شكري يجول على القيادات السياسيّة ويسلّم رئيس الجمهورية رسالة دعم من السيسي
أكّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون متانة العلاقات اللبنانية – المصرية وضرورة تعزيزها في المجالات كافة، شاكراً لنظيره المصريّ الرئيس عبد الفتاح السيسي رسالة الدعم والتضامن مع لبنان والاهتمام باستقراره والدعوة التي وجّهها إليه لزيارة القاهرة، واعداً بتلبيتها ومؤكّداً أنّ لبنان تجاوز الظروف الصعبة التي مرّ بها، وهو يستعيد اليوم دوره وحضوره انطلاقاً من التلاقي الذي برز بين اللبنانيّين حول خطاب القسم.
وقال: «إنّ التفاهم الذي تحقّق نعمل على ترسيخه، ونحن نعتبر أنّ كلّ بلد يترسّخ استقراره يكون سنداً للآخرين، ولبنان هذا البلد الصغير بمساحته هو سند للأخوة العرب طالما هو أرض وئام وسلام وضيافة.
وأعرب عن أمله في أن يتمّ التوصّل إلى حلّ سياسي للأزمة السورية نظراً لما يتركه هذا الحال من انعكاسات إيجابيّة، خصوصاً بالنسبة إلى مأساة النازحين السوريّين.
كلام الرئيس عون جاء خلال استقباله في قصر بعبدا في حضور وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال، وزير الخارجية المصرية سامح شكري الذي نقل إليه تحيات الرئيس المصري وسلّمه رسالة خطية أشار فيها إلى أنّ «لبنان سيشهد في عهدكم المزيد من الاستقرار والتقدّم والرخاء، وسيستعيد دوره السياسيّ والحضاريّ الفريد». وأعرب السيسي في الرسالة عن تقدير جمهورية مصر العربية، قيادة وشعباً، بخصوصيّة العلاقات التاريخيّة الوطيدة التي تجمع بين بلدينا الشقيقين، و»التزامنا الاستراتيجي الدائم بدعم وحدة واستقرار ورخاء الجمهورية اللبنانيّة الشقيقة»، وتوجّه بالدعوة «لفخامتكم لزيارة القاهرة من أجل تطوير وإثراء العلاقات بين بلدينا الشقيقين، وتنسيق المواقف اتجاه العديد من القضايا والتحدّيات التي تواجه أمّتنا.» ودعا السيسي الرئيس عون زيارة مصر.
أمّا شكري فأشار إلى أنّه نقل تحيات وتقدير الرئيس السيسي للرئيس عون، وسلّمه رسالة منه للتهنئة بتولّيه رئاسة الجمهورية اللبنانيّة، ودعوة إلى زيارة مصر في أول فرصة مؤاتية. إنّ الرئيس السيسي كان من أول مهنّئي فخامته عبر اتصال هاتفي. وأوفدني إلى لبنان في زيارة تأتي بعد ثلاثة أشهر على زيارتي الأولى، تأكيداً للعلاقة الوثيقة التي تربط بين البلدين، وعلى اهتمام مصر بالتطوّر الهامّ الذي شهده لبنان من خلال انتخاب الرئيس عون وبدء عودة لبنان إلى استقراره والعجلة إلى السلطات السياسيّة للاضطلاع بتحقيق آمال اللبنانيّين.
وقال: «نحن نرى في لبنان مركزاً هامّاً للعروبة، وللحفاظ على المصالح العربيّة المشتركة في المشرق. وإنّنا نواجه تحدّيات مشتركة، بشكلٍ أفضل، من خلال التعاون والتضامن والتوافق في ما بيننا. وهذه كانت من أهداف هذه الزيارة أيضاً. ونحن سنتواصل مع مؤسّسات الدولة اللبنانية كافة لبدء حوار عميق وعلاقة وثيقة في خدمة أهدافنا المشتركة». ولفت إلى أنّ مصر «تنطلق في إطار الخطة الاقتصادية والإصلاحات التي أقدمت عليها، وأمّنت فرصاً عدّة للتعاون بين البلدين في النطاقين السياسي والاقتصادي. وسنستفيد من كلّ هذه المجالات لتعزيز القدرات المشتركة للشعبين اللبناني والمصري. وإنّنا نتطلّع إلى مزيد من التواصل على مستوى القمّة بين البلدين من أجل تحقيق مصالحنا المشتركة».
ورداًّ على سؤال عمّا إذا كانت الرسالة التي حملها إلى رئيس الجمهورية من نظيره المصري تتضمّن أكثر من التهنئة والدعوة لزيارة مصر، قال: «لقد حملت رسالة تضامن واهتمام مصر باستقرار لبنان، وتأكيدها الوقوف إلى جانب لبنان لاستكمال المسار السياسي وتحقيق الاستقرار. وأنّ مصر تتطلّع إلى هذه العلاقة على أنّها علاقة تضامن استراتيجية بين البلدين».
وزار الوزير شكري والوفد المرافق الذي يضمّ السفير المصري في لبنان نزيه النجاري رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، وتمّ البحث في العلاقات الثنائية والتطوّرات في المنطقة .
بعد اللقاء، قال وزير خارجية مصر: «نقلت للرئيس برّي تحيات الرئيس السيسي ونظيره المصري علي عبد العال وتقديرهما لدوره الهام والبارز في ضمان السير قُدُماً في تحقيق استقرار لبنان واستكمال مؤسساته، وكذلك التهنئة على إنجاز الاستحقاق الرئاسي، والدور الحيوي له في استكمال تشكيل مجلس الوزراء ونجاح الرئيس المكلّف في مهمّته حتى تستعيد المؤسسات اللبنانية دورها في تحقيق مصلحة الشعب اللبناني الشقيق».
وأضاف: «للرئيس برّي مبادرة هامّة في إطار علاقات التعاون بين البلدين في اتجاه أفريقيا، نظراً لوجود شخصيات وكيانات لبنانيّة هامّة في الإطار الأفريقي، ودور مصر الأفريقي أيضاً. وهذه المبادرة لها أهميّتها بالنسبة إلى البلدين، ونعمل على تفعيلها والسير قُدُماً نحو تنفيذها. وأطلعته على اهتمامي أيضاً خلال هذه الزيارة بالتواصل مع الأطياف السياسيّة كافّة لتأكيد دعم مصر للبنان وللتوافق اللبناني اللبناني، ولتعزيز الاستقرار في المنطقة». وأمل في أن يكون لاستقرار مصر وانطلاقتها نحو المستقبل ووضعها أسس للإصلاح السياسي والاقتصادي وما تحقّق في لبنان، وقوة دفع لاستعادة العالم العربي لاستقراره ولمواجهة التحدّيات المشتركة وفي مقدمها انتشار الإرهاب والتطرّف، وأن نستعيد العمل العربي المشترك» .
أضاف: «استعرضنا خلال اللقاء أوجه التعاون الثنائي واهتمام مصر بتكثيف التواصل مع الأشقاء في لبنان على المستويات كافّ لمزيد من الدعم المتبادل، سواء كان سياسيّاً أو اقتصادياً أو اجتماعياً، كذلك تناولنا التحدّيات المشتركة التي تواجه البلدين من انتشار ظاهرة الإرهاب، الاضطراب القائم في دول المشرق، أهمية لاستعادة الدول الاستقرار واضطلاع مؤسساتها لدورها حفاظاً على وحدتها، وأن تقوم العلاقات بين الدول العربية على التضامن والعمل المشترك لتعزيز الأمن القومي العربي وحمايته من أيّ تدخّلات من خارج الإقليم تطوِّع مقدرات الشعوب العربيّة وتضع أعباء ضخمة من صراعات عسكرية، وما نشهده من تأثير بالغ السوء على العديد من الدول العربية».
