كاسترو… صخرة من جبل العظماء
فاديا مطر
مع رحيل الرئيس الكوبي فيدل كاسترو في 25 تشرين الثاني الحالي، تكون قد أقفلت القصة على مسيرة حياة صخرة من جبل العظماء، فالراحل الحائز على شهادة دكتوراه في القانون، حمل قضية واحدة للدفاع عنها، هي قضية وطنه وشعبه، إيماناً منه بأن الديمقراطية فيها حياة الشعوب. وهذا ما عاش لأجله، عاملاً لقرابة نصف قرن مضى. فقد أحتفل بعيده التسعين في 13 آب المنصرم، من العام الحالي، بعد أن ترك الحكم لوزير دفاعه وأخيه راؤول كاسترو، في 18 شباط من العام 2008 ، بسبب المرض. لتتابع كوبا، الواقعة في الحدائق الخلفية للولايات المتحدة الأميركية، مسيرة بقائها جزيرة عصية على كل المؤامرات، منذ إنشاء منظمة 26 تموز في العام 1953 ، وصولا لإسقاط حكم « فولغتسو باتيستا « في العام 1959 ، الذي كان اطاح بنظام حكم كارلوس بريوسة كاراس، لتلحق كوبا بالمعسكر الشيوعي الذي جعلها عدوا للولايات المتحدة الأميركية، على مدى حكم أكثر من عشرة رؤساء أميركيين، لم يختلفوا في نهجهم اتجاه الجزيرة الكوبية. فمنذ رسو الثورة الكوبية بقيادة كاسترو على مهد الحياة، بدأت سياسة الولايات المتحدة الأميركية الإزدواجية، في محاربة كوبا بكل انواع الحروب: من الحصار القاتل إلى الإغتيالات السياسية وصولاً إلى غزوة خليج الخنازير، في 17 آب عام 1961، في عهد الرئيس الأميركي جون كنيدي. والتي أفشلتها كوبا كاسترو فشلاً ذريعاً. لتعود قصة محاولات إغتيال الرئيس كاسترو، من قبل وكالة الاستخبارات الأميركية، إلى صدر الملفات المهمة، مع تجنيد المعارضين وتحويلهم الى ورقة داخلية ضاغطة، في زرع الاحتجاجات الشعبية التي قد تسقط حكم كاسترو. لكن الرئيس الكوبي، الذي نجا من ستمائة وثمانية وثلاثون محاولة اغتيال من قبل CiA ، تعددت أشكالها بين الأكل والشرب واللباس والقنص والتفجير وغيرها من اشكال الأغتيالات، التي لم يكن آخرها، العملية السرية التي أطلقتها وكالة الأستخبارات الأميركية بإسم «النمس» ، لإسقاط حكم رجل كوبا الأول، الذي جعل من كوبا مثالاً للصمود والتحرر، عنوانه «الكرامة» . وهو ما كان سبباً لتدفع كوبا مئات الملايين من الخسائر المادية وأرواح الآلاف من البشر، نتيجة الحصار للحفاظ على هذا النهج. فالجزيرة الكوبية، التي أعتمدت في صمودها على شعبها المؤمن بقرارات نظام حكمه، كانت حجرة صمود ولازالت في وجه الحصار والمؤامرات، إيماناً منها بإن كوبا العائمة في البحر الكاريبي، هي نقطة علام في خريطة العالم والشعوب. وهي مصدر الهام لكل الشعوب الصامدة، فبلاد السيجار الكوبي، مازالت جزوة نار تنير الطريق لكل من يؤمن بالثورة، التي تحقق الكرامة الوطنية، في وجه الظلم الأميركي الباحث عن دمار الشعوب. فوداعاً كاسترو صخرة من جبل العظماء.