انهيار متسارع لصالح الجيش في شرق حلب… وآلاف المدنيين يغادرون الحكومة تراوح… وإبراهيم لوسيط جدّي مع «داعش»… و«المستقبل» ينتخب «الحريريَّين»
كتب المحرر السياسي
الحدث الذي جذب أنظار العالم كان التدحرج السريع لانتصارات الجيش السوري وحلفائه في الأحياء الشرقية لحلب، فبمجرد سقوط حي مساكن هنانو بيد الجيش السوري والحلفاء تساقطت الأحياء كأوراق الخريف، فسقط أحياء الهلك وبعيدين وبستان الباشا والصاخور وجبلد بدرو والحيدية والإنذارات والسكن الشبابي والأرض الحمرا ومنطقة معامل الجندول، وتدفق سيل من آلاف المدنيين الهاربين من مناطق سيطرة المسلحين، خصوصاً في أحياء السكري والشعار والشيخ سعيد، وقد تولّت وحدات الجيش السوري والمؤسسات الحكومية تأمين النازحين الهاربين من سيطرة الجماعات المسلحة.
مصادر عسكرية متابعة لمسار الحرب اعتبرت أنّ الأهمّ من استعادة هذه الأحياء هو السقوط السريع كمؤشر على تهالك الجماعات المسلحة وفقدانها إرادة القتال، وهذا ليس له تفسير عسكري بتمركزها في أحياء مدينة يمكن القتال فيها لشهور، بل علامة على انهيار المعنويات والشعور باليأس من أفق الحرب التي يخوضونها، وهذا يعني أنّ المشهد الحلبي سيتكرّر وبتسارع في مناطق القتال الأخرى، وبالتالي دخول الحرب عسكرياً مرحلة المفاجآت والانهيارات المتدحرجة.
انتصارات سورية، التي خطفت أنظار العالم، رافقت وداع الزعيم الكوبي فيديل كاسترو الذي بكاه السوريون صديقاً لدولتهم وشعبهم وقضيتهم التي بقيت فلسطين عنوانها وبقي كاسترو من أشدّ الأوفياء لها، رغم تخلي أغلب الحكومات العربية عنها، وبوداع كاسترو إلى التاريخ الذي سيحفظه قائداً فذاً صمد وحيداً مع جزيرته وشعبه في فم التنّين الأميركي نصف قرن حتى تراجع مَن قرّر اغتياله وغزو بلاده لمصالحته، فجاء الرئيس الأميركي باراك أوباما عارضاً السلم عليه قبل أن يرحل.
الانتصارات السورية العسكرية تلاقت مع انتصارات سياسية محورها التغيير الجاري بسرعة في بلاد الغرب، فبعد أميركا جاء دور فرنسا لخوض التهيّؤ للانتخابات الرئاسية على إيقاع التنافس تحت عنوان الحرب على الإرهاب بين مفهوم النفاق السياسي والطموحات الاستعمارية، ومفهوم التعاون من موقع مصلحة الدولة الوطنية مع الدول الوطنية التي تخوض حربها على الإرهاب، وفي طليعتها الدولة السورية. وقد منح الفرنسيون تصويتهم لفرنسوا فيون بوجه آلان جوبيه وهو يدعو للتعاون مع الرئيس السوري بشار الأسد والتحالف مع روسيا كضرورة للفوز في الحرب على الإرهاب.
لبنانياً، بقي الحال الحكومي يراوح بلا جديد، وكان الجديد ما كشفه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم عن ظهور مفاوض جدي في قضية العسكريين المخطوفين لدى تنظيم داعش، بينما أنهى تيار المستقبل مؤتمره الثاني بانتخاب مكتب سياسي أغلبه من الوجوه الجديدة، منتخباً الرئيس سعد الحريري رئيساً وأحمد الحريري أميناً عاماً، منتسباً لنادي أحزاب الديمقراطية العائلية.
لم يطرأ أي جديد في عطلة الأسبوع على التأليف الحكومي. لا تزال الامور تراوح مكانها أقله على صعيد عقدتي حقيبتي الأشغال والتربية. وفيما لا يزال الموقف القواتي على حاله من الحصص الوزارية ضمنها الأشغال لا يزال تيار المردة على موقفه الرافض لحقيبة التربية. وبانتظار أن يعود رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من زيارته الى اميركا اللاتينية، ستنشط الاتصالات على خط عين التينة بنشعي بيت الوسط في محاولة لإيجاد مخرج للعقد الثانوية.
ورأى نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم من القماطية أن لا داعيَ ليتأخّر تأليف الحكومة، لافتاً الى أن عقبات التأليف ليست جوهرية، وهي تتطلب بعض المرونة ونتيجتها إيجابية للجميع، مؤكدًا أن الحزب «لن يوفر جهداً لقيام الدولة وبنائها لأبنائها، لا لتحقيق المكاسب الشخصية والفئوية فلسنا ممن يسعون لاستحقاقات تعويضاً عن خسائر مالية أو سياسية، نحن نسعى لإنجاز الاستحقاقات لخدمة الناس وحماية الوطن. وهذه مكرمة يعرفها ويشعر بها الجميع».
وأكدت مصادر في تيار المستقبل لـ «البناء» ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة كحد أقصى قبل الاعياد، مشيرة إلى «أن من يعطل التأليف هو مَن يقف خلف تيار المردة ويدعم موقفه برفض حقيبة التربية». وشددت المصادر على «أن الرئيس سعد الحريري يريد تأليف الحكومة بأسرع وقت للانصراف الى إقرار قانون انتخابي وإجراء الانتخابات النيابية في ايار المقبل»، مشددة على ان النقاشات الانتخابية تتمحور حول المختلط والدمج بين الصيغتين اقتراح الرئيس نبيه بري والاقتراح الثلاثي .
وتحدثت المصادر عن «اقتراح إدراج وزارة الصحة ضمن حصة حزب القوات، مقابل إعطاء وزارة الأشغال لتيار المردة لكن الامور لم تنضج بعد». وسألت المصادر هل يتخلى الرئيس نبيه بري عن الأشغال أصلاً؟
وشدد الوزير السابق يوسف سعادة على ان تيار المردة لن يشارك في الحكومة في حال عدم حصوله على الحقيبة التي يريدها، لافتاً إلى أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري أعلن بشكل واضح أنه لن يشارك بدون المردة، مشيراً إلى أن التيار يطلب بالحصول على حقيبة من 3، متسائلاً: لماذا يعتبرون أن هذا الأمر عقدة؟ مضيفاً «من يرى أن هذا المطلب عقدة هذه مشكلته».
وفي إطار الزيارت العربية والخليجية والإقليمية الى لبنان لتهنئة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، يصل وزير خارجية تركيا مولود جاويش اوغلو الى بيروت اليوم، حاملاً رسالة خاصة من الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى الرئيس عون، تتناول بالإضافة الى التهنئة بانتخابه رئيساً، قضايا الساعة والتطورات الإقليمية، خصوصاً تلك المتعلقة بالأزمة السورية لا سيما على مستوى ملف النزوح الذي يعني مباشرة بيروت وأنقرة. ومن المقرّر أن يلتقي أوغلو الرئيسين نبيه بري وتمام سلام والرئيس المكلف سعد الحريري.
أمنياً، لفت المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم أن الوضع الصحي لأمير تنظيم «داعش» احمد يوسف امون والذي أوقفته مخابرات الجيش في عملية عرسال لا يسمح له حتى الآن بالإدلاء باي معلومات، معتبراً ان عملية عرسال خطوة كبيرة على طريق استقرار البلد. وأكد أننا في طور التعامل مع وسيط آخر في ملف العسكريين المخطوفين لدى تنظيم «داعش» ونأمل أن يكون جدياً، فنحن نتابع الملف لحظة بلحظة والمشكلة أنه لم يكن هناك من مفاوض جدي، وهذا الوسيط الجديد يبدو أكثر جدية ممن سبقه.
من ناحية أخرى، اختتم تيار المستقبل مؤتمره العام الثاني، الذي عقده أمس وأمس الاول، في مجمع البيال، بانتخاب سعد الحريري رئيساً للتيار بالتزكية، وأحمد الحريري أميناً عاماً. وانتخب المؤتمر الذي شارك فيه 2400 ناخب، 20 عضواً للمكتب السياسي، بعد رفع عددهم بناء على توصية الرئيس الحريري. واعتبرت قيادية لـ»البناء» أن جيل الشباب باتت له الحصة الأكبر في المكتب السياسي، مشيرة إلى «أن هناك أسماء وصلت وأسماء أخرى لم تصل، رغم رغبة الرئيس الحريري بوصولها». ولفتت المصادر الى انها تتطلع الى المرحلة المقبلة والعمل بجهد آخذين بعين الاعتبار ما نوقش داخل المؤتمر من تحديات وجهها تيار المستقبل داخلياً وعلى المستوى السياسي».