وعقد وزير خارجية مصر في قصر بسترس محادثات ثنائية مع نظيره اللبناني جبران باسيل، عقدا بعدها مؤتمراً صحافيّاً مشتركاً استهلّه الأخير بالتأكيد أنّ انتخاب رئيس للجمهورية ما هو إلّا بداية لعودة الروح إلى مؤسساتنا وانتظام عملها، ونأمل أن يستكمل هذا الأمر سريعاً بتشكيل حكومة وحدة وطنيّة جامعة لكلّ اللبنانيّين تؤدي واجبها الأول بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري وفقاً لقانون انتخابات جديد يحقّق صحة التمثيل، وهو الأمر الذي سيعطي للبنان الاستقرار السياسي الطويل المطلوب، ممّا يمهد لقيام ورشة إصلاحيّة ونهضة اقتصادية يتكامل فيها لبنان داخلياً وخارجياً وتكون مصر مرة جديدة، شريكة أساسية له، في التبادل التجاري والاستثمار المتبادل، ونعمّم فكرة التلاقي بين دولتينا ونعمّم أوجه الشبه التي هي قائمة بيننا.»
وتابع باسيل: «لقد نجح لبنان بالرغم من كلّ الضغوط المتزايدة نتيجة الإرهاب التكفيري وضغوط النزوح السوريّ ووجود عدو عنصري على حدودنا يعمّم أفكار العنصرية والأحادية، بتغليب لغة الحوار والتلاقي على لغة العنف. وهذا ما نأمل أن نقوم به سويّاً على الصعيد الثنائي والعربي والإقليمي والدولي. نحن نرمز إلى الدولة المدنيّة التي تحفظ شعوبها على قدم المساواة، والتي تعطي الحرية الدينية والفكرية والتعبيريّة والإعلاميّة والسياسية، ونحن نموذج للتعدديّة ومنبع للحضارات. ونحن نأمل بما يمثّل كلّ بلد من بلدينا أن نعطي النموذج الذي يتوجّب اتّباعه في مواجهة النموذج الـ»داعشي» الذي يتربّص بنا ويهدّد بلدينا ويضربنا إرهاباً وتفجيراً، والذي ننجح حتى الآن من خلال قوانا المسلّحة بالتصدّي له وبالتالي عليه».
وأردف باسيل: «أنّ لبنان عبّر من خلال خطاب القسم للرئيس ميشال عون أنّه يتبع سياسة خارجية مستقلّة تقوم فقط على مصلحة لبنان، ومصلحة لبنان الوطنيّة قائمة على الالتزام بميثاق جامعة الدول العربية، ولا سيّما المادة الثامنة منه التي تنصّ على عدم التدخّل بشؤون الدول العربية، وهذا ما نأمل أن تقوم به الدول العربية كذلك معنا، وهذا ما يؤسّس لعلاقات عربية سليمة».
بدوره، قال الوزير الضيف: «نتطلّع أن تكون الفترة المقبلة فترة تواصل وتشاور مستمرة، ونتّخذ ممّا حقّقته مصر ولبنان من استقرار قوة دفع جديدة في المنطقة تؤدّي إلى النتائج نفسها للحفاظ على إرادة الشعوب من خلال الإدراك للمكوّنات والحفاظ على سيادة الدولة ومؤسساتها، بأن تسير علاقتنا على مبدأ الاحترام المتبادل والسيادة وعدم التدخّل، وهذا هو المسار الذي نرتضيه لأنفسنا ونرتضيه لأشقائنا ونعمل على أساسه، وسياسة مصر تقوم على أسس ومبادئ عبّر عنها الرئيس السيسي في مناسبات عدّة، وهي مبادئ مُستقاة من حضارتنا وثقافتنا وتعدّديتنا وإدراكنا أنّنا شركاء في مستقبل واحد، وعلينا أن نواجه التحدّيات، سواء كانت تلك المتّصلة بأوضاعنا الداخلية أو بالأوضاع الداخلية والإقليمية، من خلال المزيد من الحوار والتوافق على الرؤى ما يؤدّي إلى الاستقرار ومنع كلّ ما يصيبنا من أضرار حيث تعلو إرادة الشعوب، ونكرّر التهنئة على كلّ ما حقّقه لبنان الشقيق وشعبه، ونؤكّد وقوف مصر إلى جانب لبنان دعماً لإرادة الشعب والتوجّهات بين الأطياف السياسية».
والتقى الوزير المصري رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط في كليمنصو، ورئيس حزب القوات سمير جعجع في معراب.