ربط الساحات… وتغيير الاستراتيجيات؟!

فاديا مطر

بعد اتضاح ملامح الأوراق الإستراتيجية لما يجري في الساحة السورية، تطفو على السطح ملفات تجدد تعلقها بعمق الحرب على سورية وما يتحضر لإنهاء معارك وبدء معارك أخرى ترسم خطوط جيواستراتيجية قابلة للتعديل وربما للتغير، فمحاولات ربط الساحات العراقية والسورية معاً تحمل بصمة تركية ظاهرة على وقع بصمة أميركية بدأت تختفي معالمها بالإنكفاء الأميركي عن عمليات تحرير الموصل ودور اللاءات التركية التي بدأت تأخذ منحى جديـا فـي إستراتيجيــات أنقــرة القادمـة، إن كان لجهة العلاقة مع واشنطن أو الغرب أو الدول الإقليمية المرتبطة مع أنقرة، فمفرزات زيارة مرتقبة لوزير الخارجية التركي بن علي يلدريم إلى موسكو بدأت ترمي بظلالها على شكل العلاقة مع روسيا وواشنطن ـ ترامب، بعد دخول العام المقبل، وهي خطوة تركيا لاستشعار حدود المناورة التي تستحوذ على جغرافية سورية فيما يدور في باطنها تبادل للأدوار بين واشنطن وانقرة، فحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بدأ برمي الكرة في ملاعب الغرب علناً والحديث المعلن عن ضمّ كركـوك وحلـب جهـاراً نهاراً وهو ما ينبئ بإخطارات تركية جديدة تحمل رسائل خطيرة، فهل المنطقة أمام شيفرات جديدة؟ أم انّ المنطقة أمام متأثرات باتت تجزم أغلب السياسات الدولية بعد الحضور الروسي؟! خصوصاً أنّ الإدارة الأميركية الجديدة بدأت بترتيب أسماء لعائلتها التي ستحكم من مجموعة ما يسمّى «صقور الجمهوريين» لإعادة الوزن الدولي للحضور الأميركي في مجمل السياسات التي أضعفت سمعة واشنطن على مستوى التسويات، وهو ما جعل تركيا تتحدّث مع واشنطن حول الرقة بصفتها شريكا للناتو ولاعبا أقليميا قويا ومهما إن كان لدور «درع الفرات» الذي يأخذ ديكتاتورية جغرافية في شكله وعينه ترمق عفرين مع انسحاب المكون الكردي المدعوم أميركياً من منبج إلى شرق الفرات، فالتشابك الميداني في الشمال السوري ومعادلة مدينة الباب أدخلت معركة الرقة في متاهات تعدد الانتماءات للفصائل الإرهابية في الشمال والشمال الشرقي لسورية، وهو ما سيرفع سقف التباينات بين أنقرة وواشنطن، فهو ما تحاول الشخصيات الأميركية التي تزور أنقرة بالخفاء فرضه للحدّ من بعض التدفق الإرهابي والاستماع إلى الشروط الأميركية في مقابل ذلك سياسياً، فالملزمات وربط الساحات استدعى تغيير ألوان الاستراتيجيات في المنطقة امام عدة تطورات ربما تحكمها المساحات الروسية، فكيف ستكون ملامح الأوراق الجيوسياسية الإقليمية المقبلة؟ وهل تعديل الألوان سيعني تعديل الاتجاهات والاولويات؟!

هو قلم السياسة المقبلة من مراكز القرار التي أضاعت القطبية الأحادية وباتت أمام اتساع الصورة ودقتها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى