«داعش» والاستراتيجية الأميركية لمكافحة الإرهاب
حميدي العبدالله
تقوم الاستراتيجية الأميركية لمكافحة التنظيمات الإرهابية، ولا سيما تنظيم «داعش»، على ركيزة وحيدة أساسية، هي الضربات الجوية، سواء عبر الطائرات من دون طيار أو الطائرات الحربية الهجومية.
هذه الاستراتيجية جرى اختبارها على مدار عقد ونصف من الزمن وثبت فشلها، فالضربات الجوية الأميركية في العراق وأفغانستان المدعومة بقوات كبيرة محلية وأجنبية تفوق أعدادها في كلّ بلد من البلدبن 500 ألف جندي، لم تقض على طالبان في أفغانستان، بل ألحقت الهزيمة بقوات «الناتو» التي بدأت بالانسحاب من أفغانستان، وفي العراق فشلت الولايات المتحدة بالقضاء على المقاومة واضطرت إلى الانسحاب وتحصّن «داعش» في المناطق التي كانت معقلاً للمقاومة، وفشل الاحتلال الأميركي الغربي المدعوم من القوات العراقية بالقضاء عليه، وعند أول فرصة سيطر «داعش» على حوالى أكثر من نصف مساحة العراق.
وفي اليمن تقوم الطائرات الأميركية، سواء الطائرات من دون طيار أو الطائرات الحربية، بشنّ غارات على مواقع تنظيمات «القاعدة»، إضافةً إلى الغارات التي يشنها سلاح الجو اليمني منذ أكثر من عشر سنوات، وبدلاً من القضاء على تنظيم «القاعدة» هناك، فإنّ هذا التنظيم آخذ بالتوسّع والسيطرة على مناطق إضافية في جنوب اليمن ووسطه.
طرح هذا الفشل الواضح أسئلة كثيرة حول فعالية ومستوى تأثير الاستراتيجية الأميركية الجديدة التي أعلن عنها الرئيس الأميركي حول مكافحة الإرهاب، وبديهي أن أي استراتيجية لمكافحة الإرهاب في ضوء تجارب عالمية كثيرة لا يمكنها أن تنجح إذا لم تتضمّن العناصر الآتية:
أولاً، أن تكون الدول والجهات التي تتولّى تنفيذ هذه الاستراتيجية تناهض الإرهاب فعلاً، ولا تتحالف معه بأيّ شكل من الأشكال، ولا تسعى إلى توظيفه لتحقيق أهداف سياسية، عبر توفير الغطاء المباشر أو غير المباشر له.
ثانياً، أن لا تكون الأطراف المنخرطة في الحرب على الإرهاب مكروهة من شعوب المنطقة ومتهمة بممارسة الإرهاب أو دعم الكيانات والجماعات الإرهابية، فمثلاً الحكومات الغربية وعلى رأسها الإدارة الأميركية مكروهة من شعوب العالم، ومتهمة بممارسة إرهاب الدولة أو دعم إرهاب الكيان الصهيوني، وبالتالي فهي مطعون بمصداقيتها، إضافةً إلى أنها كانت حليفة للإرهاب، ومتهمة بأنها هي التي ساعدت على ولادة تنظيمات القاعدة، وحصولها على الدعم والخبرات العسكرية، سواء في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي، أو في سورية الآن.
ثالثاً، أن تكون مواقف الدول المنخرطة في الحرب على الإرهاب، سواء الدول الغربية أو دول المنطقة، حازمة في مواقفها إزاء التنظيمات الإرهابية، لا أن تكون متواطئة أو تمارس سياسة غضّ النظر، على غرار مواقف الحكومات الغربية، وحكومات دول في المنطقة مثل السعودية وقطر وتركيا.