موسكو تمنع بيان يحاصر اليمن وقرار يعاقب سورية… في مجلس الأمن التداول بجلسة نيابية لإقرار قانون الانتخاب كشبكة أمان تزيل الشكوك الحكومية

كتب المحرّر السياسي

بينما يواصل الجيش السوري وحلفاؤه التقدّم في أحياء حلب الشرقية تركّزت عمليات أمس، على دكّ قلاع جبهة النصرة جنوب شرق حلب، خصوصاً في حي الشعار الذي سجل الجيش السوري تقدّماً نوعياً فيه، إضافة لتقدّمه في أحياء القاطرجي والجزماتي والمعصرانية والسكن الشبابي والإمساك بطريق مدينة الباب – حلب، بينما سجّل في الساعات الثماني والأربعين الماضية فرار أربعين ألفاً من سكان المناطق الخاضعة لسيطرة جبهة النصرة، إلى مناطق تواجد الجيش السوري، وكان لافتاً تسارع عمليات الجيش والحلفاء قياساً بالأسابيع الأولى لمعارك حلب، حيث استردّ الجيش وحلفاؤه خلال ثلاثة أيام قرابة السبعين بالمئة من مساحة أحياء شرق حلب، وما تبقى هي المناطق التي تتمركز فيها قيادات جبهة النصرة، والجماعات الوافدة لصفوفها من الأجانب، بينما توسّعت رقعة انتشار الجيش السوري في ريف دمشق مع خروج مسلحي خان الشيح وإنجاز التفاهم على خروج مسلحي التل وتقدّم الجيش في الغوطة، خصوصاً في أطراف دوما التي تضيق حولها الدائرة بعد تقدّم واسع للجيش في بلدة الميدعاني وبلوغه دوار الكهرباء فيها ومسارعة مسلحي القلمون الغربي للقبول بتسليم أسلحتهم.

في السياق المرتبط بمسارات المعارك في حلب أعلنت موسكو عن أوامر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنقل مستشفيات ميدانية جواً إلى حلب لتأمين الحاجات الطبية للمدنيين الخارجين من الحصار الذي فرضته الجماعات المسلحة على خروجهم من مناطق سيطرتها، بينما لوّح مندوب روسيا في مجلس الأمن فيتالي تشوركين باللجوء إلى الفيتو في حال طرح مشروع فرنسي يهدف للضغط لوقف العمليات السورية في حلب والتهديد بالعقوبات، بعدما أفشلت موسكو إصدار بيان رئاسي عن مجلس الأمن يستهدف تشكيل حكومة صنعاء، معتبرة أنّ ذلك يعقد فرص الحلّ السياسي، بينما المطلوب وقف أممي جامع يؤكد على أهمية مواصلة الجهود لحلّ سياسي يقوم على المبادرة التي خرجت من مسقط بعنوان وقف النار والسير نحو حكومة يمنية موحّدة.

لبنانياً، لا تزال الحكومة عالقة في عنق زجاجة العجز عن التوفيق بين مقتضيات حكومة وحدة وطنية متفق عليها تمهيداً لإقرار قانون انتخاب جديد، وبين التشكيلات القائمة على التمسك بثلث معطّل يمنع تشكل الثلثين اللازم لإقرار قانون الانتخابات. ففي حجم حكومة الأربعة وعشرين وزيراً الذي يجري التمسك به بلا أسباب موجبة تبرّر تسبّبه بتعطيل ولادة الحكومة، إلا الحفاظ على الثلث المعطل لإقرار قانون جديد، توفره صيغة الأربعة والعشرين ولا يتحقق في صيغة الثلاثين وزيراً لثنائي الرابع عشر من آذار الممثل بتيار المستقبل والقوات اللبنانية، بينما يبقى تمثيل الثامن من آذار محكوماً بسقف دون الثلث في صيغة الأربعة والعشرين ويقترب منها في صيغة الثلاثين من دون أن يمتلك في الحالتين ثلثاً معطلاً لا يسعى أصلاً لامتلاكه.

الصلة بين قانون الانتخاب ونيات التعطيل لفرض السير بالانتخابات على أساس قانون الستين صارت هي العنوان المسيطر على القراءة السياسية للمأزق الحكومي، خصوصاً في ظلّ ما يُشاع عن سعي لتشكيل حلف ثلاثي يضمّ المستقبل والقوات والتيار الوطني الحر، إذا تمّت الانتخابات على أساس قانون الستين لإغلاق الأبواب على الشركاء في التمثيل في بيروت وجبل لبنان والشمال والبقاعين الأوسط والغربي، وتحقيق حجم نيابي يقارب ثلثي مجلس النواب الجديد.

في ملاقاة هذه الصلة دعت مصادر في الثامن من آذار إلى تطمينات تسهّل الحلحلة الحكومية، تتصل بإثبات حسن النيات تجاه قانون الانتخابات الجديد الذي ورد كتعهّد في خطاب القسم لرئيس الجمهورية، بسقف زمني هو ما قبل الانتخابات المقبلة. وقالت هذه المصادر إنّ إبقاء الحديث عن القانون مغفلاً حتى تشكيل الحكومة، لا يطمئن لأنّ النقاشات قد استنفدت حول الصيغ المتداولة في اللجان النيابية، ولم يبق إلا الاختيار، بين قانون مختلط للنظامين الأكثري والنسبي، أو قانون الحكومة السابقة التي ترأسها الرئيس نجيب ميقاتي، وكلاهما موجود في المجلس النيابي ولا يحتاج إقرار أي منهما إلا للتفاهم على جلسة نيابية يمكن عقدها خلال أيام إذا تمّ التوافق على ذلك. وقالت المصادر طالما أنّ التيار الوطني الحر وتيار المستقبل يتمثلان برئاستي الجمهورية والحكومة، فإنّ ما يتفقان عليه سيكون حكماً أبرز ما سيعرض على الحكومة إذا كانت النيات بوضع قانون جديد، واستباق الحكومة بإقرار هذا المشروع في مجلس النواب سيطمئن الجميع ويبدّد الشكوك، خصوصاً انّ التيار الوطني الحر يتلاقى مع قوى الثامن من آذار على النظر لقانون النسبية كأساس للعملية الإصلاحية، وتيار المستقبل يمثل أبرز وأكبر كتل الرابع عشر من آذار. والتوافق هنا يُنهي الأمر في مجلس النواب، علماً أنّ إقرار القانون نيابياً لا يحتاج إلا للأكثرية العادية، بينما يحتاج إقرار مشروع القانون في الحكومة إلى الثلثين.

شهر على التكليف ولا حكومة

لم تسفر مفاوضات اليومين الماضيين عن معطيات جديدة تؤشر الى ولادة الحكومة نهاية الأسبوع الحالي أو في المدى المنظور رغم مرور الشهر الأول على التكليف في ظل تمترس قوى التشكيل بمطالبها وشروطها الأمر الذي يضع رئيسا الجمهورية والحكومة أمام خيارات صعبة كتوقيع مرسوم تشكيل الحكومة بمن حضر أو الانتظار والرهان على حكمة الأطراف في تغليب مصلحة الوطن على مصالحها.

رغم أجواء التشاؤم التي خيّمت أمس، على المسار الحكومي والتعقيدات التي برزت، غير أن جهود المعنيين لم تتوقف عبر جوجلة الصيغ ونقاش الخيارات وتذليل العقد الأخيرة. وأشارت مصادر مطلعة لـ «البناء» الى أن «رئيس الجمهورية يعمل جاهداً ويواصل الاتصالات لتشكيل حكومة ثلاثينية تتمثّل فيها كل القوى السياسية لتشكيل حكومة وحدة وطنية»، ولفتت الى أن «الرئيس ميشال عون يرى أحقية تمثيل الحزب السوري القومي الاجتماعي ورئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال أرسلان في الحكومة اللذين دعما وصوله الى رئاسة الجمهورية بحقائب أساسية أكثر من قوى أخرى». في المقابل تتحدّث أوساط سياسية لـ «البناء» عن «إصرار الرئيس المكلف سعد الحريري على تشكيل حكومة من 24 وزيراً»، وتستبعد المصادر في الوقت نفسه «تشكيل الحكومة قريباً وأن الأمور لا تزال معقدة».

هل يفعلها الحريري؟

واستغربت مصادر مواكبة لعملية التأليف في تيار المستقبل الحديث عن نية لدى رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بإعلان حكومة العهد الأولى بمعزلٍ عن قوى 8 آذار، موضحة لـ»البناء» أن «خطوة كهذه لن تحل الأزمة وستشكل ضربة للعهد في مهده ولم يعتد الحريري على هذه الخيارات النارية التصعيدية»، لكنها أشارت الى أن «عقدة المردة والوزير الشيعي لرئيس الجمهورية هما راس جبل الجليد، بل الأمر يخفي نية لدى الرئيس نبيه بري لتكريس المشاركة في السلطة التنفيذية بدعم من حزب الله»، ولفتت الى أن «حكومة لا تستطيع استيعاب كل مكونات 8 آذار وبالحقائب التي يطلبها بري لها، لذلك لا بدّ من أن يخفض بري سقف مطالبه، علماً أن الحريري تخلى أيضاً عن تمثيل بعض حلفائه في 14 آذار كالمستقلين والوطنيين الأحرار وغيرهم».

