فرنسا تعاني التبعية للقرارات الأميركية

اجتمع أعضاء الناتو في 4 و5 أيلول في نيوبوت في المملكة المتحدة. وكان البند الأساس على جدول الأعمال: أوكرانيا. ففي حين تتطالب أوكرانيا بالتحالف وتنظر في إحياء عملية الانضمام، يجب على الناتو اتخاذ قرار في شأن إرسال مساعدات مادية إلى كييف.

وزير الخارجية الفرنسيّ الأسبق رولان دوماس، يبدي قلقه إزاء انشقاق الناتو وتداعيات هذا الانشقاق على الدبلوماسية الفرنسية.

هل هناك سبب لبقاء الناتو؟

– من الممكن أن يكون هناك سبب لأولئك الذين يديرونها. تاريخيا، كان حلف الأطلسي عبارة عن تحالف عسكريّ ذي كفاءة جغرافية محدودة. وكان هدفه إنهاء الحرب مع ألمانيا. فإذا نظرنا إلى مجموعة هذه العوامل، نجد أن ليس هناك من سبب لبقائها. ولأنني كنت ولا أزال في الخارجية، فقد قرّرنا تفكيك التحالفات. فعملنا على إزالة الحلفين: الحلفين الأطلسي وحلف وارسو. وقد أزيل حلف وارسو تماماً، أما حلف الأطلسي فلا.

كما أنّ هذا الحلف توسّع ودُعِم مع بولونيا ودول البلطيق . ويكفي الاستماع إلى أمينه العام راسموسين، لإدراك أنّ الناتو قد أصبح أداة للحرب.

تدعو أوكرانيا الناتو للمساعدة وتسعى إلى دمج التحالف، ما رأيكم؟

– يتدخل الناتو في كلّ أمر، وكيف لأمينه العام أن يخاطب قائلاً: «أدعو روسيا إلى عدم إرسال الأسلحة للناطقين باللغة الروسية في أوكرانيا». كيف لهذا الحلف الذي أنشأ لإنهاء الحرب ضدّ ألمانيا أن يتدخّل في قضايا غاية في الأهمية مثل قضية أوكرانيا؟ وبما أننا نتكلم عن نزع السلاح مع انهيار الاتحاد السوفياتي ، فقد أصرّ نظيري الروسي على الناتو لعدم امتلاك الأسلحة في البلاد التي كانت تشكّل جزءاً من حلف وارسو، أي التي كانت على مقربة من حدودها. هذا هو جوهر السلام. كان الكل موافقاً. لكن الأميركيين لم يحسبوا للأمر حساب. فأرسلوا الأسلحة إلى بلاد البلطيق وبولونيا. ومن هنا نشأ الخلاف لدى وصول بوتين إلى الحكم. قال: «لم تفوا بوعودكم». ليس لدينا فعلاً أيّ مصلحة لتحريض الروس لتخويفهم ولتخفيف عزيمتهم.

في الحقيقة، بماذا تهدّدنا روسيا؟ إنّها ليست طريقة للتعامل مع قوّة عظمى. والتي نالت تماماً كالأميركيين حصّتها من النصر عام 1945. أصبح الوضع في غاية التوتّر، وسيزيد أكثر فأكثر. كان ثمة توازن عالميّ لكن الخلل أصاب هذا التوازن.

ما كانت عواقب الانضمام إلى القيادة المتكاملة لحلف شمال الأطلسي؟

– كان شيراك يريد أن يضمّ القيادة لكن مقابل تعويضات. ثم حذا حذوه ساركوزي، لكن من دون أن يطلب أدنى تعويض. أما بالنسبة إلى هولاند، فلم يطرح هذا الموضوع من جديد. ومن هنا أعرب عن استيائي. قالها تقريباً بعد يوم من انتخابه. كان نموذجياً جداً. أعتقد أنه لا يلجأ أبداً إلى الاقتفائية في هذا المجال.

اليوم، أصبح صوت فرنسا غير مسموع. إننا نتبع الدبلوماسية الأميركية ونحن نسعى إلى وهم الآخرين بأننا لا نزال موجودين على الساحة العالمية. نحن نصرخ بصوت أعلى من الآخرين. إلّا أنّ فرنسا أصبحت كلب الطليعة في الحلف. ويُعتبر خطراً أن تصبح فرنسا دولة «الذهاب إلى الحرب». فنحن أدرنا ظهرنا كلّياً للموقف القديم الذي اعتُمِد بعد الحرب.

في كل مرة أذهب فيها إلى الناتو، كان ميتران يقول لي: «دوماس على الأخّص، تذكروا جيداَ، نحن لسنا في القيادة المتكاملة». ونفهم: «لا تطيعوا كل القرارات التي تتخَذ! قبلاً، كان صوت فرنسا مسموعاً ويُؤخذ بعين الاعتبار.

هل بإمكاننا الخروج من الناتو؟

– نعم بإمكاننا، لكن هذا قرار مهمّ جدّاً ويتطلب هيبة ديغول. كما أنّ ذلك يتطلب شخصاً صاحب سلطة عالمية لا يرقى إليه الشك، إضافة إلى ظروف تجعل الجميع يفهمون هذا القرار. وهذا يتطلّب وقتاً طويلاً، لأنهم ما زالوا «أقزاماً»!

مقتطفات من لقاء أجرته صحيفة «l humanit » الفرنسية الأحد الماضي مع وزير الخارجية الأسبق رولان دوماس

ترجمة: فاطمة ضاهر

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى