دي ميستورا جاء يتأبط شراً

نعيم إبراهيم ـ دمشق

حاول المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا خلال زيارته الجديدة المفاجئة إلى سورية، اللعب في الوقت الضائع والالتفاف على طلب دمشق وموسكو وطهران والمقاومة، ضرورة فصل المعارضة المعتدلة عن الميليشيات الإرهابية، وعقد حوار سوري سوري حقيقي.

لا شك أنّ ما تفتقت عنه ذهنية دي ميستورا بضرورة إعطاء حكم ذاتي للمناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون شرق حلب، يمثل طرحاً أجوف وغير قابل للتطبيق، وهو إصرار على تقسيم سورية جغرافياً وديموغرافياً وطائفياً في مسعى واضح لفرض مصالح الدول الاستعمارية على حساب مصالح سورية.

يعتقد المبعوث الدولي أنّ الانطلاقة الناجحة للحوار السوري السوري تتطلب تحقيق وقف مستقرّ لإطلاق النار. ويعتقد أيضاً أنّ المشكلة تكمن في الجزء الشرقي من مدينة حلب حلب الشرقية وفق تعبيره. ومن وجهة نظره من الضروري تحسين الوضع الإنساني قبل المضيّ قدماً في المسار السياسي.

مطلب حق أريدَ به باطل يهدف إلى شرعنة الإرهاب واستخدام السلاح الكيمياوي من قبل الإرهابيين في ظلّ صمت دولي مطبق وفشل مجلس الأمن الدولي في اتخاذ قرار ضدّهم، واضعاً رأسه بالرمل كعادته عندما يتعلق الأمر بإحقاق الحق ونصرة القضايا الدولية العادلة.

ومما زاد الطين بلة طلب يان ايغلاند مساعد دي ميستورا الحصول على موافقة دمشق وموسكو على هدنة إنسانية في حلب قبل تاريخ اليوم الخميس 24 تشرين الثاني، موعد لقاء المجموعات الفرعية لمجموعة الدعم الدولية، لماذا؟

في الحقيقة ينطبق على دي ميستورا ويان ايغلاند ومن لفّ لفهما قول «إنْ لم تستح فافعل ما تشاء» وهما طرقا الباب وسمعا الجواب المنطقي والثابت بأن لا إدارة ذاتية شرق حلب.

يمكن تلخيص نتائج زيارة دي ميستورا إلى دمشق وفق الآتي:

– تركزت المباحثات على مناقشة الوضع في حلب، وركز دي مستورا خلالها على طرح «أفكاره» بشأن شرق حلب دون أن يقدّم أيّ ضمانات باحترام المسلحين لوقف إطلاق النار. وقال: «نحن نسابق الزمن ونتصارع معه وما نسمعه من زملائنا عن الوضع الإنساني في شرق حلب وأجزاء أخرى من سورية مأساوي بسبب الأعمال العسكرية»…

– لم يطرح دي ميستورا تحديد موعد لاستئناف الحوار السوري – السوري في جنيف.

– أكد الوزير المعلم من جانبه في مؤتمره الصحافي ترحيب دمشق بأيّ لقاء سوري ـ سوري بعيداً عن التدخل الخارجي من أجل الحوار حول المستقبل، سواء عقد في سورية أم في جنيف، مشيراً إلى أنّ سورية ترحب وتؤمن بدور للأمم المتحدة يحترم ميثاقها وسيادة الدول الأعضاء.

– ينتظر دي مستورا على ما يبدو إدارة أميركية جديدة وأميناً عاماً جديداً للأمم المتحدة.

– أوضح المعلم أنه من السابق لأوانه الحكم على الإدارة الأميركية الجديدة، داعياً إياها إلى وقف دعم الإرهابيين ولجم الدول التي تدعمهم.

– أكد المعلم أنّ موسكو حليف يجري التنسيق معه بشكل يومي في الميدان السياسي والعسكري.

كان الأجدر بالمبعوث الدولي إلى سورية دي ميستورا تأكيد حرصه على الانضمام إلى الروس في محاولة جمع السوريين إلى طاولة حوار في دمشق أو غيرها من عواصم العالم، بدل التركيز على شرعنة الإرهاب، وهو ما تطرق إليه في تصريح له أمس الأربعاء في العاصمة الألمانية برلين خلال لقائه أعضاء من الحزب «الديمقراطي الاجتماعي» الألماني بقوله «إنّ تكثيف الجيش السوري لهجماته على شرق حلب قبل تسلّم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب السلطة قد يتحوّل إلى كارثة للمدنيين».

وأضاف: «أنا قلق جداً مما قد يحدث قبل تاريخ تسلّم ترامب السلطة رسمياً، إذا تمكّنت القوات السورية الحكومية من السيطرة على الجزء الشرقي من مدينة حلب»، الأمر الذي يعني أنّ الأمم المتحدة ممثلة بدي ميستورا ترفض تنفيذ قرار صدر منذ أكثر من نصف عام، يدعوإلى إجراء محادثات سورية سورية دون شروط مسبقة.

لذلك كان بالضرورة أن يأتي جواب دمشق والحلفاء من الميدان لأنّ دي ميستورا جاء يتأبط شراً، وهو سيقع حتماً في إسار الوهم ليس إلا، إذا أصرّ على محاولاته المشبوهة قبيل نهاية مهمته في شهر آذار المقبل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى