عشق الصباح
يا بحر سلاماً، وموجك المالح على جرحي ترمد. واللازورد الأرجواني يطوف على اتساع الفضاءات. أنا ما ضيعت الطريق إليك. «أيعنيك وجعي وحزني النازف بالعشق والحنين»؟ أنا مسكون فيك أيها المشرقيّ، كأني أرى في وجهك أبا فراس الحمداني على صهوة جواد سابح في وجه الريح، لا يبالي بهياج العجاج ولا بصليل سيوف وخناجر الأعداء والغادرين والخونة. بقامته التي تكاد تلامس الأنجم الزهر. يمضي إلى صباحات الشمس بكبرياء، أمضي إلى صباحات الشمس بلهفة العاشق يتقمص الروح التي لا يصيبها الفناء. الروح الطيبة لن يصيبها الفناء.
هنا، حيث لا ناي هنا ولا قصب مجروحا ينوح، نغمٌ قدسيٌ من فيض قبس الفجر ينسكبُ على وجه الصباح، يغسل بالندى وجوه الطيبين. سلاماً للطيبين، سلاماً للمحبّين، سلاماً للأتقياء الأنقياء المخلصين، سلاماً للأوفياء. أكتب على ترانيم همس هفهفات الضوء، وقد تدفقت الكلمات يا ويحي أنا المسكون بالبوح، أتعشق عبق عطرك من أي الجهات جاء! يجتاحني ظمأ إليك. كل الكلمات إلا إليك معانيها، لولا طيف وجهك الذي أراه في فنجان القهوة كحبات الهيل. وأي نجوم متلألئة. وأيّ ضحى، وألف ألف لهفة شوق تسبقني إليك!
شرفة الزيتون متروكة لريح الحبق الآتي من الشرق. يا لبراري وحكايا مسكونة في دمي، أنا المتشوق الظمآن لأشرب من دنان أبي النواس المعتقات!
طريقي وعر ولا أعرف فن صياغة المفردات. أتعثر بكلمة حرون، ولا أعرف كيف أنسج من الحروف قصيدة تُرضيك، هي الكلمات تكتبني في سر معانيها. وتختصر المسافات. يا للبعد ويا لحزني النازف عشقا. فقل بحق التين والزيتون والكهف والرقيم والغار وجب يوسف وحزن أيوب ونار إبراهيم والذي أضاء بنور وجهه المشرق والمغرب! أيّ الدروب يا وحي الإبداع تأخذني إليك؟
حسن ابراهيم الناصر