هدّدوا الألمان!

كتب رونين بيرغمان في صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية:

في صيف 2009 أنهينا أنا وفولتر فريتخ، المدير العام الألماني للشركة التي تبني الغواصات لـ«إسرائيل»، لقاء ممتازاً مع مسؤولين في وزارة الدفاع. فقد امتدحوا المشروع وامتدحوني أنا شخصياً كجزء منه. وقد نزلنا إلى الاسفل وسرنا إلى اللقاء الثاني، هذه المرة مع قائد سلاح البحرية آليعازر مروم. وفي الطريق كان علينا اجتياز موقف للسيارات حيث انتظرَنا هناك مرافقان آخران ـ أحد رؤساء الاقسام في الوزارة، فبريئيل بار يوسف الذي عرفته بشكل سطحي من الايام التي كان فيها ضابطاً رفيع المستوى في سلاح الجو. بار يوسف رآني وقال لفريتخ إن قائد سلاح البحرية لا يريد أن يشارك شايكه في اللقاء. ورد فريتخ قائلاً: لن أذهب من دون شايكه فهو واحد منّا. وردّ بار يوسف قائلاً: هذا يعني أنه لن يكون لقاء. كانت هذه لحظة محرجة. وعندها قلت له: فولتر، اِذهب من دوني، هذا اللقاء أهم الاحترام الشخصي. وسنلتقي في المساء على وجبة احتفالية.

بهذه الكلمات وصف أمس يشعياهو شايكه بركات في حدث له مع صحيفة «يديعوت أحرونوت» ما من شأنه أن يصبح قضية أخرى تتعلق بموضوع الغواصات. وقد أكد بركات الأمور التي نشرها أمس المقربون منه في القناة العاشرة وفي «معاريف» وأضاف تفاصيل كثيرة. اذا كان ما قاله صحيحاً، فإن الحديث يدور عن اشتباه بفساد تنظيمي خطير يثير التساؤل حول ما وقف من وراء شراء الغواصة السادسة. ويزعم بركات أنه كان هناك ابتزاز وتآمر من اجل استبعاده بعد أن قام بتمثيل شركة الغواصات أمام وزارة الدفاع على مدى عقدين، ووضع ميكي غانور بدلاً منه. التهديد: إذا لم يقم الألمان باستبدال بركات بغانور فإن «إسرائيل» ستشتري الغواصات من شركات منافسة أخرى في العالم. وتجدر الاشارة إلى أن شهادة بركات في هذه المرحلة لا يتم تأكيدها من خلال شهادات أخرى. وأنه سمع بعض الامور من فريتخ ولم يكن شاهداً عليها شخصياً.

قال بركات إنه قبل اللقاء في موقف السيارات ببضعة اشهر، وخلال زيارة قائد سلاح البحرية مروم في ألمانيا، تلقى إشارات حول ما يتم التحدث عنه. «كنا نسير في شركة السفن في ألمانيا وفجأة أشار لي تشايني وسأل: ما الذي يفعله هنا؟ فقال له فريتخ: ماذا تقصد، شايكه هو جزء منّا، جزء من الطاقم. وكان من الواضح أن ذلك مزعج لتشايني. في البداية مر ذلك على أذني ولم أعطيه أهمية كبيرة، لكنني لم أعرف بماذا أجيب فريتخ عندما سألني عن سبب هذا التصرف الغريب. لكنني واصلت طريقي».

في وجبة المساء الاحتفالية التي تمت بعد اللقاءات في «إسرائيل» كانت الأمور أكثر وضوحاً بالنسبة إلى بركات: صحيح أننا جميعاً التقينا في المساء. وقد أجلسوني إلى جانب شخص لا أعرفه. وسألته من هو فقال: ميكي غانور. وتبيّن أنّ وفد فريتخ تحرك في سياراته من مكان إلى آخر. وتبين لي ايضاً أنهم ذهبوا من اللقاء مع قائد سلاح البحرية إلى لقاء مع وزير رفيع في القدس ومن هناك عادوا إلى «تل أبيب» لوجبة المساء. اثناء اللقاءات أوضحوا لفريتخ أن شركة السفن يجب عليها عقد الصفقة من خلال غانور، وإلا فإنّ «إسرائيل» ستتوجه إلى جهة أخرى. وقال فريتخ إنهم هدّدوه بأنهم سيشترون من فرنسا.

بحسب أقوال بركات، فإن فريتخ قال له إن غانور يطلب عمولة غير معقولة تبلغ 5 في المئة. وهي أكثر مما حصل عليه في الصفقات السابقة.

ما الذي اعتقدت أنه حدث؟

بركات: «ما حدث واضح. يمكن أن أكون غبياً، لكنني فهمت أنهم استبعدوني».

وأضاف بركات أن مدير عام شركة السفن فريتخ، الذي كان صديقاً مقرّباً له «مثل أخ بالنسبة إليّ»، أعلن أنه ليست هناك نية لعقد صفقات مع اشخاص كهؤلاء. لكن بركات قرر تجاوز الأمر. «المكان الذي يوجد فيه فساد لا أريد أن أكون فيه»، قال، «لقد كنت في حينه في جيل 75 سنة، شخص ثري وسعيد ومقتنع. وقلت لفريتخ: أنت مدير عام شركة السفن، أنت شاب صغير وما زالت الحياة أمامك، افعل ما يطلبونه منك».

«شركة السفن لن تتنازل عني»، قال بركات، «حيث قاموا بالتشاور معي بخصوص الغواصات رقم 6 و7، لكن فعلياً كان ميكي غانور هو الذي سافر إلى ألمانيا وكان وكيلهم الفعلي. في عام 2012 التقيت معه ومع افريئيل وكانا يبتسمان في الاحتفال بالغواصة الرابعة في ألمانيا».

خدم شايكه بركات 30 سنة في سلاح الجو، ووصل إلى رتبة عقيد، وكان رئيس قسم الاستخبارات في سلاح الجو في حرب الايام الستة. وفي السنوات الاخيرة أجرينا عدداً من المحادثات تحدّث فيها للمرّة الاولى عن سيرته المهنية وعن مشروع الغواصات الذي يتفاخر به أكثر من أي موضوع عسكري آخر اهتم به. وقد بدأت علاقته مع شركة السفن في منتصف الثمانينات عندما التقى بالصدفة مع ممثلين عن الشركة. وبعد ذلك، بناء على طلب من وزارة الدفاع، قام بالوساطة من اجل عقد صفقات الغواصات الثلاث الاولى.

كان بركات أيضاً شريكاً مركزياً كممثل عن شركة السفن في صفقات بناء الغواصات الرابعة والخامسة. وفي لقاء مع رئيس الحكومة ووزير الدفاع في حينه اسحق رابين، قال عنه أحد المدراء العامين في شركة السفن إنه دينمو المشروع وأن صفقة الغواصات الجديدة لم يكن بالامكان التوصل اليها لولا الجنرال بركات.

وردّ الجنرال أليعازر مروم قائلاً: «بصفتي قائداً لسلاح البحرية، فإنّ أمن إسرائيل هو الاعتبار الوحيد الذي كان أمامي. وقد عارضت بشدة شراء الغواصة السادسة حينما كان ميكي غانور هو ممثل شركة السفن. وقمت بإرسال رسالة تعارض عقد هذه الصفقة لمتّخذي القرارات المسؤولين عن الامر. وطوال خدمتي لم أتخذ أي قرار بالشراء من الشركة التي مثلها ميكي غانور، والعكس هو الصحيح».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى