فايا يونان لـ«البناء»: للغناء في سورية نكهة خاصة… والشهرة بحدّ ذاتها لا تعنيني

آمنة ملحم

وقفة واحدة على مسرح دار أوبرا دمشق كانت كافية لتعود الشابة السورية فايا يونان بعد سنة إلى أحضان بلادها، معلنةً ولادة الألبوم الغنائيّ الأوّل الخاص بها، محمّلاً بجراح البلاد وآلامها، وأنين أوجاع أطفالها، وذلك من على خشبة المسرح ذاته.

فايا يونان التي تأسر الجمهور بسكون روحها ورصانة صوتها واتّزان حضورها، فكأنها فيروزة سورية تبعث النور والسلام أنّى حلت، استهلت حفلها الذي حظي بإقبال منقطع النظير فاق قدرة الدار على الاستيعاب رغم تمديده، ليكون على مدار يومين متتاليين، بأغنية «أهواك» للسيدة فيروز، جامعةً أصالة الفنّ بحداثة عمر الصبيّة الحلبية التي اختيرت لتكون مسك ختام مهرجان «نحنا هون» الثاني، بأمسية «سلام من دمشق إلى حلب»، بصوت ابنة حلب التي تمنّت في أولى كلماتها أن يصل صدى الحفل وموسيقاها إلى حلب أمّ الموسيقى والطرب، وأن تعود بأبهى حلّة هي وسورية بكلّ محافظاتها. فهي تستحق الموسيقى والفرح وكل الجمال.

وواصلت يونان شدو غنائها مع «يا فجر لمّا تطلّ»، وأعقبتها بأغنية «احكيلي عن بلدي»، قبل أن تتغزّل بحلب عبر أغنيتها «لي في حلب» التي كتب كلماتها مروح الكبرة ولحّنها مهران محرز فدندنت:

لي في حلب ورد الأقاحي

لي خدّ من الياقوت والتفاح

لي في حلب نخل يمطر بالعجب

لي في حلب شمس الحدائق

فراشة وردية عطر الزنابق.

كما غنّت لزكي ناصيف «يا عاشقة الورد»، قبل أن تخاطب أطفال سورية وتدعوهم إلى النوم بسلام، فهم أكثر من يستحق أن ينعم به، وذلك عبر أغنيتها «نَم يا حبيبي»:

نَم يا حبيبي الآن نَم

عن بيتنا غاب الألم

إن يسألو عنّا نقل

الآن عصفوري استحم.

وحظيت الأغنية المفعمة بالحبّ لكل طفل سوري قضّت مضجعه وعذوبة طفولته آلة الحرب، بتفاعل كبير من الحضور، ليشدو بعدها الناي بعزف منفرد قبل الدخول بأغنية «يا مايلة على الغصن»، لتؤكد بعدها الشابة فايا يونان أن أجمل ما في أغنية «نحبّ البلاد» التي أطلقتها ضمن حفلها الأوّل في أوبرا دمشق، أن تغنّى من هذا البلد لأنها خلقت له.

كما لم تنسَ فايا يونان في ألبومها الجديد عذابات الهجرة ومعاناة المغترب واشتياقه لأهله ووطنه الأمّ، فكانت أغنية «بيناتنا في بحر» كلمات وألحان خالد الهبر:

بيناتنا في بحر يبقى البحر بيناتنا

وبيناتنا موج البحر يجمع لنا حكاياتنا

نحنا قدرنا نعيش

تحت سما زرقا قبال البحر

تحت الجبل حدّ السهل نبقى

وكان للتراث السيرياني نصيب من حفل فايا بأغنية مميزة، كما أعادت إلى أغنية «قلبي ومفتاحو» عبيرها بنَفَس أنثويّ ورونق جديد كتحية إلى روح الفنان السوري فريد الأطرش، ووجّهت سلامها إلى روح الموسيقار المبدع الراحل ملحم بركات بأغنية «سلّم عليها يا هوى» قبل أن تعود إلى أغنية جديدة لها «وجهك يا حلو» كلمات عدنان الأزروني وألحان غابي صهيوني:

وجك متل حلّ التعب

عم شوف صورة شام

عالحلم جبتلك حلب

حتى بحلمك نام

وجّك قصيدة يا حلو

وجك نغم موجوع

متل شتي بأوّلو

بيبكي بدون دموع

ثم كانت أغنية «أحبّ يديك» التي حملت سرّ انطلاقة فايا من مواقع التواصل الاجتماعي للجمهور العربي ككلّ، ومعها كان وهج الإبداع الاول، وأطربت فايا جمهورها الذي وقف مصفّقاً لوصلة غنائية «تحت هودجها»، و«زيّنوا المرجة» لتغادر المسرح وتعود مفاجئة الحضور مع عازف الترومبيت نزار عمران مطلقة صرختها بأغنية «موطني»، خاتمة حفلها بها وكلّها أمل في أن ترى بلدها على الدوام سالماً منعّماً وغانماً مكرّماً.

رافقت فايا في الحفل الفرقة الموسيقية بقيادة الموزّع ريّان الهبر على البيانو، وهو الموزّع لكافة أغاني ألبومها الجديد.

«البناء» التقت فايا بعد الحفل، وكانت دردشة أعربت خلالها فايا عن سعادتها الكبيرة لعودتها إلى سورية، لتطلق منها ألبومها الغنائيّ الأول، فلم تغب عن ذهن الصبية أصداء حفلها الخاص الأول الذي كان في بلدها، ورغم أنها غنّت بعده في بلدان عربية عدّة، لكن يبقى لحضورها في بلدها طعم خاص تنتظره بفارغ الصبر، لتنقل سلامات حملتها أمانةً من بلدان كثيرة إلى سورية وفي قلب سورية.

وترى يونان أنّ الموسيقى بحدّ ذاتها رسالة، فهي تعطي الأمل والتفاؤل بمستقبل أفضل. وقالت: نحن نرحل وتبقى الموسيقى ويبقى الوطن، ومشاركتي في مهرجان «سلام من دمشق لحلب» أجمل ما يمكن أن أشارك فيه، على أمل عودة السلام إلى حلب. مهما غنّيت في بلدان أخرى، فإنّ اللهفة دائماً تكون للغناء في سورية بين أهلها وناسها. وفي ظلّ ما يحصل، يزيد التعلّق بالبلد أكثر، ومهما غنّيت في الخارج يبقى من الواجب الوطنيّ أن أغني في بلدي سورية التي هي أروع مكان للغناء.

وتؤكد صاحبة أغنية «أحبّ يديك» أن الشهرة بحدّ ذاتها لا تعني لها الكثير، بل إنّ محبة الناس همّها الأول. وفي كل ما تصدره لا تعني لها أرقام المتابعة بقدر ما تهتم للرسائل التي تصلها، والتي تحمل آراء الناس ومحبّتهم. لافتةً إلى أن ألبومها الأوّل سيطلق في الأسواق مع بداية السنة الجديدة.

وختمت يونان حديثها إلى «البناء» بوعد لجمهورها، مفاده الحفاظ على خطّها في الفنّ الراقي البعيد عن التجاريّ بأشكاله كافة.

بدورها، أعربت الزميلة الإعلامية ريحان يونان شقيقة فايا لـ«البناء» عن حماستها لإطلاق ألبوم فايا الأوّل، مؤكّدة أنه يعبّر عن حالتنا كسوريين في ظلّ ما تعيشه سورية من ظروف صعبة. لافتة إلى أن فايا تصرّ دائماً على الانطلاق من دمشق وسورية بين أهلها، فالغناء في الوطن يحمل انطباعاً خاصّاً ومميّزاً.

وأكدت ريحان أننا بأشدّ الحاجة إلى أصوات جديدة ومميّزة تحمل ثقافة سورية الغنية وتنقلها إلى العالم أجمع.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى