يا حكومات الذلّ استفيقوا
اياد موصللي
«إسرائيل»… تمنع الأذان بمكبرات الصوت؟ تخفيفاً للإزعاج كما تزعم… وكأنّ كلمة الله هي مصدر للإزعاج… فيصدر قرار منع الأذان في مساجد المسلمين بفلسطين بمكبرات الصوت… وفي الوقت نفسه تعيّن «إسرائيل» سفيراً لها في تركيا الدولة المسلمة كما عيّنت تركيا سفيراً لها في «إسرائيل».. وكأنّ إسلام فلسطين والأذان فيها غير إسلام تركيا وأذانها.. تركيا التي يحكمها اليوم حزب إسلامي متجدّد كما يدّعي… لم تتوقف أمام هذا القرار، ولم تتخذ موقفاً رمزياً أو عملياً… وكذلك السعودية حامية الحرمين… ومثيلاتها من أشباه الدول ذات الأنظمة الإسلامية التي أباحت سفك دماء المسلمين والعرب في سورية والعراق واليمن..
مَن سرق فلسطين واغتصبها وشرّد أهلها… لا يقف أمام مكبر صوت يرفعه مؤمن بربه وأرضه وشعبه. ولن يمنعه من إتمام مخططه… فلسطين «دولة يهودية» عاصمتها القدس لذلك لا مكان فيها لدين آخر أو لعنصرية أخرى، واستكمالاً لهذا وتحقيقاً لذاك تتوجب إزالة كلّ ما يرمز عكس الشكل والمضمون… ومن أجل أن يكتمل تهويد القدس بشكل كامل تجب إزالة كلّ المعالم التي تخالف هذا الشعار… ومسجد الأقصى وقبة الصخرة وكنيستا المهد والقيامة الرموز الحية المتبقية من تاريخ فلسطين الحقيقي وتكوينها العربي. وما يرمز إليه رنين الأجراس ونداء الله أكبر.
أقولها بكلّ صراحة ووضوح، هذا البكاء والنحيب والعويل والصراخ ورمي الحجارة لن يجعل «إسرائيل» تحجم عن إتمام مخططها بالاستيلاء على الأقصى وقبة الصخرة فهي تقضم قطعة قطعة. تثير الضجيج والصراخ ليصبح الأمر اعتيادياً وروتينياً ويعتاد العالم على هذا الموضوع…
إنني أتساءل هل الأقصى وقبة الصخرة للعرب وحدهم هل هو رمز قومي أم ديني…؟ أين باكستان وأفغانستان والدول الإسلامية الأخرى..
«إسرائيل» تلقى التشجيع المباشر وغير المباشر، بصمت أبلغ من كلام يرسله إليها الحكام الذين اتقنوا التصريح بالكلام الفصيح عن التضامن العربي الذي ذهب مع الريح من الأرض الى المريخ… ويا عدواً أفعل ما تريد وابنِ دولتك كما تشاء وتستريح… فالعرب ذهبوا مع الريح… يا عيب الشوم: اليهود شعب الله المختار والعرب شعب الله المحتار…
ايّ أمة هذه الأمة التي تُستباح أوطانها وتستعبد شعوبها وتمزّق أوصالها فلا ترفّ لحاكم من حكامها شعرة جفن! ولا تدمع عين ولا يقشعرّ جسد ولا تثور كرامة! وكأنّ الذي يجري هو قصة تاريخية نقرؤها في كتاب هذا الذي يجري اليوم في العراق وسورية واليمن وفلسطين، ألا يستحق تحركاً يزلزل الأرض ومَن عليها؟ ألا يستحق خطاباً او كلمة…؟
يُسحق شعبنا سحقاً، يُقتل بالآلاف، تُهدم البيوت والقرى والزرع والضرع… فلا يتحرك منا مسؤول ولا نسمع استنكاراً ولو بتصريح كلامي.
المؤلم أننا لم نسمع أيّ ردود فعل او تحرك من أجل فلسطين، وما أشبه اليوم بالأمس.. لم يصدر ولو إنذار كلامي يجعل «إسرائيل» تحسب حساباً ولو لمرة واحدة في تاريخها… كما حسبت حساباً وتحسبه كلّ يوم نتيجة موقف المقاومة اللبنانية عندما طبّقت مع «إسرائيل» مبدأ «العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم»…
أمَا من معتصم يلبّي نداء أمة خنقت نجواها غصة دامية…؟ ما اشتهرت كلمة في التاريخ كما اشتهر نداء الاستغاثة الشهير «وامعتصماه» أطلقته امرأة عربية استغاثت بحاكم عربي، فكان جوابه جيش سحق به جيوش البيزنطيين وحفظ كرامة أمة وكرامة القيادة…
المؤسف أننا اليوم مع قادة يسمعون ويرون شعبهم يُسحق ويُدمر ويُدفن في حركة تدمير للقيم والمثل والتاريخ وهم يتفرّجون…
رب وامعتصماه انطلقت
من أفواه البنات اليتم
لامست أسمــاعهم لكنها
لم تلامس نخوة المعتصم
لا يُلام الذئب في عدوانه
إن يكن الراعي عدو الغنم
ألإسرائيل تعــلو رايــةٌ
في حمى المهد وظلّ الحرم
نعمٌ ثم ألف نعمٍ، فـ«إسرائيل» سادت وتسود في ظلّ حكام كالأغنام ينتظرون من العدو الإنعام عليهم.. أعداؤنا جاؤونا شذاذ آفاق فاحتلوا أرضنا وطردوا شعبنا هم حفنة ونحن جحافل.. هم كانوا حكومة مزعومة ونحن حكومات حقيقية… هكذا جاؤونا فإذا بنا اليوم هم حكومة قائمة وسلطة دائمة وقبضة حازمة ونحن حكومات عائمة على بحر الأوهام مُهدَّدون في أرضنا وكرامتنا وحياتنا. يُسحَق شعبنا يُقتل ويُسجن وتُهدَم فوقه البيوت والقرى ويُقلَع الزرع والضرع فلا يتحرّك منا مسؤول ولو باستنكار او تصريح كلامي إعلامي..
المؤلم أنّ هذا الصوت الوهمي لم نسمعه يحتجّ على الموقف الأميركي الذي أعلن بكلّ وقاحة وصراحة «أنّ لإسرائيل الحق في الدفاع عن شعبها وأرضها»!
تذكرّوا أننا سنقاتل ونحارب، لأنّ من تقاعس عن الجهاد فقد أخّر في سير الجهاد.. وأنه ليس لنا من عدو يقاتلنا في ديننا ووطننا إلا اليهود. ومَن يهنْ يسهل الهوان عليه.
صحافي لبناني