزلزال لن يمرّ عابراً، وستكون له تداعيات كبيرة، وستنظَّم مضابط اتهام لهذه المؤسسات، لا سيما الإعلامية منها. بحيث بات من المؤكد أنّ هذه المؤسسات لا تنشر نتائج الاستطلاعات بالمجان بل تستهدف تشكيل رأي عام يصبّ في هذا الاتجاه أو ذاك.

مؤسسات ومراكز الاستطلاع الأميركية كافة، باتت تحت المجهر، ومحلّ انتقادات واسعة في المجتمع الأميركي، فهي إما أنها أخفقت وتعاملت بخفة مع حقيقة توجّه الناخب الأميركي، وهذا ذنب لا يُغتفَر، وإما أنها متواطئة مع الإدارة الديمقراطية ومرشحة الحزب الديمقراطي. وهنا طامة كبرى.

والسؤال الذي يطرح في هذا السياق، لماذا قرّر مكتب التحقيقات الفدرالي في أميركا تبرئة هيلاري كلينتون في قضية الرسائل الألكترونية قبل يوم واحد من نزول الأميركيين الى صناديق الاقتراع، وهل هو مسار قضائي بحت، أم أنه كان على اطلاع بحقيقة الاستطلاعات وقرّر أن يعطي كلينتون دفعاً انتخابياً؟!

نتيجة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، قوّضت ثقة الأميركيين بمراكز ومؤسسات الاستطلاع، وباتت هذه المؤسسات محلّ اتهام، وبأنها لا تستند إلى واقع ووقائع، لا بل تمارس التنجيم والتنبّؤ. والقاعدة تقول إنّ المنجمين كاذبون حتى ولو صدقوا.

وإذا كانت نتائج الاستطلاعات تقوم على التنبّؤات، يسأل سائل، لماذا أهملت التنبّؤات التي أعطت دونالد ترامب حظوظاً حاسمة بالفوز.

قبل أشهر عدة، جزم البروفيسور الأميركي آلان ليتشتمان بأنّ مَن سيكون الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة هو دونالد ترامب، وشرح بإسهاب الأسباب التي أملت عليه تحديد مَن سيكون الرئيس في كتاب أصدره بعنوان «التنبّؤ بالرئيس القادم.. مفاتيح البيت الأبيض 2016». لكن أحداً لم يلتفت الى هذا التنبّؤ ولا إلى الأسباب التي أوجبته، علماً أنّ ليتشتمان نفسه، هو مَن تنبّأ بفوز رؤساء أميركا منذ العام 1984، وأصاب في كلّ تنبّؤاته.

لكن على ما يبدو، كان هناك إصرار من المؤسسات الأميركية الاستطلاعية على تجهيل حقيقة اتجاه الناخب الأميركي، وتوظيف كلّ نتائج الاستطلاعات لمصلحة هيلاري كلينتون، تعويضاً عما عانته نتيجة خيانات بيل.

ما تقدّم يندرج في سياق الاستطلاعات، أما بما خصّ مجيء ترامب رئيساً، فهذا لن يغيّر شيئاً في سياسات الولايات المتحدة الأميركية، والعارفون بطبيعة تكوين السياسات الأميركية، والعرّافون أيضاً، يجزمون بأنّ أيّ رئيس أميركي ينزل في مضارب البيت الأبيض، سيجد على طاولة مكتبه ملفاً يحدّد السياسات والمهام التي يجب أن يطبّقها ويحققها، وأنّ الهامش الوحيد الذي يُمنح لرؤساء أميركا هو أسلوب تنفيذ السياسات والمهام ووسيلته، لا أكثر ولا أقلّ.

أميركا مع ترامب أو من دونه، لن تغيّر لا في سياساتها ولا في التزاماتها تجاه العدو الصهيوني، فهي ثابتة على دعمها لهذا العدو الصهيوني العنصري الاستيطاني، وملتزمة بأمنه وبقيام دولته اليهودية على أرض فلسطين.

أميركا مع ترامب أو من دونه، هي أميركا التي تشعل الحروب في كلّ أنحاء العالم، وهي التي تدعم الإرهاب وتغذّي التطرف، بما يحقق مصالحها ومصالح الكيان الصهيوني.

أميركا مع ترامب أو من دونه لن تكون يوماً مع القضايا العادلة، ولن تكون يوماً إلى جانب الشعوب التي تناضل وتقاوم من أجل تحرير أرضها المغتصبة، ولن تكون يوماً مع الحريات وحقوق الإنسان، لأنها هي مَن صدّر إلى العالم آفة الاتجار بالحريات وحقوق الإنسان.

في أميركا العظمى رئيس يحمل الرقم 45 وفضيحة استطلاعات تحمل الرقم 1 والآتي أعظم…

وفي الخاتمة، صار للمتنبّئين الخائبين في لبنان نظراء… وللمستطلعين بأجر مدفوع نظراء… وللمقامرين الذين يرهنون الكلمة والموقف نظراء.

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى