رئيس الحرس الوطني في معركة الاستقلال في بشامون الرفيق أديب البعيني 1

في النبذة عن الاستقلال اللبناني، وعن التصدي البطولي لرفقائنا وابناء شعبنا في بشامون، وسقوط الرفيق سعيد فخرالدين شهيداً وحيداً في تلك المعركة. في تلك النبذة تحدثنا عن الرفيق البطل اديب البعيني، الذي تجلّى في تصديه، فكان يتنقل من مكان الى آخر، يُصلي الجنود الفرنسيين من نيران رشاشه.

الحديث عن الرفيق اديب بعيني يطول. هنا بعض من كثير.

تميّز الرفيق أديب البعيني بقوته البدنية الفائقة وبجرأته النادرة.

كان شاعراً زجلياً وقد نظم العديد من القصائد، وكانت له مساجلات مع شعراء آخرين. رثاه العديد من شعراء الزجل عند رحيله، كان من بينهم الأمين عجاج المهتار، الرفيق قاسم نجد من العبادية ، والرفيق وليم صعب صاحب مجلة «البيدر» وامير الزجل اللبناني.

يقول السفير السابق المرحوم الشيخ حليم أبو عز الدين من العبادية ، بعد أن يتحدث عن الصلات القديمة والتي توثقت مع الأيام بين عائلتيّ البعيني وأبي عز الدين، أن الرفيق أديب «حضر إلى عندنا وعاش بيننا ومعنا في بيتنا عدة سنوات كأحد أفراد عائلتنا . أذكر عنه ذكاءه الحادّ ومروءته وإقدامه وشجاعته، وكان محبوباً من جميع أقرانه. ذهب إلى المدرسة في العبادية وأنشأ علاقات طيبة مع أبناء جيله الذين بقوا يذكرونه بالتقدير والإعجاب».

يضيف السفير أبو عز الدين أن شقيقه نجيب كان تولى إدارة شؤون مشروع حمامات الحمة المعدنية على الحدود الشامية الفلسطينية، لصاحبها سليمان ناصيف 2 من المختارة ومن اللبنانيين الذين أنشأوا لهم مركزاً أدبياً ومادياً في مصر، ولأن منشآت الشركة كانت محاطة بمئات البدو الذين يريدون العمل فيها بالقوة، فقد تولى الرفيق أديب بين السنوات 1933 1936 حراسة منشآت الشركة وأشرف على الأمن فيها. « ذات يوم هجم رجال البدو علينا وكانوا حوالي 30 بدوياً وأرادوا تحطيم المنشآت، وفي لمحة البصر رأينا أديب يأتي بعصا غليظة ويهجم بسرعة البرق على هؤلاء فجرح منهم ثلاثة وولى الباقون الادبار».

– كتبت عنه مجلة «بلبل الأرز» تقول: في الخامسة والعشرين من عمره. لا يخاف الموت، جبار، عملاق، شديد العضلات، مفتول الساعدين، مخلص وكريم وشجاع لدرجة الجنون الأهوج الذي لا يوصف، يبيع راحته ليكون وفياً، ويبيع ثيابه ليهب، ويبيع روحه في أسواق المعارك ومعامع شرف النفس» .

عندما وصلته الانباء عن بدء التحركات في سبيل الاستقلال، ترك مركزه في جرود عكار وكان رئيس مخفر، واتى الى بيروت ليصطحب الوزيرين مجيد أرسلان وحبيب ابي شهلا الى بشامون حيث تولى فيها قيادة الحرس الوطني.

يقول الأديب نجيب البعيني في كتابه «رجالات من بلادي» أن الرفيق أديب عيّن رئيساً للحرس الوطني في بشامون نظراً لما يتمتع به من شجاعة وجرأة وحنكة، وقضى ثلاثة عشر يوماً ساهراً ينظم الصفوف، يفترش الأرض ويلتحف السماء، يسند رأسه إلى الحجارة ويده على «المتروليوز» الرشاش ، لا يتركه لحظة، متعطشاً في كلّ وقت إلى القتال.

– يروي الشيخ خليل تقي الدين في مذكراته بعنوان «مذكرات سفير»: كان أديب لا يفارق رشيشه، لا في الليل ولا في النهار وكان يتحرّق للقتال. فلما هوجمت بشامون رأيناه حركة دائمة يطلق النار من هنا، وهناك، وينتقل بسرعة فائقة من مكان إلى مكان لكي يوهم المهاجمين أنّ عشرات الرشاشات مصوّبة بين أشجار الزيتون. فلما انجلت المعركة عن مقتل الشهيد سعيد فخر الدين وانسحاب المهاجمين، رأيته يبكي. فسألته ما بك يا أديب؟ قال: « كيف يموت سعيد فخر الدين وأبقى أنا أحيا؟ لقد وضعتُ دمي على كفي فأبى الموت أن يأخذني.

كافأت الدولة اللبنانية الرفيق اديب البعيني بان نقلته الى رئاسة الحرس الجمهوري في القصر الجمهوري في القنطاري، وفيه قتل غدراً مساء 31 كانون اول 1943.

– وتفصيل الحادثة أنّ رئيس الجمهورية بشارة الخوري كان عائداً مشياً على الأقدام من سهرة بجوار منزله وبرفقته أحد أزلامه من بلدة رشميا يدعى سليم الحران. ولما طرق هذا الباب الخارجي أبطأ الحرس في فتحه، فأخذ سليم يشتم ويصيح، فخرج إليه الرفيق أديب رئيس الحرس وانتهره بأن يكف عن إهانة الحرس، ولما أدار ظهره أطلق عليه النار غدراً.

هوامش

1 – كنا نشرنا أكثر من مرة عن موضوع الاستقلال اللبناني. لمن يرغب الاطلاع، الدخول الى ارشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية

www.ssnp.info

2 – سليمان ناصيف: والد الرفيقة وداد ناصيف التي سبق ان كتبنا عنها، وسنورد في نبذة لاحقة المزيد عنها، عن سليمان ناصيف وعن ينابيع «الحمة».

نشكر عضو المجلس الأعلى الأمين سماح مهدي الذي زوّدنا بالصور المرفقة مع هذه النبذة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى