معركة الموصل وتأثيرها على الوضع الميداني في سورية
حميدي العبدالله
ما هي تأثيرات معركة الموصل على الأوضاع الميدانية في سورية؟ لا شك أنّ معركة الموصل حتى وإنْ لم تؤدّ إلى سحب جزء من قوات داعش على جبهات سورية، فإنّ خسارته للموصل ستفقده قاعدة رئيسية لإمداد مقاتليه في سورية. صحيح أنّ داعش يعتمد اللامركزية في أعماله العسكرية، ولكن الصحيح أيضاً أنّ جبهاته في سورية تحتاج إلى إمداد بشري وتعويض للخسائر التي تلحق بالتنظيم، سواء كانت خسائر في العتاد أو خسائر بشرية. خسارة داعش للموصل وملاحقته بالقرب من المناطق التي ينتشر فيها قرب الحدود السورية، وقبل ذلك خسارته للرمادي والفلوجة وتكريت، ستجعله في وضع أضعف، سواء في القدرات العسكرية أو البشرية.
اليوم داعش ينتشر على جبهات واسعة في سورية، تشمل محافظة دير الزور بكاملها، وفي أرياف حمص وحماة والسويداء وحلب الشرقي، إضافة إلى الرقة، وهذه المناطق تشمل مساحة تزيد عن 70 من الأراضي التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة. بديهي أنّ ضعف داعش وخسارته البشرية والمادية في معركة الموصل، وما سيلحقها من مطاردات لداعش في مناطق عراقية أخرى، وتأثيرها على معنويات مقاتليه ستنعكس إيجاباً على الأوضاع الميدانية في سورية، وسيكون الجيش السوري المستفيد الأول والأساسي من هذه التطورات كونه القوة الوحيدة التي تقاتل تنظيم داعش في جميع هذه المناطق السورية. من الصعب الاستنتاج بأنّ قوة داعش ما قبل معركة الموصل في سورية، ستكون هي ذاتها، حتى وإنْ كان داعش يعتمد على مقاتلين في سورية ليس لهم علاقة بمقاتليه في العراق، لكن داعش سيكون في وضع أصعب لجهة تعويض خسائره البشرية أو المادية في سورية، وكان ذلك يحدث عندما كان العراق يمثل عمقاً لداعش، إذ من المعروف أنه كان يقوم دائماً بتعزيز جبهاته عبر مقاتلين وعتاد يأتيه من العراق. بعد معركة الموصل صار الأمر أكثر صعوبة إنْ لم يكن مستحيلاً، أولاً لأنّ داعش في هذه اللحظة بحاجة إلى كامل قدراته في العراق، والأولوية الآن للصمود في ما تبقى له من مواقع، وحتى لو كان تقدير الموقف لديه قائماً على أنّ مواقعه في العراق إلى زوال وعليه إنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر الانسحاب من العراق إلى سورية، فإنّ ذلك غير متيسّر في ضوء التحسّب لهذا الاحتمال من قبل جهات عديدة، عراقية وسورية وإيرانية وروسية.
كلّ ما تقدم يؤكد أنّ معركة الموصل ستكون لها آثار وتداعيات إيجابية على الوضع الميداني في سورية.