بارود: النسبية هي النظام الأمثل لكن لا قدرة للمجلس الحالي على اعتماده وأرجِّح المختلط كحدّ أقصى
حاورته روزانا رمّال تحرير محمد حميّة
أكد وزير الداخلية الأسبق الدكتور زياد بارود «أنّ موضوع تشكيل الحكومة ينحصر بين رئيسي الجمهورية والحكومة لكن في السياسة كليهما سيحاول وغير ملزم بأن يخرج بتشكيلة مقبولة من القوى السياسية وفعالة»، موضحاً «أنّ الوقت الذي استغرقه تشكيل الحكومة حتى الآن طبيعي»، مستغرباً الحديث عن تعثر ولادة الحكومة. وبرّر التأخير الحاصل «بالصعوبات المرتبطة بالتنوع السياسي القائم، وضرورات تمثيل طائفية ومناطقية»، متوقعاً أن يوقِّع الرئيسان عون والحريري مراسيم تشكيلة الحكومة خلال أسابيع قليلة.
وفي حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة وموقع «توب نيوز» ميّز بارود بين الحقائب الوزارية المُحدّدة بقانون، ووزراء الدولة من دون حقيبة، لكنه أوضح «أنّ صلاحيات وزير الدولة وموازنته لا تختلف عن الوزارة بحقيبة». وأشار إلى «أنّ موضوع حصر وزارة المال بطائفة معنية غير مكرّس في الدستور بل في محاضر الطائف التي يقول الرئيس حسين الحسيني أنه لن ينشرها وهو لم يُطلع أحداً عليها، وبالتالي لا قيمة دستورية لها أمام رفض الدستور التمييز بين الوزارات»، واضعاً تمسُّك رئيس مجلس النواب نبيه بري بها «برغبته في أن تكون للشيعة لما لها من قدرة تأثير في قرارات الحكومة». وقال: «منذ اتفاق الطائف لم نشهد بشكل مستمر وزراء شيعة في المالية».
وإذ حذّر بارود من ضيق المهل أمام الحكومة لإجراء الانتخابات النيابية، خصوصاً إذا ما أرادت إقرار قانون انتخاب جديد، أوضح «أنّ على وزير الداخلية في هذه الحكومة أو التي ستتشكل أن يدعو الهيئات الناخبة في 15 شباط بمرسوم عادي وإلا دخلنا مرحلة الخطر»، مبدياً اعتقاده «أنه إذا تشكلت الحكومة قبل نهاية العام فهذا يعني أننا ذاهبون إلى إقرار قانون انتخاب جديد كما قال الرئيس عون في خطاب القسم ولا نزال ضمن الوقت المُتاح، ومن مصلحة العهد والجميع إقرار هذا القانون»، منبهاً إلى «أنّ إجراء الانتخابات وفق قانون الستين سيجعلها انتخابات فرعية، وليس عامة، لأنّ أغلب المقاعد محسومة».
وأيّد بارود النظام النسبي الذي اعتبره «أكثر الأنظمة التي تؤمن تمثيلاً للقوى السياسية كافة، إضافة إلى كونه مدخلاً نحو الخروج من الحالة الطائفية»، لكنه شكّك، في الوقت عينه، في قدرة المجلس النيابي الحالي على اعتماد النسبية الكاملة في أي قانون جديد، مرجحاً «الاتفاق كأقصى حدّ على القانون المختلط»، وتمنى «أن تُعتمد معايير محدّدة تُوزِّع المقاعد بين أكثري ونسبي وأن لا يكون خياطة على المقص».
ولفت بارود إلى أنّ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية «يشكل فرصة لإنقاذ البلاد قد تفاجئ كلّ المشكِّكين»، موضحاً «أنّ رئيس الجمهورية لديه صلاحيات مكتوبة وأخرى غير مكتوبة وهي أقوى وترتبط بشخصه وحضوره وشعبيته، لكن قد يحتاج الرئيس المدعوم من القوى السياسية إلى بعض التعديلات في الدستور ليمارس دوره كحكم بين اللبنانيين لكن لا تمسّ بصلاحيات أحد».
وردّ بارود الخلاف على الحصص الوزارية إلى وجود قرارات تحتاج إلى الثلثين، وبالتالي تسعى القوى السياسية إلى تشكيل الثلثين الضامنين لاتخاذ قرار أو الحصول على الثلث الضامن لعدم تمرير قرار ترفضه، مبيناً أنّ حصة رئيس الجمهورية مرتبطة بالدور، «وإذا كان له دور فليكن له وزراء».
وفي ما يلي نصّ الحوار كاملاً:
دخلنا مرحلة سياسية جديدة في البلاد مع انتخاب العماد ميشال عون وهو الذي يتمتع بحيثية شعبية ربما للمرة الأولى وبتوافق سياسي أيضاً وهو رئيس قوي بطبيعة الحال. ماذا يختلف اليوم في إدارة الرئيس عن السابق؟
فترة الفراغ الطويلة التي شهدها لبنان لم تكن فقط فراغاً في الرئاسة الأولى، بل امتدت إلى سائر المؤسسات الدستورية، وبسبب هذا الفراغ تعطّل عمل المجلس النيابي، إلا تحت عنوان «تشريع الضرورة»، وشهدنا إشكالية في جلسات مجلس الوزراء وعدم قبول اعتماد السفراء وخطراً على كافة الصعد. نحن ننتقل اليوم من مرحلة فراغ خطير إلى مرحلة العمل الواعد للمؤسسات، وبما أنّ رئيس الجمهورية جاء نتيجة توافق واسع النطاق وهو يتمتع بحيثية شعبية ونيابية وتفاهمات بين مكونات مختلفة في البلد، فإنّ هذه الأمور تعطي العهد دفعاً كبيراً، إذا ترافقت مع تشكيل حكومة قادرة على إنجاز المطلوب منها في المرحلة الانتقالية، لا سيما أننا على أبواب انتخابات نيابية، ما يعني إعادة تكوين السلطة بالمعنى الديمقراطي والتي تمرّ إلزامياً عبر انتخابات نيابية. ويبقى السؤال الأبرز بعد تشكيل الحكومة: أي قانون انتخاب ستُجرى على أساسه هذه الانتخابات؟ بعد التشكيل تتّضح الإشارات الأولية لاتجاه العهد الجديد وتعاطي القوى السياسية مع الوضع الجديد في البلد.
تحدثت في مقال لك عن الإجماع والتركيبة الحكومية خارج الإطار الديمقراطي. الرئيس السابق ميشال سليمان لم ينبثق عن حيثية شعبية وهناك رئيس قوي أنتجته توازنات سياسية خارجية كالرئيس العماد إميل لحود. اليوم الرئيس عون يمثل حيثية شعبية فهل الصيغة التوافقية السابقة لانتخاب الرئيس أقرب إلى الديمقراطية أم أننا نشهد اليوم في قصر بعبدا فقط حالة ديمقراطية ما؟
نحن لسنا بعيدين اليوم في الرئاسة عن المشهد التوافقي. عون لم يأتِ رئيساً ضدّ مكون أساسي في البلد، بل جاء انتخابه نتيجة لتفاهمات عابرة للطوائف والقوى السياسية. اليوم الرئيس عون هو رئيس كلّ لبنان واللبنانيين، وما نشهده في بعبدا هو غير ما كنّا نشهده على مستوى شخص عون في الرابية، كرئيس لتكتل نيابي ورئيس سابق لتيار سياسي، وتعاطي الرئيس مع كلّ القوى السياسية حتى في تشكيل الحكومة مختلف، فهو حاضن وجامع ويحاول أن يكون متفهِّماً للتركيبة اللبنانية المُعقّدة، ليس فقط في الطوائف بل بالتعبير عن التنوع السياسي. على مستوى تشكيل الحكومة مثلاً، هل المشكلة في تمثيل الطوائف فقط أم هناك أيضاً إشكالية على مستوى من يمثل وكيف يتمثل؟ هناك أقليات سياسية ولا بدّ أن تعبِّر عن نفسها في مجلس النواب من خلال قانون انتخاب يحترم وضعها وربما في الحكومة عبر توازنات معينة.
في حالة العماد عون هل اقتربنا أكثر من التمثيل الديمقراطي في القصر الجمهوري إذا سلمنا جدلاً أنّ الرئيس اليوم هو الأقوى مسيحياً؟ وهل قادر على ممارسة السلطة فعلاً أم أنّ الصلاحيات المُعطاة له لا تُمكِّنه من ذلك؟
لا شك أنّ الرئيس عون منبثق عن حالة شعبية وتكتل نيابي كبير ولا مجال للشك بوضعه التمثيلي وشرعيته الشعبية ومن هنا ينطلق عون إلى رحاب أوسع، أي إلى كلّ الوطن، بعد أن انتقل إلى موقع يستطيع من خلاله أن يمدّ الجسور بين الجميع وتطبيق كلّ ما قاله على المستوى المسيحي على الصعيد الوطني وهذه فرصة ولعله يستطيع أن يفاجئ الكثير من المشككين بقدرته على إراحة البلد. كلّ من يتسلح بشرعية شعبية لديه قدرة أكثر على أن يكون في موقع المُتمكِّن في ممارسة السلطة، أما صلاحيات رئيس الجمهورية قبل الطائف فقد كانت واسعة جداً، فهو من كان يعيّن رئيس الحكومة والوزراء والسلطة التنفيذية في يده ويستطيع أيضاً حلّ المجلس النيابي بمفرده. لكن هل استطاع أي رئيس أن يمارس هذه الصلاحيات منذ العام 1943 حتى 1990؟ قطعاً لا، هناك تفاهمات وتسويات وأي رئيس مهما كان قوياً لم يستطيع أن يمارسها ومن ضمنهم الرئيس فؤاد شهاب. بعد الطائف الصلاحيات رهن الشخص أيضاً وحضوره وحيثيته الشعبية، ليس بمعنى استفزاز أحد أو استرداد صلاحيات أُعطيت لرئيس الحكومة، بل من خلال منع حصول المخالفات في مجلس الوزراء وفي هالة الحضور، فضلاً عن أنّ أي قرار في مجلس الوزراء يُترجم توقيعه بمراسيم ولديه صلاحية «الحرد» وردّ القوانين عندما تقرّ في مجلس النواب، ولديه صلاحيات مكتوبة وأخرى غير مكتوبة وهي أقوى وترتبط بشخصه وحضوره وشعبيته، لكن قد يحتاج الرئيس المدعوم من القوى السياسية إلى بعض التعديلات في الدستور ليمارس دوره كحكم بين اللبنانيين لكن لا تمسّ بصلاحيات أحد.
هل يوجد نص قانوني يحدّد حصص رئيس الجمهورية الوزارية في الحكومة؟ وبحالة الرئيس عون كيف يمكن ترجمة تمثيله الرئاسي والتكتل النيابي ولتيار سياسي في الحكومة؟
ـ حصة رئيس الجمهورية غير موجودة في الدستور، والمادة 24 تتحدث عن مناصفة بين المسلمين والمسيحيين وبين الطوائف، لكن يجب الخروج من هذا المنطق. أما بالنسبة إلى الحصص الوزارية فيجب أن نميّز بين مرحلة ما قبل الطائف وبعده. قبل الطائف كانت الحكومة تتشكل بمرسوم من رئيس الجمهورية الذي كان يعين رئيس الحكومة والوزراء لكن بعد الطائف أصبحت الحكومة هي السلطة التنفيذية وأصبح تحديد الأكثريات بحسب التصويت، ونميز هنا بين القرارات التي تحتاج إلى الأكثرية العادية والقرارات التي تحتاج إلى أكثرية الثلثين التي نصّ عليها الدستور، وهنا يأتي الحديث عن الثلث المعطل أو الثلث الضامن، والحصص أصبحت جزءاً من التركيبة الدستورية.
وكأنك تقول إنّ الفريق الذي انتخب عون رئيساً لن يطالب بالثلث المعطل بل يحتسب وزراء رئيس الجمهورية من ضمن حصته لكي يضمن حضوره القوي والفاعل على طاولة مجلس الوزراء.
التفسير الدستوري للخلاف على الحصص هو وجود قرارات تحتاج إلى الثلثين، وتسعى القوى السياسية إلى تشكيل الثلثين الضامنين لاتخاذ قرار أو الحصول على الثلث الضامن لعدم تمرير قرار في المجلس لا تريده هذه القوى. حصة رئيس الجمهورية مرتبطة بالدور، فإذا كان للرئيس دور فليكن له وزراء. عون تخلى عن دوره الحزبي كرئيس تكتل ورئيس تيار سياسي وهذا التيار لم يُلغَ دوره. الحزب السياسي شيء ودور رئيس الجمهورية شيء آخر، وهذا الدور يحتاج إلى حصص، صلاحية توقيع مرسوم تشكيل الحكومة هو أهم من مرسوم تعيين رئيس الحكومة لأنّ مرسوم التكليف عبر استشارات ملزمة لرئيس الجمهورية.
هل يحق لرئيس الجمهورية أن يتسلم تشكية وزارية من الرئيس المكلف ويوقع عليها من دون التفاهم مع باقي الأطراف؟
دستورياً، موضوع تشكيل الحكومة ينحصر بين رئيسي الجمهورية والحكومة، لكن في السياسة كليهما سيحاول وغير ملزم بأن يخرج بتشكيلة مقبولة من القوى السياسية وفعّالة. الوقت لتشكيل الحكومة طبيعي وأستغرب الحديث عن تعثر، لكنّ تحديد موعد عيد الاستقلال كان استعجالاً، ولا أعتقد أنّ ثمة تعثر غير طبيعي أو أنّ الحكومة مستعصية النشأة، هناك صعوبات مرتبطة بالتنوع السياسي القائم، وضرورات تمثيل طائفية ومناطقية، لكنّ الحكومة ستتشكل في غضون أسابيع قليلة ليس أكثر.
إذا لم يستطع رئيس الجمهورية استخدام صلاحيته في التوقيع على التشكيلة الحكومية فهل يعني ذلك أنّ صلاحياته مقيدة؟
ـ لا أعتقد أنّ الرئيس عون سيقبل أن يبدأ عهده بتعثر كبير ويبقى متفرجاً. الرئيسان عون والحريري هما اللاعبان الأساسيان في تشكيل الحكومة وهناك لاعبون آخرون وقوى سياسية، لكنّ عون والحريري سيوقعان على تشكيلة بأفضل المُمكن، ولن تأخذ وقتاً طويلاً.
هل تعتقد أنّ هناك منافسة بين عون، كرئيس جمهورية وتيار سياسي واسع ورئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يعتبر أكثر قدرة على إدارة استخدام صلاحياته في الدستور وفلسفة بعض المواد؟ هل هناك منافسة بين السلطتين؟
المبدأ الدستوري فصل السلطات سيُطبق، ولكن لكلّ من السلطتين صلاحيات وهوامش، التعاون اليوم مفروض بين الرئاستين بعد انتقال عون من رئيس تيار سياسي وتكتل نيابي إلى رئيس للجمهورية، الرئيس بري بمعرفته بالبلد وقدرته عل تدوير الزوايا وإيجاد الحلول سيتعاون مع رئيس للجمهورية.
هل تعتقد أنّ الرئيس بري يحاول إظهار أهمية دوره في التشكيلة الحكومية؟
يجب أن نميّز هنا بين موقع بري كرئيس للمجلس النيابي وبين موقعه كفريق سياسي يسمح له بأن يعارض ويفاوض ويفرض شروطاً ويقبل بتسويات ويتكامل دوره مع دور حزب الله. أما كرئيس للمجلس فقد شهدنا أنه قام بدوره في إدارة جلسة انتخاب الرئيس بشكلٍ صحيح ومعارضته لعون تأتي ضمن اللعبة الديمقراطية وهذا أمر طبيعي.
مع انطلاقة العهد الجديد يبدو أنّ رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي هما الأقوى. هل سنشهد مرحلة مقبلة يكون فيها رئيس الحكومة هو الحلقة الأضعف؟
رئيس الحكومة قوي أيضاً وهو شريك أساسي في توقيع مرسوم تشكيل الحكومة وهو يفاوض ويلتقي القوى السياسية. التوازنات السياسية في لبنان دقيقة، ورئيس الحكومة يتمتع، دستورياً، بصلاحيات واسعة على مستوى مجلس الوزراء وتشكيل الحكومة. في السياسة من المُبكر الحديث عن الأقوى والأضعف، هناك تكافؤ في القوة في عملية تشكيل الحكومة لكن في الأداء شيء آخر.
في حالة وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل هل سمح الدستور لأي شخص بأن يمارس السلطة في مهام عدة؟ رئيس التيار ووزير خارجية ومستشار رئيس الجمهورية ويشارك في تشكيل الحكومة؟
شيء طبيعي أن يكون أي وزير مقرّب من رئيس الجمهورية، ورئيس حزب ووزير في الوقت نفسه أيضاً أمر طبيعي، أما المشاركة في تشكيل الحكومة، فهذا يتحدّد بمفهوم المشاركة، المفاوضة على التشكيل جزء من دوره كرئيس للتيار، فضلاً عن أنّ الوزير باسيل يمارس دوراً سياسياً ليس فقط ضمن حدود وزارته بل في مجلس الوزراء أيضاً.
هل يمنع القانون ممارسة الحياة السياسية ضمن العائلة الواحدة؟
الانتماء إلى عائلة لا يلغي حقوق الأشخاص إلا في حدود الممنوع في الدستور، ليس هناك ما ينصّ على أن يكون الابن أو الصهر أو أي قريب جزءاً من الحكومة أو من فريق رئيس الجمهورية أو الحكومة، أما في السياسة فالأمر متروك للمواطن في الانتخابات.
لم يحدّد الدستور عدد الوزارات فكيف يمكن أن نضبط الأمر طالما هناك وزارات تُخصَّص لها موازنات؟
هناك فرق بين الحقائب وعدد الحقائب المحدّدة بقانون، لكنّ وزراء الدولة إضافيون ومن دون حقيبة لكن لهم صلاحيات وموازنات ويصوتون.
يقول رئيس المجلس النيابي نبيه بري إنّ وزارة المالية للشيعة. هل هذا موجود في الدستور أو في محاضر الطائف؟
هذا الأمر غير موجود في الدستور، بل في محاضر الطائف التي يقول الرئيس حسين الحسيني إنه لن ينشرها ولم يطلع أحداً عليها ولو اطّلعنا عليها ما هي القيمة الدستورية لها؟ هل تلغي الحرية الدستورية التي لا تميّز على هذا المستوى في الوزارات؟ في السياسة هناك رغبة في أن يكون الموقع لطائفة معينة لما يمثله من قدرة على التأثير في قرارات الحكومة. لكن منذ الطائف لم نشهد بشكلٍ مستمر وزراء شيعة في المالية، لكن لا أتصور أنّ هناك حقائب مُخصّصة للطوائف ولا أتصور أن يقبل الرئيس بري بذلك.
هل أنت متفائل بنجاح هذه التناقضات السياسية في حكومة واحدة ونحن على مقربة من الانتخابات النيابية؟ كيف يمكن أن تتحالف الأحزاب وهي متباعدة إلى هذا الحدّ. مثلا تجربة «القوات» و«التيار الوطني الحر» و«حزب الله» و«حركة أمل»، إلى أي مدى لهذه التحالفات جذور يُبنى عليها؟ وهل سبق واجتمعت هذه التناقضات بهذه الطريقة في أحزاب العالم؟
ليست المرة الأولى التي تجتمع فيها هذه التناقضات بحكومة وحدة وطنية. لا شيء في السياسة ثابت لا بالتحالفات ولا بالخلافات. في لبنان يذهب التحالف إلى حالة من المصالح المشتركة، التفاهم بين الأحزاب أمر جيد طالما لا يلغي الآخرين. الأمر مرتبط بقانون الانتخاب وإلغاء الأحادية في قلب الطوائف. الانتخابات على قاعدة النسبية تكسر إمكانية احتكار الثنائية المطلقة، تبقى أكثرية ولكن لا تلغي الآخرين، إذا لم يُقرّ قانون انتخاب يضبط صحة التمثيل نكون قد أخذنا البلد إلى المجهول.
هل هناك متسع من الوقت لهذه الحكومة لإقرار قانون جديد للانتخابات، أم أنّ هناك تعقيداً مقصوداً للإبقاء على قانون الستين؟
وفق القانون الحالي، تنتهي ولاية المجلس النيابي في 20 حزيران 2017. دعوة الهيئات الناخبة في القانون الحالي يجب أن تُنشر قبل 90 يوماً من يوم الانتخابات، وفي أواخر أيار يصادف حلول شهر رمضان ولا يمكن إجراء انتخابات في هذا الشهر والأحد الأخير قبل رمضان الذي يمكن أن نجري فيه انتخابات هو في 21 أيار المقبل نضيف إليهما مهلة 10 أيام لهيئة الإشراف على الانتخابات لتلقي طلبات وسائل الإعلام والحاصل مئة يوم أي منتصف شباط. وبالتالي كلّ شيء ممكن قبل منتصف شباط حتى ندخل في مرحلة الخطر، وزير الداخلية في هذه الحكومة أو التي ستتشكل يجب أن يدعو الهيئات الناخبة في 15 شباط بمرسوم عادي، أو وضع قانون جديد قبل شباط. هناك 17 مشروع قانون في اللجان المشتركة والأمر ليس تقنياً بل سياسياً، الأمر مرتبط بالتوافقات بين القوى السياسية التي ربما يمكن أن تنتج قانوناً جديداً في حكومة تتمثل فيها كلّ هذه القوى. إذا تشكلت الحكومة قبل نهاية العام فهذا يعني أننا ذاهبون إلى إقرار قانون انتخاب جديد كما قال الرئيس عون في خطاب القسم ولا نزال ضمن الوقت المتاح. من مصلحة العهد والجميع إقرار قانون انتخاب جديد، لأنه إذا أجريت الانتخابات على قانون الستين تكون انتخابات فرعية وليست عامة لأنّ أغلب المقاعد محسومة. النظام النسبي أكثر الأنظمة التي تتيح للطوائف والأقليات السياسية أن تتمثل، للتعبير عن التنوع في البلد والخروج تدريجياً من الحالة الطائفية، وأراهن على النسبية كمدخل للخروج من الحالة الطائفية، لكن لا أراهن على قدرة المجلس الحالي على إقرار النسبية الكاملة، أرجِّح كأقصى حدّ الاتفاق على القانون المختلط وأتمنى أن تُعتمد في توزيع المقاعد بين أكثري ونسبي معايير محدّدة وأن لا يكون «خياطة على المقص».
ألا تُظلم الرئاسة اللبنانية عند الحديث عن تدخل دولي في انتخاب الرئيس وفي كلّ دول العالم يحصل تدخل في انتخاب الرؤساء؟
الرئيس عون صُنع في لبنان إلى حدّ كبير بدليل أنّ كل المعطيات الخارجية كانت تشي بغير ذلك، وانتخابه جاء نتيجة تفاهمات واتفاقات محلية لبنانية لكن لا يجب أن نتجاهل التأثير الدولي والإقليمي، خصوصاً أنّ العالم بات قرية كونية واحدة وقد سقطت الجدران الحديدية لكلّ دولة.
تُنشر هذه المقابلة على موقع «توب نيوز» الإخباري كما تُنقل على قناة «توب نيوز» يوتيوب live streaming
http://www.topnews-tv.com/