واشنطن تشدد عقوباتها على موسكو وتستهدف «سبيربنك»

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن فرض عقوبات أوروبية جديدة ضد روسيا على خلفية الأزمة في أوكرانيا يبدو «غريباً بعض الشيء»، لأن العقوبات في الواقع تقوض العملية السلمية في البلاد.

وفي خطاب ألقاه في عاصمة طاجيكستان دوشنبه، حيث يشارك بوتين في قمة منظمة شنغهاي للتعاون، قال الرئيس الروسي إن العقوبات الأوروبية الجديدة ستنعكس سلباً على الدول التي فرضتها ضد موسكو، مؤكداً أن حكومة بلاده تفكر في إجراءات جوابية، وشدد على أن الهدف الوحيد من اتخاذها المحتمل هو الدفاع عن المصالح الروسية.

وفي تناوله لموضوع الأزمة الأوكرانية أشار الرئيس الروسي إلى استغلالها «لإحياء الناتو ليس كمنظمة عسكرية إنما كإحدى الأدوات المحورية للسياسة الخارجية الأميركية من أجل حشد أتباع لها وتخويفهم بتهديد خارجي مزعوم». وأعرب عن أسفه لهذا الواقع قائلاً إن أوكرانيا أصبحت «رهينة لمصالح غيرها، وأنا أعتقد أنها ممارسة سيئة».

من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على روسيا يقوض عملية السلام في أوكرانيا. وقال إن «اتخاذ مثل هذه القرارات في اللحظة التي نأمل فيها بأن تتخذ عملية التسوية في أوكرانيا طابعاً مستقراً، يعني اختيار توجه نحو تقويض عملية السلام».

وأكد الوزير الروسي في حديث تلفزيوني، أن موسكو سترد على عقوبات الاتحاد الأوروبي «بهدوء وبشكل مناسب، وستنطلق في ذلك قبل كل شيء من ضرورة حماية مصالحها».

ونشر الاتحاد الأوروبي في صحيفته الرسمية أمس تفاصيل حزمة العقوبات الجديدة التي فرضها على روسيا لتدخل بذلك حيز التنفيذ، وتصبح سارية المفعول اعتباراً من تاريخه.

وجاء في الصحيفة الرسمية أن الاتحاد فرض حظراً على تمويل أكبر ثلاث شركات روسية للتصنيع العسكري هي «أوبورون بروم» والمؤسسة الموحدة لصناعة الطائرات و»أورال فاغون زافود» وثلاث شركات في قطاع الوقود والطاقة هي «روس نفط» و»ترانس نفط» و»غاز بروم نفط»، ويحظر أيضاً تداول سندات هذه الشركات والمشاركة في إصدارها إذا كانت فترة تداولها تفوق 30 يوماً. علاوة على ذلك، يحظر الاتحاد الأوروبي على شركاته تقديم خدمات النفط في مجال الحفر على عمق كبير، وفي استثمار الحقول في منطقة القطب الشمالي وحقول النفط الصخري.

وتستهدف العقوبات أيضاً 9 مؤسسات تصنيع عسكري أخرى وهي كونسورتيوم «سيريوس» و»ستانكو إينسترومينت» و»خيم كومبوزيت» وكونسورتيوم «كالاشنيكوف» ومصنع تولا للأسلحة و»تقنيات صناعة المكنات» و»المجمعات العالية الدقة» كونسورتيوم «الماز-أنتي» لإنتاج وسائل الدفاع الجوي، ومؤسسة «بازالت» العلمية الإنتاجية، إذ تمنع الشركات الأوروبية من تزويدها بالتقنيات العسكرية والتقنيات ذات الاستخدام المزدوج.

وورد في البيان أيضاً أنه تقرر تشديد القيود على اقتراض روسيا من أسواق المال، إذ يحظر إقراض أكبر خمسة بنوك حكومية روسية هي «سبيربنك» و»في تي بي» و»غاز بروم بنك» و»فنيش إكونوم بنك» و»روس سيلخوز بنك»، ويمنع تداول الإصدارات الجديدة لسندات هذه البنوك وغيرها من أوراقها المالية إذا كانت فترة التداول تتجاوز 30 يوماً.

ووسع الاتحاد الأوروبي قائمة العقوبات الموجهة ضد مواطنين روس وأوكرانيين، مضيفاً 24 اسماً وهم «ممثلون عن القيادة الجديدة في دونباس وحكومة القرم ومسؤولون ورجال أعمال روس»، ليرتفع عدد المعاقبين في القائمة إلى 119، يمنع منحهم تأشيرات دخول إلى دول الاتحاد الأوروبي، وتجمد جميع أصولهم المالية وأملاكهم إن وجدت في دول الاتحاد.

وتضم الإضافة الجديدة أسماء نواب رئيس مجلس الدوما الروسي، وزعيم الحزب الليبيرالي الديمقراطي فلاديمير جيرينوفسكي، والمدير لعام لشركة «روس تيخ» سيرغي تشيميزوف، ورئيس وزراء «جمهورية دونيتسك الشعبية» الكسندر زاخارتشينكو.

من جهة أخرى، أعلنت الولايات المتحدة مزيداً من العقوبات على روسيا في مجالات النفط وصناعات الدفاع كما فرضت مزيداً من القيود على إطلاع المصارف الروسية الكبرى على أسواق الديون والأوراق المالية الأميركية في إطار معاقبة موسكو على تدخلها في أوكرانيا.

يجيء فرض هذه العقوبات التي تستهدف للمرة الأولى بنك «سبيربنك» الروسي متزامناً مع العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي، حيث تسهم العقوبات الأميركية الجديدة في تضييق الخناق مالياً على ستة بنوك روسية منها مصرف «سبيربنك» أضخم بنوك روسيا من حيث الأرصدة من خلال منع الأفراد الأميركيين والشركات من التعامل مع أي ديون يصدروها لمدد استحقاق تزيد على 30 يوماً.

وفي السياق، قال مسؤول أميركي كبير رفض الكشف عن اسمه إن لواشنطن شروطاً للتراجع عن العقوبات التي فرضتها على قطاعات الطاقة والدفاع والبنوك الروسية منها سحب القوات الروسية من أوكرانيا وإنشاء منطقة عازلة على حدود البلدين.

وفي السياق، أعرب المندوب الروسي الدائم لدى حلف شمال الأطلسي ألكسندر غروشكو عن قلق موسكو بشأن تعزيز قوات «الناتو» في بحري البلطيق والأسود.

وقال غروشكو في بروكسيل أمس، إن الحلف يعزز نشاطه العسكري في البحرين المذكورين وذلك يثير قلقاً جدياً لدينا، متهماً «الناتو» بخرق التزاماته وفقاً للاتفاق الأساسي مع روسيا، قائلاً: «حتى قبل بدء الناتو بتنفيذ الخطط التي أعلنت في ويلز أشرنا إلى أن الناتو يخرق هذه الالتزامات بشكل جدي».

وفي السياق، أعلن الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو أن بلاده تأمل في أن تصبح حليفاً أساسياً للولايات المتحدة خارج إطار حلف شمال الأطلسي «الناتو»، مشيراً في كلمة ألقاها في الاجتماع الـ 11 لاستراتيجية يالطا الاقتصادية الذي عقد في كييف أمس بالقول: «سأتوجه بعد أيام عدة إلى الولايات المتحدة حيث سنعقد لقاءات في الكونغرس ومع الرئيس الأميركي ونتحدث عن تحول أوكرانيا إلى أبرز حلفاء الولايات المتحدة خارج إطار الناتو».

يذكر أن أستراليا ومصر و»إسرائيل» واليابان وكوريا الجنوبية وباكستان وأفغانستان وتايلاند وغيرها من الدول تتمتع بوضع الحلفاء الأساسيين لواشنطن خارج حلف الناتو.

وكان وزير العدل الأوكراني بافيل بيترينكو قد أعلن في وقت سابق أن أوكرانيا قد تحصل على هذا الوضع في العام الحالي.

وفي شأن آخر أعلن بوروشينكو عن الإفراج عن 36 جندياً أوكرانياً في شرق البلاد في إطار عملية تبادل الأسرى على خلفية الهدنة المستمرة منذ أسبوع، وكتب في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «أفرج للتو عن 36 عسكرياً أوكرانياً بعد أن أفرج عن 21 أسير من المسلحين أمس نتيجة المفاوضات».

وأعلن مصدر في قوات «الدفاع الشعبي» أنه جرى تسليم الجانب الأوكراني 37 جندياً مقابل 37 عنصراً من «الدفاع الشعبي»، وذلك في منطقة قسطنطينوفكا فجر أمس.

وأفاد جيش «جمهورية دونيتسك الشعبية» بقيام القوات الأوكرانية بنقل صهريجين محملين بمادة كيماوية خطرة الخميس الماضي إلى ضواحي مدينة سلافيانسك بمقاطعة دونيتسك.

وقال المتحدث باسم هيئة أركان قوات الدفاع الشعبي في الجمهورية، إن الصهريجين اللذين يحملان علامة «مادة كيماوية خطرة» نقلا إلى أطراف سلافيانسك، مشيراً أن سلطات كييف ربما تخطط لمحاكاة «كارثة من صنع بشري» أو اتهام قوات الدفاع الشعبي باستخدام المواد السامة.

وأشار المصدر نفسه إلى أن السائل الموجود في الصهريجين يمكن تصنيفه ضمن مواد سامة جداً تثير إصابات خطيرة للجهاز التنفسي البشري وتعرض الإنسان لخطر موت محتمل، مضيفاً أنه وفقاً لمصدر في قيادة «عملية مكافحة الإرهاب» الأوكرانية، فإن المادة قد تستخدم ضد مدنيي إحدى البلدات الواقعة بالقرب من مواقع «الدفاع الشعبي»، على أن يُسجل «الهجوم» من قبل كل من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومنظمة العفو الدولية، وذلك بهدف تقديم ذرائع قانونية لإعلان «جمهورية دونيتسك» منظمة إرهابية وإصدار مذكرة لملاحقة قادتها.

أما الفرضية الأخرى فطرحها مصدر أوكراني آخر، معتبراً أن الغرض من إيصال الصهريجين المشبوهين هو محاكاة كارثة من صنع بشري من أجل استدعاء خبراء عسكريين غربيين لمعالجتها، على أن يبقوا في منطقة النزاع بعد ذلك.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى