«عرسال» تُضاف إلى معارك الحدود في المنطقة

روزانا رمّال

تؤكد معلومات سابقة لـ«البناء» عن ربط زيارة الرئيس العماد ميشال عون بالعودة بالهبتين المخصصتين للبنان وجيشه الذي يتباهى اليوم بتقديمه للبنانيين إنجازاً نوعياً حققته مخابرات الجيش بجهد وحرفية عاليتين في عملية نوعية استهدفت أمير داعش في منطقة عرسال وعناصر متطرفة أخرى كانت موجودة في المكان. والكشف للبنانيين عما كانت قد تورطت فيه مجموعة المدعو «امون» من تفجيرات في لبنان أبرزها الضاحية الجنوبية لبيروت، وتخطيطه للاعتداءات على مراكز الجيش خلال أحداث عرسال، والأخطر نيته للتحضير في الآونة الأخيرة لإرسال سيارات مفخخة إلى الداخل اللبناني لتنفيذ تفجيرات إرهابية.

تابع الرئيس العماد ميشال عون من قصر بعبدا تطورات الحدث الجلل مشيداً بمهمة الجيش والحرفية التي أظهرتها، لكنه من دون أن يدري صوّب مجدداً نحو إمكانات الجيش اللبناني من جهة ونحو مخاطر لا تزال تحدق بلبنان باتت من أكبر مسؤوليات الرئيس الحالي، فالارهابي «امون» حسب المعلومات كان ينوي تفجير مناطق لبنانية بعدما ظنّ كثر انّ «معادلة ما» ادخلت البلاد في مرحلة «ستاتيكو» تؤشر الى رغبة دولية بعدم إغراقه في أتون التفجيرات من جديد. وهنا يعود الحديث عن مخاطر استغلال القوى المتطرفة لأيّ سجال أو اشتباك داخلي محتدم بين الأفرقاء واستغلال ايّ تعقيد في التشكيلة الحكومة او أخذ لبنان نحو أزمة بأيدي سياسييه لتنفيذ عمليات إرهابية مثل اغتيالات او غيرها قادرة على نسف كلّ معادلات المصالحات التي انبثقت في الآونة الأخيرة وإعادة تقسيم لبنان عمودياً.

وعلى هذا الاساس بات على رئيس الجمهورية الإسراع في أمرين أساسيين: أولهما البحث جدياً في إمكانية إعادة الهبتين الى لبنان مع غيرها من المساعدات التي يمكن أن تشكل مخرجاً لأيّ ردّة فعل من القوى المتطرفة على العملية التي نفّذت اليوم أو غيرها فتتأهل عناصر الجيش اللبناني لخوض معركة لا تزال مجهولة المصير.

تتساءل مصادر سياسية «للبناء» عن سبب عدم إقدام قيادة الجيش اللبناني ومعها الأمر السياسي في البلاد الممثل بحكومة تصريف الأعمال اليوم على إعطاء أمر تنفيذ عملية اقتحام مناطق التوتر في عرسال والبدء بمعركة تحريرها وتتخوّف من أن يكون هذا التأخير ناجماً عن رغبة أميركية بهذا التجميد والإيعاز بعدم التقدم نحو أي نوع من الحسم بهذا الإطار «واذا كانت هذه الرغبة الغربية دقيقة فان هذا يعني امران»، اما ان هناك خوفاً على الجيش اللبناني ووضعه الذي يشوبه عجز لوجستي عن خوض معارك على غرار تلك التي يخوضها الجيش السوري، بالتالي فإن هناك رغبة بعدم تعريض الجيش اللبناني للخطر. وهذا قد يكون أغرب من أن يكون رغبة نابعة من حرص، والثاني «أن تكون معركة عرسال واحدة مما يُسمّى «معارك الحدود» التي لا تختتم الا بانتهائها كسلسلة ممتدة من سورية للعراق فلبنان، لأنها تعني نهاية الحرب في سورية بشكل كامل، فالمعارك التي تعيشها المناطق الحدودية من الحدود السورية اللبنانية، للحدود السورية الأردنية، للحدود السورية العراقية هي المعارك الفاصلة في الشرق الأوسط. وعلى هذا الأساس تضاف معركة عرسال كمؤشر على أن أي قرار نهائي بحسمها هو قرار بتسكير جبهة بأكملها تتعلق بالحدود اللبنانية السورية ورفع العلم الأبيض لحلف دعم التطرف في تلك المنطقة لسنوات طويلة.

تؤكد المصادر أن جمود الوضع في منطقة عرسال هي واحد مما يدلّ على أن المعركة مع الإرهاب في لبنان لا تزال أحد اهمّ الملفات التي ستقلق اللبنانيين عاجلاً ام آجلاً، فالمعركة مقبلة لا محالة وعلى هذا الاساس يجب التحضير لأرضية جيدة أمنية وسياسية، والاولى لا تتحقق الا بتوفر الثانية.

وصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية اللبنانية لم يكن الا نتاج صيغة دولية ارتضت النزول عند أمر واقع فرضه الميدان السوري بامتياز الذي استجلب روسيا الى المنطقة من دون أن تبقى الأمور مبهمة بعد اليوم. فأي حديث عن عمليات عسكرية روسية في سورية، هو حديث عن قرار استراتيجي وجب على جيران سورية ايضاً الامتثال له. العماد عون القادم من سلك عسكري يدرك هذا الامر تماماً ويتابع عن كثب معارك الأرض منذ ما قبل وصوله للرئاسة وهي النقطة التي لطالما تلاقى فيها مع حزب الله. المسؤولية التي تترتب على الحراك السياسي في لبنان لا تقف عند حدود تأليف حكومة لإجراء انتخابات للنيابة. فهذه الانتخابات قد لا يكتب لها الولادة من دون إعلان صريح ورسمي من السلطات اللبنانية بانضمامها الى ما بات بالنسبة للجوار السوري أمراً واقعاً وآخره ما اعلن عنه الانضمام المصري لدعم الجيش السوري المعنوي بأقل تقدير، فهل سيتأخر العماد عون كثيراً لإعلان لبنان بلداً واقعاً ضمن منظومة مكافحة الإرهاب الإقليمية بقيادة الغرفة الروسية وأراد الاشتراك معها؟ أم أن تفادي الحديث بهذا المترتب سينسحب لوقت طويل قد يزرع شكوكاً حول نية جدية في الإبقاء على لبنان بلداً «ينأى» بنفسه عما يجري في المنطقة، كما قدر له في السنوات الماضية؟ يدرك الرئيس عون أن عرسال منطقة محتلة. وعلى هذا الاساس قد تكون إعادة الحديث عن استجلاب هبة من هنا أو هناك أمراً غير ممانع فيه لتوضيح مصير لبنان الأمني وتموضعه في المنطقة بعد انتخاب رئيس جديد فيها وتقديم سياسة خارجية واضحة لم يعُد تجاهل التنسيق مع سورية فيها موفقاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى