الحريري يتزوّد من عون بالتصرف بسلة الاتصالات والصحة والتربية والأشغال قانصو من دمشق: الشام أقرب للنصر… والحلّ السياسي يكون سورياً أو لا يكون

كتب المحرّر السياسي

على إيقاع سيلازم الفترة المتبقية من ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما، وتمهّد الطريق لواقع جديد يلاقي تسلّم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مقاليد الحكم، يواصل الجيش السوري وحلفاؤه التقدم في جبهات شرق حلب، ويتدفق سيل الناس الخارجة من جحيم الإرهاب في الأحياء التي تحرّرت من الأسر، فصار واضحاً أنّ موعد ترامب مع البيت الأبيض سيكون مع حلب بعيون خضراء لا يرفرف في سمائها إلا علم الدولة السورية، ولا أفق فيها لمشروع جبهة النصرة ومَن معها ومَن خلفها.

الاستعداد للمرحلة المقبة حيث لا تدير السعودية حروب المنطقة وسياساتها، عبر عن ذاته في اليمن بولادة حكومة في صنعاء مقابل حكومة عدن لفرض التفاوض بين حكومتين، وفرض سياق التفاوض لنهاية ليس فيها مكان لتنازل طرف لطرف في الملف الأمني بل توحيد المناطق والسلاح بين شطرين يمينيّين في ظلّ الحكومتين بحكومة موحّدة.

هذا السياق الإقليمي المقبل يلاقيه ترامب باستكمال فريقه الأمني والدبلوماسي فعيّن أمس، الرئيس السابق للمخابرات الأميركية الجنرال ديفيد بتريوس وزيراً للخارجية بعدما كان بتريوس من أوائل الذين راهنوا على التحالف مع جبهة النصرة والداعين للحرب على سورية والأقرب لفريق هيلاري كلينتون، ليبدو كمحترف عسكري ودبلوماسي واستراتيجي مطلوباً لفريق ترامب وفق سياسات مختلفة وخيارات يكون الواقع قد رسم معالمها، يتصدّرها التعاون مع روسيا والانفتاح على سورية، وطي صفحة النصرة، ويتصدّر مايكل فلين مستشار الأمن القومي الجديد الذي عيّنه ترامب صناعة السياسة التي تنسجم مع هذه المرحلة، بينما يبدو خصمه خلال السنوات الماضية بتريوس مطلوباً لدبلوماسية أمنية وتفاوضية ومقدرة على نيل القبول في الكونغرس، حيث وزير الخارجية لا يثبت تعيينه إلا بعد قبوله في الكونغرس بينما مستشار الأمن القومي لا يحتاج هذا المعبر الإلزامي.

لبنانياً، كانت زيارة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون لاستعراض المخارج المحتملة من الأزمة الحكومية، والحصول على التفويض اللازم لاستعمال ما بيد تيار المستقبل والتيار الوطني الحر من الحقائب، والبحث بفرضيات تعديلات على الحصص أو على العدد المفترض للحكومة للبحث في سيناريوات تتيح ولادة لا تتخطّى موعد الأعياد، وفي هذا السياق قالت مصادر متابعة لـ«البناء» إنّ التفاهم بين الرئيسين وضع بيد الرئيس الحريري فرص التحرك بحقائب الاتصالات والأشغال والتربية والصحة، والتمسك بصيغة الأربعة وعشرين وزيراً، فيما لفت الانتباه ظهور ما يشبه حملة منظمة تطال الحزب السوري القومي الاجتماعي في قنوات تلفزيونية محسوبة سياسياً على قوى معنية بالتشكيل الحكومي، كمحاولة لتعبئة مناخات تمنح ذرائع الاستبعاد من التشكيلة الحكومية مقابل مناخات معاكسة تؤكد حتمية تمثيلهم.

القوميون كانوا يحتفلون في دمشق بالذكرى الـ 84 لتأسيس حزبهم، حيث شهد فندق شيراتون حفل استقبال توافد إليه حشد كبير من المهنّئين والشخصيات الرسمية والمسؤولين وأعضاء مجلس الشعب وممثلي الأحزاب والقوى السياسية والأهلية والشعبية…

قانصو: سورية أقرب الى النصر

أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير السابق علي قانصو أن سورية أقرب إلى النصر من أيّ وقت مضى، ودعا لحشد كلّ الطاقات في ساحات القتال تحت لواء الجيش السوري، وبيّن أنّ الشعب السوري وحده يقرّر مستقبله السياسي «فالحلّ السياسي إما أن يكون صناعة سورية أو لا يكون… وكلّ حلّ سياسي لا يحفظ وحدة سورية وتنوّعها ونهجها القومي مرفوض»، مشيراً الى أن العراق سيهزم الإرهاب، وسينتصر شعبه على كلّ أسباب الفرقة والشقاق، وسيسقط مشروع تفتيته ويستعيد وحدته، ودوره في محيطه القومي.

وخلال حفل استقبال حاشد أقامه الحزب بمناسبة الذكرى الـ 84 لتأسيسه في فندق الشيراتون بدمشق، بحضور رسمي وسياسي وحزبي ونقابي وشعبي، شدّد قانصو على أن «قيمة أنطون سعاده في راهنيته فكلّ ما رآه منذ العام 1932 من تحديات وأخطار وما وضعه من مشروع للمواجهة ما زال حتى يومنا حاجة لأمتنا لاستعادة سيادتها ونهضتها ودورها في العالم»، وأشار قانصو الى أن «النعرات المذهبية والطائفية التي حذّر منها سعاده هي إلى استعار واشتعال وهي مصدر هلاك للأمة ولا خلاص لنا منها إلا بالدولة المدنية القائمة على فصل الدين عن الدولة وإلاّ بالوعي القومي الذي يصهرنا في بوتقة الشعب الواحد».

الحكومة في حلقة مفرغة

لا تقدّم على صعيد تأليف الحكومة وعملية المفاوضات تدور في حلقة مفرغة، رغم التفاؤل بولادتها نهاية الأسبوع الحالي، أما الرئيس المكلف سعد الحريري فلم يقدّم أي صيغة نهائية الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال زيارته الثالثة إلى بعبدا أمس، بل حمل جملة من الأفكار تدور حول كيفية تذليل العقد المتبقية ودرس الخيارات المتاحة.

وأكد الحريري بعد اللقاء تفاهمه مع رئيس الجمهورية على الأمور كافة، لافتاً الى وجود بعض العقبات في مسار تشكيل الحكومة و«سنحاول حلحلتها»، ومشدداً على أن مصلحة البلد والمواطن هي الأهم.

ولفت الى أن الرئيس عون حريص على اقتصاد البلد، خصوصاً أن هناك مؤشرات إيجابية كثيرة ظهرت بعد انتخاب فخامة الرئيس ونحن سنستكمل الخطوات بالتشاور مع فخامته». وعن عقدة الأشغال والعلاقة مع رئيس المجلس نبيه بري، أجاب: «نحن مع الرئيس بري ظالماً كان أم مظلوماً».

وأشارت أوساط تيار المستقبل لـ«البناء» الى أن «زيارة الرئيس الحريري الى بعبدا تأتي في إطار التنسيق والتشاور مع الرئيس عون وليس بالضرورة أن يقدم الرئيس المكلف تشكيلة وزارية لرئيس الجمهورية عند كل زيارة، بل من واجبه أن يضع رئيس الجمهورية في صورة الجهود التي يقوم بها وتقديم اقتراحات لحل العقد والتداول في الصيغ المقترحة»، مشيرة الى أن «الرئيس عون أبدى كل تعاون مع الرئيس المكلف ويعمل على مساعدته في تذليل بعض العقد، فتأليف الحكومة عملية مشتركة بين رئيسي الجمهورية والحكومة اللذين يريدان تشكيلها في أسرع وقتٍ ممكن وترضي الجميع وما نشهده من التكليف حتى الآن أمر طبيعي».

ولفتت الى أن «العقد باتت محصورة بشروط المردة بتولي حقيبة الاتصالات أو الطاقة أو الأشغال للمشاركة في الحكومة ودعم الرئيس بري لموقفها، لكنها تساءلت: هل هذا الشرط قابل للتحقق في ظل في ظل اتساع مروحة القوى المشاركة في الحكومة وتوسع وتنوع مطالبها؟ وأكدت الأوساط نفسها أن «العلاقة بين الرئيسين بري والحريري جيدة وأوضح الرئيس المكلف ذلك من قصر بعبدا بأنه مع رئيس المجلس ظالماً أم مظلوماً، فكيف تكون العلاقة سلبية بينهما؟ مشدّدة على أن لا الحريري ولا عون سيسمحان بأن تطول مدة التأليف عن المعقول».

وقالت مصادر نيابية لـ«لبناء» إن «عملية التأليف تراوح مكانها ولم تقدم أفكار جديدة ولا تعديلات على الصيغة الحالية، وكل ما طرح أمس، مجرد تسريبات لم تؤكد». وأفادت مصادر أخرى لـ«البناء» أن «الحريري أطلع الرئيس عون على مسار جهوده في الأيام الأخيرة والعقد المتبقية، كما عرض عليه صيغة لحل عقدة المردة تفاهم عليها مع الرئيس بري، كما تشاورا بالخيارات لإتمام عملية التأليف». بينما ترددت معلومات لـ«البناء» لم تتأكد صحتها عن «استعداد لدى الحريري للتنازل عن حقيبة الاتصالات لتيار المردة وبقاء الأشغال مع التنمية والتحرير وذلك لتسهيل ولادة الحكومة»، لكن مصادر مستقبلية نفت علمها بذلك.

تفاؤل في بعبدا..

ونقل زوار الرئيس عون عنه قوله لـ«البناء» إن «الحكومة ستبصر النور خلال الأسبوع الحالي وإن لا عقبات جوهرية تعترض عملية التأليف كما أنه لم يفرض توقيتاً معيناً على القوى السياسية للتأليف ولم يقل إنه سيوقع مراسيم تشكيل الحكومة إذا لم يتم التوافق آخر الشهر المقبل».

وأشارت مصادر قيادية في «التيار الوطني الحر» لـ«البناء» إلى أن «التعقيد الحكومي ليس عند الرئيس عون»، مرجحة ولادة الحكومة آخر الأسبوع الحالي، مستبعدة أن تطول مدة التأليف كثيراً، موضحة أن «أحداً لا يتحمل مسؤولية حلول الأعياد من دون حكومة وشل البلد والمؤسسات لا سيما وأن هذه الحكومة لن تعيش أكثر من ستة أشهر ووظيفتها إجراء قانون انتخابات جديد وانتخابات نيابية»، وأوضحت أن «مسألة التأليف لا تزال عالقة عند خلاف مثلث المردة – بري – القوات». وأكدت المصادر أن «سفر رئيس التيار الوزير جبران باسيل لن يؤثر على قرار الرئيس عون بتوقيع مراسيم الحكومة إن حظيت برضى الجميع ولو أن باسيل ضمن التشكيلة وحضوره ضروري».

ولفتت الى أن «العلاقة جيدة بين الرئاستين الأولى والثانية رغم بعض الاختلاف في الرؤية تجاه بعض الأمور ولا تحتاج لوساطات بل خطوط التواصل مفتوحة»، مؤكدة أن «سياسة عون الجديدة هي الانفتاح على الجميع وبالتالي الكرة في ملعب الاطراف الأخرى التي يجب أن تتعاون لانطلاقة قوية للعهد».

وأكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مواصلة العمل على حلحلة عقد تأليف الحكومة، لافتاً في المقابل الى أنه لن يتساهل في العمل لتأمين حقوق الناس وتطبيق العدالة ومنع الفساد وقيام المؤسسات والوزارات بدورها كاملاً. وأشار عون خلال استقباله أمس في قصر بعبدا وفوداً سياسية وروحية واجتماعية، الى «أن الأجواء الشعبية ممتازة، وكذلك الأجواء الدولية والعربية، ولا سيما مع كل دول الخليج»، مشدداً على أن «مهمتنا كانت إعادة الاستقرار والوفاق، أما الآن فإن الاهتمام ينصبّ على إعادة بناء الدولة».

.. وبري متمسّك بفرنجية والأشغال

ونفت مصادر مقربة من الرئيس بري لـ«البناء» أن «يكون رئيس المجلس قد وافق على وزارة الصحة بدلاً من الأشغال»، مؤكدة أنه لم يعرض الرئيس المكلف على بري ذلك لكي يقبلها أو يرفضها ولم يتم طرح الموضوع ولا النقاش فيه»، وشدّدت على أن بري متمسك بتمثيل رئيس المردة سليمان فرنجية بحقيبة أساسية ومن حصة المسيحيين وليس من حصته ولن يدخل الحكومة من دونه، لأن فرنجية له حضور وكتلة نيابية ومن حقه أن يُمثل». كما أنه «متمسك بحقيبة الأشغال كما يتمسك الآخرون ببعض الحقائب كالداخلية والخارجية والدفاع». وأضافت المصادر: «إذا كان تشكيل الحكومة قبل عيد الاستقلال كان معجزة فإن تأليفها قبل الأعياد سيكون إنجازاً».

وكان الرئيس بري قد التقى الوزير وائل أبو فاعور في عين التينة موفداً من رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، وعرض الجانبان الاوضاع العامة والوضع الحكومي بشكل خاص.

سلامة: الليرة مستقرة

على صعيد آخر، أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن الليرة اللبنانية مستقرة وستبقى كذلك، «ولدينا الإمكانات وليس النية فقط، للمحافظة عليها». وقال: «إن الليرة هي ركيزة للثقة بالقطاع المالي عموماً وللاستقرار الاجتماعي أيضاً، لذا، سيبقى مصرف لبنان على سياسة التثبيت النقدي، ونجح في امتلاك الإمكانات للدفاع عن الليرة دون أن يرفع الفوائد، وهذا سيساعد في استمرار التسليفات بالفوائد الحالية». وأوضح سلامة أن مصرف لبنان أطلق للعام الخامس على التوالي، رزمة من التحفيزات للعام 2017 بقيمة مليار دولار موجّهة لقطاع السكن وللقطاعات الانتاجية، «وهذا التحفيز يساهم في نصف النمو السنوي كنسبة إضافية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى