روسيا: عون الأكثر تجسيداً للمسيحية المشرقية
هتاف دهام
لم تفوّت الدولة السورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية اللحظات الأولى بالإشارة إلى شراكتهما في دعم انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية.
حضر موفد الرئيس بشار الأسد الوزير منصور عزام إلى قصر بعبدا من باب الموقف السياسي الاستراتيجي. أتت زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف استكمالاً لزيارة وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان إلى بيروت لمواكبة الاستحقاق قبل الانتخابات الرئاسية لدعم مبادرة الرئيس سعد الحريري . لقاء ظريف بالحريري، بغض النظر عن نقله تهاني الرئيس الإيراني حسن روحاني لفخامة الرئيس، يعني استعداد طهران لفتح قنوات الحوار مع بيت الوسط وربما الرياض. المعروف عن الجمهورية الإسلامية أنها تخيط علاقتها بخيط من حرير.
لكن ماذا عن روسيا؟ يؤكد قطب سياسي بارز لـ «البناء» «أن ما حصل في لبنان لا يحمل أكثر من منحى إقليمي. لا مبادرات دولية. يغمز من القناة الفرنسية. سُحب الكلام عن زيارة موفد من الإليزيه إلى بيروت للتهنئة. تروى الفرنسيون عن مبادرة باريس 4 كدعم مادي ومعنوي للعهد الجديد».
تنتظر موسكو، وفق القطب السياسي، تشكيل الحكومة. الزيارة الروسية إلى لبنان للتهنئة لن تكون على دفعتين. لـ «القيصر» أسبابه، تقول أوساط مطلعة أخرى لـ «البناء». أسباب ربما لها علاقة بحدث كبير ممكن أن يحصل روسياً في لبنان، من دون أن تفصح الأوساط عنه.
تهتمّ روسيا بلبنان. ترى نفسها، وفق الأوساط ذاتها، شريكاً في التسويق للخيار العوني، والدعوة إلى تبنيه في المرحلة الماضية. هناك قناة مفتوحة مع الرئيس العماد. تلقى رئيس الجمهورية برقية تهنئة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في رسالة التهنئة للرئيس عون: «بقيادتكم سيكمل لبنان مسيرته نحو تعزيز السيادة والتوافق الوطني».
سيكون لروسيا حضور لبناني مؤثر، وإن كانت معنية بعدم تجاوز البوابة السورية الإيرانية مع الحفاظ على الخصوصيات. دمشق وطهران وحزب الله وموسكو ليسوا حلفاً واحداً. هاتان الدولتان مع المقاومة القوة الإقليمية يشبكون مع روسيا تحالفاً استراتيجياً، لكن لكل نهجه السياسي ومصالحه ونظرته للبنان.
لا تعتبر موسكو نفسها معنية بأن تكون طرفاً في العلاقات الداخلية في لبنان، وإن كانت حليفة لمحور الممانعة. قاعدة العمل الروسية ركيزتها الانفتاح على مكونات الرأي العام اللبناني والالتزام بصيانة استقرار لبنان.
يؤكد السفير الروسي الكسندر زاسيبكين لـ «البناء» أن روسيا تقدر تقديراً عالياً دور رئيس الجمهورية في المجالات كافة، وخاصة في العمل على تثبيت الوجود المسيحي في الشرق. إن شغل الرئيس عون هذا المنصب العالي في لبنان له دلالة على هذا الخط.
يتطلّع السفير الروسي إلى عمل الرئيس الجنرال الدؤوب راهناً ومستقبلاً لتحقيق هذا الهدف لتأمين العيش المشترك وتأمين حقوق المسيحيين وحمايتهم، كما المكوّنات الأخرى للمجتمع اللبناني والمشرقي بشكل كامل. يرى أن للرئيس عون دوراً مهماً يُعوَّل عليه.
إن النظرة «البوتينية» للبنان كأساس للمسيحية المشرقية. يشكل ميشال عون أكبر نموذج تجسيدي لها. إذ يمثل المسيحية المشرقية التي تُعَدّ أحد عناوين السياسة الروسية في المنطقة في السنوات الأخيرة. الواقع الذي يتطلّع إليه الرئيس الجنرال لتثبيت المسيحيين في أرضهم شكل نقطة تميُّز عند الروس، مقارنة بالأقطاب الموارنة الآخرين.
الأكيد أنّه من غير الواقع، القول إن الكرملين في المرحلة المقبلة سيكون على مسافة واحدة من الأطراف اللبنانية كلها. سيكون الرئيس الروسي قريباً من الرئيس اللبناني المسيحي المشرقي القوي شعبياً ووطنياً.