مشاهدات من تلعفر… الحشد الشعبي يحصنّ الحدود
مصطفى حكمت العراقي
تلعفر، وما أدراك ما تلعفر، حيث القضاء الواقع في أقصى شمال العراق والمتمركز في منطقة حيوية لجهة فصل العراق عن سورية، واتصال محافظة نينوى بمحافظة صلاح الدين، وتمركز الغالبية العظمى من تركمان العراق في داخله، كما أنّه شكّل بداية الاقتتال الطائفي في العراق عام 2004.
هذا القضاء شكّل بيضة القبان في معركة إنهاء «داعش» في العراق، ففيه تلاقت الأضداد واجتمعت المشاريع ولكلّ واحد منها غاية يروم إلى تحقيقها، وذلك بالتزامن مع تعالي أصحاب المشاريع في أنقرة التي تسعى لدقّ إسفين فتنة عرقيّة ومذهبيّة تحقّق لها نفوذ داخل العراق. كما أنّ واشنطن رسمت لمعركة تلعفر مساراً يحقّق لها انتقال سلميّ بسيط للإرهابيّين من داخل العراق إلى الشرق السوريّ لتجميعهم وإعادة تأهيلهم لقتال أشرس في سورية، وعودة الاقتتال في العراق متى ما يشاء محرّكهم، فكان قرار الحشد وقيادته بالتكفّل بمهمة قطع أوصال «داعش» ومنع انتقالها من العراق إلى سورية وبالعكس. وقد أكّد الحشد الشعبي أنّه قوة ضاربة يعجز أمامها أردوغان، الذي خرس أمام تقدّم الحشد الضارب والخاطف في محاور القتال غرب الموصل، ما جعل الطوق الحديدي حول المدينة مكتملاً بشكلٍ كامل تقريباً، الأمر الذي مهّد إلى عزل المدينة كاملاً عن سورية، أمس، وبذلك تحطّمت مخطّطات واشنطن تحت أقدام مجاهدي الحشد، خصوصاً معركة تطهير مطار تلعفر العسكري الذي سيكون مركزاً لإطلاق عمليّاته باتجاه الحدود السورية، حسب ما تمّ تأكيده لـ«البناء» من قيادات ميدانيّة في الحشد.
مصدر مطّلع قال لـ«البناء»، إنّ عملية استعادة مركز مدينة تلعفر مرهونة بتطهير الجيش للأحياء الشرقية، لأنّ القرار الحكومي سيكون بدخول الجيش وقوات مكافحة الإرهاب لتطهير مركز المدينة، وتولّي الحشد مهمّة التطويق وعزل المدينة عن سورية لمنع هروب الإرهابيّين في خطة مستنسخة لما حصل في معركة تحرير الفلوجة، التي طوّقها الحشد وحرّرها الجيش ومكافحة الإرهاب. قيادة العمليات المشتركة أعلنت بدورها أنّ القوات العراقيّة سيطرت على طريق تلعفر – سنجار وقطعت إمداد «داعش» عنه.
وفي جنوب الموصل، دفعت قوات الحشد الشعبي بقوات النخبة لديها من أجل تعزيز تقدّمها في محور غرب تلعفر، لتتمّ محاصرة مسلّحي «داعش» داخل مدينة تلعفر من ثلاثة محاور، وبذلك تستمر عمليّاته باتّجاه الحدود السورية لقطع باقي خطوط إمداد «داعش» من الشرق السوريّ، وعزل تلعفر وإكمال حصارها بشكلٍ كامل، ما سيجعل الطوق محكماً حول إرهابيّي «داعش» في الأحياء الغربيّة للموصل. قادة الحشد كشفوا لـ«البناء»، أنّ المواجهات المقبلة لن تكون سهلة، خصوصاً أنّها تبغي لعزل تلعفر عن سورية بشكل نهائي، الأمر الذي سيجعل «داعش» في العراق بلا ظهر وسيعجّل بنهايته، لذلك فمن البديهيّ التوقّع بمقاومة شرسة سيبديها التنظيم الإرهابي في آخر معاركه المفصليّة في العراق.
الخطة الموضوعة لهذا الهدف ستؤدّي لزيادة حجم الحزام الأمني حول تلعفر، بحيث سيكون مطار تلعفر منطلقاً لتقدّم القوات من جنوب المدينة إلى شمالها الواصل للطريق الدوليّ المتاخم لسهل نينوى قضاء سنجار ، كلّ هذا التقدّم الذي حقّقته القوات الأمنيّة كان بفضل ماحقّقته فصائل الحشد الشعبيّ من تقدّمٍ ميداني وجهد هندسيّ كبير.