حلب تقترب من الأيام الحاسمة والنصرة إلى الكيماوي… وإنذار أخير الحريري بنصيحة قواتية إلى بعبدا لحكومة الـ24 لمنع قانون يعتمد النسبية
كتب المحرّر السياسي
يتعهّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب رغم صخب التظاهرات المنددة بسياساته وانتخابه، بمفاجأة مناصريه وخصومه بمواقف صاعقة بانتمائها إلى غير المألوف. وهو حسبما يبدو يعبر عن الحال الأميركية في زمن اللاتوازن، بين الحجم المعتاد والحجم القائم، والاقتصاد الموعود والاقتصاد القادم.
ترامب يلوّح بتهجير ثلاثة ملايين مهاجر يصفهم بالمجرمين وتجار المخدرات وذوي السجل الجنائي والموضوعين تحت المراقبة بتهمة الإرهاب. وهذا يعني عملياً توزيع العدد مناصفة بين المكسيكيين والمسلمين، وبينما كان تصريح ترامب عن التهجير يشغل وسائل الإعلام، كان يطغى عليه ما قاله ترامب من كلام صادم لصحيفة وول ستريت جورنال عن الحرب في سورية، داعياً إلى تفسير المصلحة الأميركية بالعمل على تكوين معارضة معتدلة وإنفاق الوقت والمال لحساب مَن لا نعرفهم، ولا نعرف درجة الوثوق بهم، متسائلاً لماذا علينا اعتبار إسقاط الرئيس السوري قضية تخص أميركا ولماذا لا ننظر من منظار أولوية الحرب على داعش فنتعاون مع سورية ورئيسها من موقع المصلحة الأميركية، خصوصاً أن روسيا وإيران تدعمان الرئيس السوري والإصرار على إسقاطه يعني تصادماً معهما، فهل هناك في مصالحنا ما يستحق ذلك؟
كلام ترامب الصاعق ينزل على حلفاء أميركا وخصوصاً في السعودية، التي لا تكاد تصحو من صفعة بعد قانون جستا الذي جمّد ودائعها حتى تتلقى الثانية، بينما لا تصغي سورية كثيراً لكلام ترامب إلا من باب الثقة بفعالية صمودها، وتمضي في حربها لصناعة المزيد من الإنجازات.
حلب ساحة القتال التي تختصر الحرب العالمية الثالثة، حيث سقطت هيلاري كلينتون مضرجة بدماء النصرة، تبدو على موعد مع الأيام الحاسمة، حيث أربع جهاتها تشهد إحكام الطوق لساعة صفر منح قبلها الجيش مهلة أربع وعشرين ساعة للمسلحين لمغادرتها قبل أن تبدأ تصفية مواقعهم بأسلحة نوعية حديثة دقيقة التصويب. فكان الرد الانتحاري بإطلاق قذائف تحمل غازات سامة على مطار النيرب، المعروف بمطار حلب الدولي، حيث أصيب العشرات بالاختناق ووثقت الهيئات الصحية حالتهم وأودعتها الجهات الأممية.
حلب تمضي بثبات نحو حريتها، وحربها تدق ساعات توقيتها الفاصلة، بينما في لبنان ينتقل التوقيت من موعد الانتظار للحسم إلى ماراتون لا فائز فيه، وليس الجميع يفوز كما كان مرتقباً في تشكيلة حكومية موعودة بثلاثين وزيراً، صارت وفقاً لمصادر رئيس الحكومة مستبعَدة، بنصيحة قواتيه لتفادي تمثيل حزب الكتائب والحزب السوري القومي الاجتماعي، وربما الوزير طلال إرسلان، وربما أيضاً الوزير السابق فيصل كرامي، فيصير العدد أربعة وعشرين وزيراً، سبباً كافياً للقول بضيق المكان على غير القوى الكبرى.
في حكومة الدزينتين وزيران درزيان من حصة النائب وليد جنبلاط، وفي الدزينة المسيحية، وزيران أرمنيان يتقاسمهما الرئيس سعد الحريري وحزب الطاشناق، والباقي عشرة وزراء، وزير لتيار المردة، وثلاثة للتيار الوطني الحر وثلاثة لحزب القوات اللبنانية ووزيران لرئيس الجمهورية، وإن رغب الرئيس أن يكون الوزير فيصل كرامي أحدهما ينال الرئيس الحريري توزير النائب السابق غطاس خوري بدلاً منه، وتؤول وزارة الدفاع لأرثوذكسي يُتفق عليه بين التيار والقوات أو يحسب لحصة رئيس الجمهورية بجمع وزارات العدل والاتصالات والطاقة كتعويض للقوات.
صيغة الدزينتين قيد التداول بداعي التسريع، وربما ترتب التعقيد بتحفظات مصدرها السؤال عما إذا كان الإصرار على تضييق القاعدة الحكومية، متصلاً بقانون الانتخابات وليس بشيء آخر. فالتوازن الجديد في الحكومة القائمة على الدزينتين، يضمن بعيداً عن حديث الثلث الضامن، أكثر من الثلث لمنع ولادة قانون يعتمد النسبية إذا اضفنا حصة القوات لحصة تيار المستقبل البالغة ما بين تسعة وعشرة وزراء.
مواقف متضاربة من تشكيل الحكومة قبل الاستقلال
توزّعت مواقف تيار المستقبل بين مَن أكد لـ»البناء» أن الحكومة ستتشكّل قبل عيد الاستقلال وأن الرئيس سعد الحريري سيلتقي رئيس الجمهورية في الساعات القليلة المقبلة، ليضعه في التصور الأولي للتشكيلة الحكومية التي ناقشها ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، مشيرة إلى أن اللقاء مع الرئيس بري كان أكثر من إيجابي وأن عملية توزيع الحقائب في الحكومة الجديدة قطعت شوطاً كبيراً. في حين اعتبر قيادي في تيار المستقبل لـ «البناء» أن الرئيس سعد الحريري يمارس سياسة الكتمان، وإن كان ما رشح من معلومات عن لقاء عين التينة أنه لم يكن مريحاً وأن الامور لم تتسهّل بعد، مشدداً على ان تأليف الحكومة ليس قريباً، إذ إن كل الاطراف تطالب بحقائب سيادية وأساسية أكثر من حجمها، وهناك فيتوات متبادلة وربما يتم العدول عن الصيغة الثلاثينية لصالح الـ 24 وزيراً.
في المقابل، أكد مصدر مطلع لـ «البناء» «أن لا عقبات تعيق التأليف وكلها في طريق الحلحلة، وأن التقديرات التي تحدّثت عن أن الحكومة لن تتشكّل قبل نهاية الشهر، قد يدحضها لقاء الرئيس بري والرئيس الحريري الذي كان إيجابياً». وشددت المصادر على أن عقدة توزير الوزير علي حسن خليل قد حلت ببقائه على رأس وزارة المال، لافتة إلى أن إرضاء القوات سيكون بإعطائهما وزارتين وازنتين بدل وزارة سيادية لتتراوح الحقيبتين بين الاتصالات أو العدل، والتربية.
وأمل السفير السوري علي عبد الكريم علي من عين التينة، في أن «يساهم تشكيل الحكومة في نجاح العهد الجديد». وشدد على «أهمية التنسيق بين الدولتين»، معتبراً «أن ذلك مصلحة للبنان كما هو مصلحة لسورية، ولا مجال للقفز على هذه الحقيقة لضمان الانتصار على مخاطر هذا الإرهاب الذي يضرب في المنطقة كلها».
وفيما لم تحسم بعد الاسماء على الحقائب، لا تزال تتوالى ترجيحات غير مؤكدة للأسماء:
السنة 6 وزراء ، هم: الرئيس الحريري، نهاد المشنوق الداخلية ، جمال الجراح بيئة ، محمّد عبد اللطيف كبارة للشؤون الاجتماعية ، سمير الجسر للعدلية ، فيصل عمر كرامي وزير دولة وهو من حصة الرئيس عون .
– الموارنة: 6 وزراء عُرف منهم: بيار رفول، جبران باسيل الخارجية ، إبراهيم نجار، روني عريجي ثقافة ، ميشال معوض، الدكتور غطاس خوري للصحة .
– شيعة: 6 وزراء هم: علي حسن خليل المالية ، علي حسين عبد الله أو غازي زعيتر بالإضافة إلى شيعي ثالث من حصة الرئيس برّي.
دروز: 3 وزراء : مروان حمادة وأيمن شقير من حصة النائب جنبلاط ، والنائب طلال ارسلان.
أرثوذكس 4 وزراء عُرف منهم: غسّان حاصباني.
كاثوليك ثلاثة وزراء : ميشال فرعون للسياحة ، ملحم رياشي للإعلام ووزير ثالث يسمّيه حزب الكتائب.
أرمن ارثوذكس: جان اوغاسبيان.
أقليات: حبيب افرام.
في حين، أشارت مصادر مطلعة لـ «البناء» إلى أن بقاء رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وزيراً لـ«الخارجية» بات محسوماً، مشيرة إلى أن حقيبة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع ستكون من حصة الوزير السابق عصام فارس. وتحدّثت المصادر عن أن الوزير فيصل كرامي سيتولى حقيبة دولة، وأن حقيبة لم يتم تحديدها ستسند إلى المحلل السياسي الدكتور وسيم بزي حصة رئيس الجمهورية . في حين تحدّثت مصادر سياسية أخرى لـ «البناء» أن حزب الله قد يحصل على وزير واحد الوزير محمد فنيش مقابل تنازله لحلفائه عن حقائب من حصّته الحكومية.
باسيل إلى بروكسل
إلى ذلك، يتوجّه وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل اليوم الى بروكسل للقاء المسؤولين الأوروبيين، والبحث في أزمة النازحين السوريين في لبنان والتعاون الذي يربط الاتحاد الأوروبي مع لبنان في إطار الشراكة وسياسة الجوار.
شبكة تتعامل مع الموساد «الإسرائيلي»
من ناحية أخرى كشفت استخبارات الجيش شبكة تتعامل مع الموساد «الإسرائيلي» خلال عملية التوقيف اعترف س.ق. بالتعامل مع الموساد «الإسرائيلي» على مستوى عال وواسع وأضاف باعترافاته الأولى ذاكراً اسم «ح. ي.» وهو من بلدة مشغرة في البقاع الغربي، فتحرّكت وحدة من القوة الضاربة في استخبارات الجيش وداهمت مكتب ح.ي. داخل «مشاريع العلا السكنية» وأوقفته. وهو يعمل مهندساً لعدد من المشاريع السكنية وصادرت مجموعة من الهواتف المحمولة والحواسيب، ونظراً لتوسع التحقيق مع الموقوفين عادت في اليوم التالي القوة الضاربة في استخبارات الجيش ودهمت مكتب المهندس ح.ي. وأجرت تفتيشاً دقيقاً داخل المكتب.
وقالت مصادر استخبارية لـ «البناء»، «إن عملية الدهم في جب جنين والتوقيف في مشغرة حصلا بناءً على اعترافات الموقوف الأول من دون أن يعني ذلك ثبوت الشبهة بحق أي واحد من الموقوفَين، وخاصة الموقوف الثاني الذي أُحضِر إلى وزارة الدفاع، بهدف التثبت من الإفادة التي أدلى بها الموقوف الأول»، إلا أن المصادر نفسها تؤكد «الإمساك بشبكة تتعامل مع الموساد «الإسرائيلي» على مستوى عالٍ وواسع من العمل الاستخباري والمعلوماتي والعمل جار لكشف باقي أفراد الشبكة».