سورية تمنح السفير البابوي في دمشق رتبة الكاردينال!؟
جودي يعقوب
غداة إعلان البابا فرنسيس عن تعيين 17 كاردينالاً جديداً من بينهم السفير الباباوي في سورية المونسنيور ماريو زيناري، لم يخفِ سيادته التأثّر الكبير الذي شعر به لدى تلقّيه هذا النبأ واصفاً إيّاه بالمفاجأة، ومعتبراً أنّ القبّعة الحمراء التي سيرتديها هي مُهداة إلى سورية وضحايا سورية وجميع الأشخاص المتألّمين، وخصوصاً الأطفال الذين يدفعون ثمن هذه الحرب الرهيبة.
«البناء» التقت الكاردينال زيناري في مقرّ إقامته في الفاتيكان، فقال إنّه عندما أعلن البابا فرنسيس قبل شهر أسماء 17 كاردينالاً جديداً كان اسمي أول أسم، وأيضاً جاء في نصّ تعييني أنّني سأبقى سفيراً بابويّاً في سورية «البلد المعذّب والمحبّب»، هذا التعبير كان جميلاً جداً ومؤثّراً جداً.
أنا لم أصدّق في البداية، واستقبلت الخبر كمفاجأة ولم أصدق أنّ البابا سيجعل مني كاردينالاً، وبقيت بضعة أيام مشوّشاً، وهذا التعيين بالنسبة لي قويّ جداً، ولكن بعد أيام فكّرت أنّ الأمر جيد من قبل البابا من أجل سورية المحبّبة والمعذّبة،
هذا فعل حبّ، وخصوصاً اتجاه سورية من قِبل البابا فرنسيس، هذا لم يكن من أجلي بل من أجل سورية.
الكاردينال يرتدي الثوب الكاردينالي الأحمر، واللون الأحمر يدلّ على الدم، والكاردينال يجب أن يكون جاهزاً ليقدّم حياته من أجل الإيمان المسيحي وحماية الكنيسة، وأنا فكّرت أنّ هذا اللون الأحمر هو لون الدم لجميع الأبرياء في سورية
وخصوصاً الأطفال، وعندها فكّرت أنّ البابا قام بفعل حسن وجيد، والبابا أعطاني هذه الرتبة الكارديناليّة لسورية وللكثير من الأطفال الأبرياء الذين ماتوا وأصبح هناك كثير من الدماء…
إذاً، سأرتدي هذا الثوب الكاردينالي الأحمر دائماً وأفكر بسورية المعذّبة، هذا فعل نادر من قِبل قداسة البابا ولأول مرّة يعيّن كاردينالاً سفيراً له، ويحافظ على مكانته في سورية، ولأول مرة في تاريخ السفراء البابويّين لا يوجد سفير بابوي كاردينال، إذاً هذا شيء جديد وفعل محبّة وتضامن من قداسة البابا مع الشعب السوري، وحتى يقول إنّ ممثّلي في شخصي أنا المونسنيور ماريو زيناري أمنحه هذه الرتبة الكارديناليّة. ونحن السفراء البابويّون متواجدون في 180 دولة، والبلد الوحيد الذي يوجد فيه سفير بابوي برتبة كاردينال هو سورية. والكاردينال هو أعلى رتبة كنسيّة كاثوليكية، ويُعيّن من قِبل البابا ليصبح فور تعيينه عضواً في مجمع الكرادلة ومهمّته انتخاب بابا جديد في حال تنحّي أو وفاة البابا الحالي.
والبابا عوّدنا دائماً أنّه لا ينسى سورية في صلواته واهتماماته، ولا بدّ أن تكون الصلاة مُرفقة بسلاح التضامن والاهتمام، لذا يندرج قرار البابا فرنسيس ضمن سلسلة من المواقف السابقة التي أظهر فيها القرب والقلق والاهتمام بما يجري في سورية، وإنّ اختيار رئيس الأساقفة ماريو زيناري هو تعبير آخر من تعابير هذا الاهتمام، فمن خلال هذا القرار أراد البابا التعبير عن لفتة كبيرة من القرب من سورية، فهي علامة على التعاطف الإنساني والكنَسي مع الشعب السوري،
وخاصة أنّ البابا يريد حضور كاردينال في سورية بصفة سفير بابوي، وهذا يشكّل رسالة هامّة يريد أن يوجّهها البابا فرنسيس، خصوصاً أنّ هذا الأمر لم يسبق له مثيل، فهو أمر جديد واستثنائي أن يبقى الكاردينال سفيراً في البلد الذي عُيّن فيه، وخصوصاً أنّ الكاردينال المعيّن رافق الكنيسة في سورية منذ فترة طويلة، وكان قريباً من الأهالي الذين يعانون من ويلات هذه الحرب، وحتى في ظروف محفوفة بالمخاطر بقيَ إلى جانب الناس ولم يتخلَّ عنهم، وهم نفس الشعب الذي يعاني اليوم ويلات الإرهاب ويقاتل ضدّ التطرّف والفكر التكفيري نيابة عن العالم أجمع.
سورية إذن، هي التي منحت السفير البابوي في دمشق رتبة الكاردينال، لذا نتمنّى أن يكون تعيين الكاردينال الجديد في هذا المنصب مساهماً في حلحلة الوضع في أمّتنا التي وجدت نفسها في وسط معركة ضدّ التطرّف والفكر التكفيري، والعمل على إيجاد حلول جذريّة لها عبر مواجهة الإرهاب الذي تحاربه سورية اليوم نيابة عن العالم أجمع.
فقرار البابا فرنسيس بمنح درجة الكاردينال للسفير الفاتيكاني في سورية تتجاوز مجرّد الصيغ الدبلوماسيّة، بل هي شهادة حيّة من قرب الكنيسة من الشعب السوريّ بكامله، وعلامة رجاء لتعزيز عوامل الانتصار في سوريانا لتزهر من جديد وتعطي ثمار الخلاص…