هل أدّى «داعش» المطلوب منه؟
جمال العفلق
منذ بداية الحرب الكونية على سورية، وتجربة ليبيا، اعتقد تحالف الحرب أن تمرير قرار دولي لدخول القوات الغربية إلى سورية أمر ممكن وسهل، خصوصاً أنهم راهنوا على انهيار الجيش وتفككه كما اعتمدوا على فعل الصدمة لحلفاء سورية من خلال إيهامهم أن سورية انهارت وأن الرهان عليها خاسر.
طبعاً كان الغطاء العربي جاهزاً لهذا السيناريو وكان المال العربي يتدفق من دون حساب لإكمال كل شروط اللعبة. ولكن ما حدث طوال السنوات الماضية أن السوريين كانوا حريصين جداً باستخدام أوراقهم. والتزموا الصمت على رغم وجود ضربات موجعة تلقتها سورية حكومة وشعباً على حد سواء.
وبقي الرهان على فبركة إعلامية تعتمد فيها الدول المعادية لسورية على استمالة المجتمع الدولي وتقديم ما يسمى وثائق لا تقبل الشك فكانت لعبة الأسلحة الكيماوية التي تحولت في ما بعد إلى فقاعة صابون… وكانت قصة المذابح التي ثبت أنها غير موجودة وإذا حصلت فإن عناصر غير حكومية قامت بها وبطلب من الخارج.
وجاء دور «داعش»… مرتزقة مدربة على يد ضباط أميركيين وعرب مزودة بالسلاح والمال ليس لديها إلا مهمة واحدة قتل وذبح الناس وتشويه صورة الدين، وليس الإسلامي فقط بل دورها إفقاد الناس إيمانهم بوجود إله فأعملت القتل في الأقليات وفي الوقت نفسه رفعت شعارات مشاعية لا ترتقي لأدنى مستويات الحياة الإنسانية.
وليست بمنظمة سرية ولم تولد من عدم إنما أوجدها خبراء وعسكريون بذلوا جهداً كبيراً في صنعها حتى وصلت إلينا بهذا الشكل الذي نراه. ولأن لكل قصة نهاية، يجب أن تنتهي «داعش»، ولكي تنتهي لا بدّ أن يتمّ اقتلاعها.
فمحاربة «داعش» من دون التواصل مع الحكومتين السورية والإيرانية هو ضرب من الخيال لأن بنك المعلومات وخصوصاً لدى السوريين يسهل عملية اجتثاث «داعش». ولكن الإدارة الأميركية لا ترى هذا الأمر مهماً فهدفها غير المعلن هو احتلال جزء من سورية وإعادة قواتها للمنطقة بحجة محاربة الإرهاب.
واليوم جاء تصريح السفيرة باور مع وسائل الإعلام على هامش اجتماعات مجلس الأمن لتخبر العالم أن أميركا ما زالت محتفظة بعبارة المسلحين المعتدلين في سورية… وقالت:
«إن الجهات الفاعلة في الميدان التي ظلت تخوض على مدى الأشهر السبعة الماضية معارك ضارية ضد «داعش» هي جماعات المعارضة المعتدلة، لذا وكما أكد الرئيس، فإن أي جهد شامل للتعامل مع التهديد الذي يشكله «داعش» لا بد أن يشمل تقوية وتدعيم هذه الجماعات».
ويتطابق هذا التصريح طبعاً مع ما تحدث به السيد نبيل العربي الذي «يريد الاستقرار لسورية وشعبها وهو حريص عليه» بأن اجتمع مع ما يسمى «عضو ائتلاف الدوحة» لبحث إمكان محاربة «داعش»، مخالفاً كل القيم والأعراف الدبلوماسية بتجاهله لحكومة قائمة ولشعب لا يعتبر أن الائتلاف ممثل له.
وهنا يكون دور «داعش» قد انتهى من الناحية الميدانية قتلت عدداً كافياً من الشعبين السوري والعراقي، نهبت وسرقت ما يكفي من أموال، ولن نستغرب أن نرى مقاتلي «داعش» قد تخلوا عن اللحية والثوب الأفغاني، وأصبحوا هم أنفسهم المقاتلين المعتدلين الذين يحاربون «داعش» نفسها.
وما لا تدركه الولايات المتحدة أو تدركه وتراهن عليه أن المحور الآخر لن يتنازل لها ويسلم بهذه اللعبة فتصريح وزير الخارجية الروسي وتخوفه من أن مشروع أميركا هو ضرب القوات السورية تحت حجة محاربة الإرهاب يدل على أن المنطقة وبفعل الدفع الأميركي والجنون العربي الذي يريد أي انتصار له ستدخل في حرب، وأن حديث السيد أوباما «الخليفة الأعجمي» عن السنّة وتهميشهم هو إعلان آخر لمشروع تقسيم الشرق الأوسط وتمسك أميركا بهذا المشروع.
وكل ما سبق وهذا الانفعال الإعلامي الذي فجره قتل صحافي يثبت مدى غرق الإدارة الأميركية ومن معها في صناعة الإرهاب وتمويله.
ولكن الفارق الوحيد الذي سيحدث أن أميركا لن تستطيع خوض حرب طويلة وأن شعوب أوروبا لن تتحمل النتائج على عكس شعوب المنطقة التي تعايشت اليوم مع مرارة الحرب ولديها القدرة أكثر على الصبر.
ومن انعكاسات هذه الحرب أن تحالفاً شعبياً ولد بالفعل اليوم لن يقبل بالسيناريو الأميركي وسوف ينهي ما يسمى معارضة خارجية لأن تفككها سيكون قريباً على يد الصانع الخليجي والأميركي.