وعن خيارات الرئيس المكلف إذا ما تعقد مسار التأليف، أضافت المصادر أن «اعتكاف الحريري عن متابعة مهمته لن يقدّم ولن يؤخّر ولن يؤدي الى لجم مطالب القوى الأخرى، لذلك سينتظر ويستكمل مساعيه حتى التوصل الي صيغة توافقية ولا خيار غير ذلك». وأوضحت أن «الحريري لا يستطيع التنازل من حصته أكثر من ذلك وفي حال تنازل عن الاتصالات للمردة، فماذا يبقى للمستقبل؟ لافتة الى أن «أحد أسباب التصويب على التيار من جمهوره والانشقاقات التي حصلت هي مغالاة الحريري في التضحية في الكثير من الملفات».

لا موعد محدّد للتأليف

وأشار مصدر مطلع في 8 آذار لـ «البناء» أن «لا موعد محدد لتشكيل الحكومة»، موضحاً أن «حقيبة يمكن أن تقرّب أو تبعد ولادة الحكومة شهراً وحقيبة يمكن أن تساعد على تشكيل الحكومة خلال ساعات». ولفت المصدر الى أن «أداء الرئيس عون لا يزال كما عهدناه قبل انتخابه رئيساً للجمهورية بالخط والمواقف نفسها»، مشيراً الى أن «الكلمة الفصل ليست له في التشكيلة الحكومية فهناك أطراف فاعلة لها كتل نيابية ولديها مطالب. وهذا ما يؤخر التشكيل».

ورداً على سؤال عن زيارة عون الى السعودية رأى المصدر أن «أي موعد لم يصدر عن فخامة الرئيس والكلام لا يزال في الإطار السعودي، والزيارة لم تقرر بعد والحكومة لم تشكل أيضاً»، مضيفاً: «نثق بعون وبسياسته وخياراته ولا شكوك في أدائه وسلوكه وصدقه».

وأكد الرئيس عون أنه «ملتزم العمل لرفع الغبن عن جميع اللبنانيين لتحقيق العدالة والمساواة في ما بينهم». وشدد على «سياسة الإنماء المتوازن التي سينتهجها خلال ولايته الرئاسية بالتعاون مع الحكومة بعد تشكيلها». ولفت الى «أهمية دور الهيئات الرقابية في تقويم الاعوجاج ومكافحة الفساد والرشوة ورفع يد السياسيين عن عمل الإدارات وأجهزة المراقبة والتفتيش».

ورأى الرئيس عون أن «إحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي اعتمدته الجمعية العمومية للأمم المتحدة منذ العام 1977، يجب أن يشكل حافزاً للمنظمة الدولية لحضّ الدول الأعضاء على التزام تنفيذ القرارات الصادرة عنها، والمتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها القرار رقم 194 الذي ينص على حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم». وأشاد بـ «النضال الفلسطيني الذي أبقى هذه القضية حية في ضمير العالم بعد قرابة 70 عاماً على النكبة»، داعياً كل الأطراف الفلسطينيين إلى «البقاء رزمة واحدة حول القضية الأم».

وأشار الرئيس بري في بيان، في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في ذكرى تقسيم فلسطين، أن «القضية الفلسطينية تبقى بوصلة الشعوب العربية والقضية الاولى حتى ينتصر الحق على الباطل وتقوم الدول الفلسطينية المستقلة الحرة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف».

.. وجلسة للحوار الثنائي في عين التنية

وسط الصعوبات التي تواجه تشكيل الحكومة والتوتر على خط عين التينة – بيت الوسط، عقدت أمس الجولة السابعة والثلاثين من الحوار الثنائي بين «تيار المستقبل» و»حزب الله» في مقر الرئاسة الثانية، بحضور المعاون السياسي للأمين العام لـ «حزب الله» حسين الخليل، الوزير حسين الحاج حسن، النائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن تيار «المستقبل». كما حضر الوزير علي حسن خليل.

وأوضح المجتمعون في بيان أنه جرى البحث في تطورات تشكيل الحكومة وضرورة إنجازها بأسرع وقت ممكن للاستفادة من المناخات الإيجابية في البلد، كما جرى التطرق الى موضوع إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية وإجرائها في موعدها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى