باسيل: علينا بناء الأرضية الملائمة لعلاقات جوار سليمة مع سورية الغد

أكد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أن علينا أن نتهيأ منذ الآن لورشة إعادة إعمار سورية، فنكون جاهزين لمواكبة جهود السوريين في نمو سورية وازدهارها، وأن نبني منذ الآن الأرضية الملائمة لعلاقات جوار سليمة مع سورية الغد، تكون كل دولة رافعة للأخرى في المجالات كافة.

وتحدّث عن المتغيرات التي أفرزتها الحرب في سورية والتي يجب التفاعل معها، لافتاً إلى النزوح الكثيف ومخاطره الاجتماعية والديموغرافية، الإرهاب وتوسّع المنظمات الإرهابية جغرافياً، وعلى الأخص، انتشارها على حدودنا الشرقية، و الانكماش الاقتصادي والتجاري، مع إقفال طريق الترانزيت البري عبر سورية وبسبب أجواء عدم الاستقرار في المنطقة التي لا تشجع على الاستثمار.

وأكد باسيل في كلمة ألقاها خلال افتتاح المعهد الوطني للإدارة الدورة التدريبية الخاصة للملحقين المتمرنين في السلك الخارجي في ملاك وزارة الخارجية والمغتربين «أن أية قراءة، ومهما كانت شاملة وصائبة، في العوامل الثابتة والمتغيرة التي تؤثر على تكوين سياسة خارجية، ليست كافية لوضع هذه السياسة حيز التنفيذ. فالدبلوماسية تصبح فاعلة عندما تقودها وزارة فاعلة، تكون بمثابة قبطان الدولة في مسيرتها الخارجية، فيعود لوزارة الخارجية والمغتربين أن تبلور المواقف الموحِّدة والموحَّدة وطنياً، وأن تكون ضابط الإيقاع في العلاقات الدولية».

وقال: «يمكن تطبيق هذه المقاربة على أي مسألة مطروحة علينا. مثلا: بلورة الموقف من الأزمة في سورية: ما هي الثوابت بالنسبة لنا؟

وحدة سورية ووحدة أراضيها وبسط سيادة الدولة على أراضيها كافة.

– احترام سيادة الدولة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

– الاحتكام إلى الشعب السوري عند اختيار نظام الحكم وحكامه.

– الحفاظ على تعددية المجتمع وصون حقوق الأقليات الدينية والإثنية.

– التوصل إلى حل سلمي وعودة الاستقرار.»

وشدّد باسيل أن لبنان محصن بدستور يحدد هويتنا ويجسد هوية وطنية عابرة للطوائف، فالتعايش بين مكوّنات المجتمع اللبناني هو من أغنى الثوابت التي لن نألو جهداً في المحافظة عليها، لأن التعددية في لبنان والمناصفة بين مسلميه ومسيحييه هما من أعمدة نظامنا السياسي.

وأشار إلى «أن مقاومة الاحتلال حتى بسط سيادتنا على أراضينا كافة، بما في ذلك على مياهنا الإقليمية، هي حق ثابت كرسته شرعة الأمم. أما الثابتة الأهم فهي، في نظرنا، ضرورة أن تكون السياسة الخارجية اللبنانية عامل انصهار يتكفل بإبراز القاسم المشترك بين الأفرقاء السياسيين المحليين في المحافل الدولية، ليتكلم لبنان بصوت واحد وليظهر بموقف موحد يزيده قوة. على السياسة الخارجية ألا تكون سبباً في خلق توترات داخلية، لا بل عليها أن تكون حافزاً جامعاً لتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء اللبنانيين».

أضاف: «في قراءة المتغيرات والتفاعل معها والاستفادة منها قدر المستطاع: على السياسة الخارجية أيضاً أن تواكب الأحداث من حولها وتتفاعل معها، وإلا ستبقى منكمشة على ذاتها وفاقدة للفاعلية. ولكن التفاعل لا يستقيم إلا في حال استند على دراسة وتحليل عميق».

وقال باسيل: «يعاني لبنان اليوم، كما باقي الدول، من تصدع النظام الدولي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية في مختلف جوانبه، فالغليان والتحولات يصيبان كل شيء: ثورة تقنية معلوماتية، مجتمعات باتت منقسمة على ذاتها تلفظ نخبها، تنافس دولي وإقليمي يحتدم بسبب بروز لاعبين جدد، يعيدون خلط الأوراق سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، أزمات اقتصادية ومالية على أشكالها، بسبب استدانة زائدة أو رقابة مفقودة أو فساد متنكّر.

وتابع: عالمنا اليوم في مرحلة انتقالية، فهو يتحول من هيكل تسيطر عليه قوة أحادية، إلى نظام متعدد الأقطاب تتضارب فيه المصالح. كما أن لبنان يقف اليوم، صامداً بالرغم من ضآلة إمكانياته، على عتبة الأزمة المستفحلة في سورية، مواجّهاً تداعياتها وانعكاساتها السلبية عليه، من تدفق النازحين إلى أرضه، وهو نزوح غير مسبوق في حجمه في تاريخ العالم المعاصر، إلى الحرب التكفيرية التي تشنها المنظمات الإرهابية المتربصة بأمننا».

ولفت الى أن لبنان ينعم بموقع جغرافي يتيح له أن يلعب دوراً جامعاً من خلال قدرته على احتضان المتخاصمين، الإقليميين والدوليين، ومنحهم مساحة للتلاقي ومدّ الجسور. فهذا الدور ليس سوى انعكاس لقدرة لبنان على المحافظة على توازنه الداخلي وعلى غنى وتنوع مجتمعه التعددي، بأبعاده الدينية والحضارية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى