المؤتمر الفلسطيني العالمي… هل هو صرخة أخرى للتعايش مع المستوطنين؟
عادل سمارة
نُشر مؤخرا ملخص عن تجمع جديد باسم «المؤتمر الفلسطيني العالمي World Palestine Congress» تأسيس د. سمير عبد ربه الذي يعيش في أميركا؟. «النص مرفق أدناه».
لعلّ ما يلفت النظر انّ هذا العام، وهو اختتام قرن على سايكس – بيكو حفل بمشاريع عديدة عن القضية الفلسطينية، ومن فلسطينيين؟ منها:
1 – نداء وصرخة من الأعماق تدعو للتعايش مع المستوطنين جرت محاولة تقديمها باسم الشعب الفلسطيني في مؤتمر بدمشق 18 آذار 2016.
2- فلسطين جديدة.
3- تفكير فلسطيني جديد.
4- هذه وغيرها تقوم أساساً على نقض واستنكار م.ت.ف وإنكار كافة تضحيات الثورات والانتفاضات الفلسطينية!
من قرأ نص «نداء وصرخة من الأعماق» الذي يدعو لدولة واحدة مع المستوطنين وهي ورقة طويلة وراعيها الأساسي مؤتمر «التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة» المشار إليه أعلاه! يجد ان ورقة د. سمير عبدربه شديدة الشبه بورقة الصرخة.
جاء هذا الرجل، د. سمير عبد ربه، إلى رام الله قبل ربما 15 سنة. دعاني للتعرف عليه القسيس عودة الرنتيسي وكان نائب رئيس مجلس بلدية رام الله. قدم الرجل نفسه على انه يريد إقامة جامعة في رام الله تعطي شهادة الماجستير في الإدارة العامة وإدارة الأعمال. واستخدم قسماً من المدرسة الإنجيلية في رام الله من أجل ذلك.
أحضر أجهزة كمبيوتر وبدأ بتسجيل طلبة للبرنامج.
كان سبب تواصله معي بأنني ممنوع من التعليم في الجامعات المحلية، وتواصل مع عدد من الأكاديميين فتمّ تشكيل مجلس أمناء طوعي، وتمّ توظيف بديع صرطاوي لقسم الكمبيوتر وسكرتيرة او اثنتين.
اتفقنا أن نقوم بالتدريس مجاناً إلى أن تقف الجامعة على قدميها
أحضر الرجل سيارة بي ام دبليو جديدة من أميركا، وقال بأنّ تمويل الجامعة من محسنين فلسطينيين.
تمّ تحصيل رسوم من الطلبة.
تقدّم بطلب إلى مجلس التعليم العالي لتسجيل الجامعة، لكن وزيرة التعليم العالي حينها رفضت ذلك لأنها تنافس جامعة بير زيت.
فجأة اختفى سمير! دون أن يقول لأحد شيئا؟
ها هو يظهر مجددا؟
لم يعد الرسوم للطلبة.
قبل شهر اتصل بي الصديق محمود الهمشري من عمان يسألني إنْ كنت أعرف الرجل ودخلت في الحديث سيدة من عائلة المصري. قلت لهما ما أعرفه.
قالت السيدة بأنّ سمير أعاد الفلوس لاحقاً للطلبة.
ربما… لا ادري أين تشتتوا، لكن ربما اتمكن من لقاء أحد منهم.
لكن المهم: لماذا هرب سمير فجأة؟
وما هدف هذا المؤتمر الفلسطيني العالمي الذي يؤلفه؟ مما قالته السيدة إنّ هذا المؤتمر خارج حماس وفتح؟
قلت لها موفقين.
لا أعتقد أنّ الساحة الفلسطينية بحاجة لتجمع من هذا القبيل وخاصة في الشتات؟ أخشى أن يكون هذا شكلاً جديداً لبدائل محلّ م.ت.ف مثل محاولة عزمي بشارة ومنير شفيق وبلال الحسن قبل أكثر من عشر سنوات، أو مثل «نداء وصرخة من الأعماق» التي أشرت إليها أعلاه، واكتشفنا أنها حالة وهمية بلا أساس، والمهمّ أنها تطالب بالتعايش مع المستوطنين في دولة واحدة في فلسطين التاريخية، وفي نفس الوقت تصدر بياناً يدعو للكفاح المسلح! كيف هذا مع ذاك؟
نعود إلى د. سمير عبد ربه، فالمؤتمر الذي يؤلفه يطرح تساؤلات منها:
دولة مستقلة للفلسطينيين. جميل، ولكن أين؟ لم يحدّد هل هي في الضفة والقطاع ام في كلّ فلسطين.
وإذا كانت في كلّ فلسطين، فماذا عن الكيان؟ لم يتمّ ذكره لا بالحب ولا بالحرب!
وتتحدث الورقة عن حق العودة. كيف؟ وحين تحصل ماذا عن الكيان؟ هل هي عودة في ظلّ الكيان؟
ثم تتحدث الورقة عن «التمسك بالحقوق الأساسية الثابتة للشعب الفلسطيني… ونبذ جميع أشكال التفرقة على أساس الدين أو الأصل القومي او العرق او الجنس او الانتماء السياسي». هل يعني هذا دولة «لكلّ مواطنيها»؟ إنْ كان يعني هذا لماذا العبارات المغمغمة؟ وكيف نعطي مساواة للغاصبين المستوطنين مع شعبنا على نفس المستوى؟ فالمساواة والديمقراطية تعني مساواة بين الغاصب وشعبنا؟ هل هذه طبعة جديدة من «نداء صرخة من الأعماق؟»
في البند 6 صفحة 2 تقترب الورقة من الوضوح بالقول: «تفكيك الاستعمار الاستيطاني ونظام التفرقة العنصرية في فلسطين، واستعادة الحقوق الفلسطينية الكاملة على كامل فلسطين».
طيب، أولاً التفكيك صارت كلمة تحمل أكثر من وجه. نستخدمها احياناً تحت الاحتلال كي لا نتعرّض للقمع، مع أنّ القصد هو هزيمة الكيان وتحرير فلسطين، فليس أسهل من دُعاة رمي اليهود في البحر وإنكار المحرقة أن ينعتوا استخدام التفكيك بأنه تطبيع. وقد يتمّ استعمالها في الخارج ببراءة. وعليه، لم يعد سهلاً قبول التفكيك بأنه استعادة الحقوق الفلسطينية الكاملة على كامل فلسطين المحررة. ولكن يبدو في ورقة د. سمير أنّ هناك انسجاماً بين تطبيق التفكيك بلا تحرير مع المساواة والديمقراطية!
أعتقد بعد كلّ هذا المشوار الطويل للصراع، وبعد أن تشوّهت مفاهيمنا ومواقفنا من القضية/ الصراع العربي ـ الفلسطيني، صار لا بدّ من التركيز على أمرين أساسيين او الأساسيين:
الأول: إنّ أية حلول في هذه المرحلة لا معنى لها بل تغطي قيام الاحتلال بمواصلة قضم أشلاء الوطن.
والثانية: إنّ ايّ حلّ بلا تحرير لا معنى له.
بقي السؤال: ما الهدف من هذه المحاولة من د. سمير؟ هل هي بديل لمنظمة التحرير التي أصبحت «ملطشة»؟